واصلت القوات النظامية السورية، في اليوم الخامس للهدنة، شن هجومها الكبير في جبل الأكراد بمحافظة اللاذقية غرب البلاد، حيث تحاول اقتحام معقل للمعارضة يشرف على ريف جسر الشغور على الحدود الإدارية مع محافظة إدلب. وجاء ذلك فيما وقع انفجار ضخم بسيارة مفخخة استهدف مقراً ل «جبهة ثوار سورية» في محافظة القنيطرة على الحدود مع الجولان المحتل، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 18 من قادة هذه الجبهة وعناصرها. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول معارض والمرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات الحكومية السورية شنت هجوماً الأربعاء على تل تسيطر عليه قوات المعارضة في شمال غربي سورية في توسيع للعمليات المستمرة في هذه المنطقة، على رغم اتفاق وقف العمليات القتالية الذي بدأ سريانه فجر السبت. وقال معارضون أن الهجوم على تل كبانة في محافظة اللاذقية كان مدعوماً بغارات جوية روسية. ويطل التل على مدينة جسر الشغور التي تسيطر عليها قوات المعارضة في محافظة إدلب المجاورة وسهل الغاب. وأورد المرصد السوري في تقرير أمس أن «المعارك العنيفة تتواصل بين جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والفصائل الإسلامية والمقاتلة مدعمة بالحزب الإسلامي التركستاني من طرف، وغرفة عمليات قوات النظام بقيادة ضباط روس ومشاركة جنود روس، بالإضافة إلى الحرس الثوري الإيراني وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف آخر، في محور كبانة بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، إثر هجوم ينفذه الأخير منذ الفجر، يترافق مع استمرار القصف من قوات النظام على مناطق الاشتباك». ولفت المرصد إلى أن معارك كبانة أوقعت خمسة قتلى في صفوف «الحزب الإسلامي التركستاني» وقتيلاً في صفوف فصائل المعارضة، فيما سقط عدد غير محدد من عناصر النظام بين قتيل وجريح. وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد، وفق ما نقلت عنه «رويترز»، أنه إذا استطاعت القوات الحكومية السيطرة على كبانة فستصبح المعارضة في وضع صعب لأن هذا التل يطل على سهل الغاب وجسر الشغور. أما فادي أحمد الناطق باسم الفرقة الأولى الساحلية وهي جماعة تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر، فقال أن قوات الحكومة وقوات أخرى تحاول الإغارة على تل كبانة تحت غطاء جوي روسي كثيف ونيران المدفعية. وقال قائد آخر لقوات المعارضة في شمال سورية أن «المعارك مستمرة في مناطق حيوية يريدها النظام ولم تطبق فيها الهدنة من الأساس. هناك معارك وقصف». وأضاف أن هذا هو اليوم الخامس من الهدنة ولم يحدث أي تغيير ملموس في المنطقة، مشيراً تحديداً إلى محافظات اللاذقية وحمص وحماة. وفي محافظة إدلب المجاورة، ذكر المرصد أن قوات النظام جددت قصفها بعد منتصف ليلة الثلثاء لمناطق في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، دون معلومات عن إصابات. أما في ريف إدلب الجنوبي، فقد سجّل المرصد قصف طائرات حربية لمزارع في بلدة التمانعة، في حين سقطت قذيفتان أطلقتهما قوات النظام على الأراضي الزراعية المحيطة بقرية السكيك بالريف الجنوبي لإدلب. واستهدفت قوات النظام، في غضون ذلك، بالقذائف والرشاشات الثقيلة بلدة مورك وقرية لحايا بريف حماة الشمالي، دون أنباء عن إصابات، كما قصفت مناطق في الريف الشمالي الشرقي لمدينة السلمية بريف حماة الشرقي، وفق المرصد. وفي محافظة حمص (وسط)، ذكر المرصد أن طائرات حربية يُرجّح أنها روسية نفّذت نحو 20 ضربة على مناطق متفرقة في مدينة تدمر الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» بريف حمص الشرقي. وفي شمال سورية، تحدث المرصد عن معارك عنيفة تدور على محاور عدة بريف حلب الشرقي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر، وسط استمرار القصف المكثف من قوات النظام على مناطق الاشتباك ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة التنظيم في الريف الشرقي. أما وكالة «سانا» السورية الرسمية فأوردت، أن وحدات من الجيش النظامي واصلت «عملياتها المكثفة» ضد مواقع «داعش» بريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي و «أعادت الأمن والاستقرار إلى قرية فاح بعد تدمير آخر تحصينات التنظيم التكفيري فيها». وتقع قرية فاح شرق مدينة حلب بنحو 20 كلم على طريق حلب - الرقة. كذلك أشارت «سانا» إلى أن الطيران السوري «وجّه ضربات مكثفة على مقرات وآليات... تنظيم داعش في مدينة الباب» الواقعة شمال شرقي مدينة حلب بنحو 38 كلم. أما المرصد السوري فأشار أيضاً إلى قصف طائرات حربية «يُعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي» مواقع لتنظيم «داعش» في محيط سد تشرين بريف حلب الشمالي الشرقي على ضفاف نهر الفرات. أما في ريف حلب الجنوبي الغربي، فلفت المرصد إلى استمرار الاشتباكات بين «حزب الله» اللبناني وقوات النظام والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وتنظيم «جند الأقصى» و «الحزب الإسلامي التركستاني» و «جبهة النصرة» من جهة أخرى، في محيط بلدتي خان طومان والزربة. كذلك سجّل المرصد «تواصل المعارك بمحور الشيخ مقصود بمدينة حلب، بين وحدات حماية الشعب الكردي من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة أخرى»، مشيراً إلى «استهدافات مستمرة ومتبادلة بين الطرفين». وتابع أنه «ارتفع إلى نحو 20 بينهم مواطنات عدد الأشخاص الذين أصيبوا جراء القصف المستمر من قبل الفصائل وجبهة النصرة على حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي». وفي جنوب سورية، قال المرصد أن 18 مقاتلاً على الأقل هم 4 قادة بالإضافة إلى 14 عنصراً من فصيل «جبهة ثوار سورية» قُتلوا جراء انفجار سيارة مفخخة واحدة على الأقل في مقر للجبهة بقرية العشة الواقعة بريف القنيطرة بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل. ولفت إلى ورود معلومات عن انفجار سيارة مفخخة أخرى، مضيفاً أن عدد القتلى مرشح للارتفاع نظراً إلى وجود عدد كبير من الجرحى بعضهم في حالات خطرة. وفي محافظة درعا المجاورة، جددت قوات النظام استهدافها بالقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة بلدة اليادودة بالريف الشمالي، فيما قُتل قيادي في فصيل مقاتل متأثراً بجروح أصيب بها خلال اشتباكات مع قوات النظام في أطراف حي المنشية بمدينة درعا قبل أيام، وفق ما أورد المرصد. وفي محافظة الرقة (شمال شرقي سورية)، قال المرصد أن طائرات حربية لم يتضح إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي شنّت 3 غارات استهدفت خلالها مقرات وتمركزات لتنظيم «داعش» في منطقتي الفروسية والحوض بمدينة الرقة المعقل الرئيسي للتنظيم في سورية. أما في محافظة دير الزور (شرق)، فأورد المرصد أن اشتباكات عنيفة دارت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر في حيي الجبيلة والموظفين بمدينة دير الزور، «عقب سماع دوي انفجار عنيف بالمنطقة، وتضاربت الأنباء حول ما إذا كان ناجماً عن تفجير التنظيم لعربة مفخخة في المنطقة، أو تفجير التنظيم لنفق أسفل مقر لقوات النظام في المنطقة، اثناء هجوم عنيف شنه التنظيم على قوات النظام في المنطقة». مضيفاً أن مدفعية النظام قصفت الجبيلة والموظفين وحي العمال أيضاً، بالتزامن مع اشتباكات بين الطرفين في مناطق بالجبل المطل على مدينة دير الزور. ولفت إلى شن الطيران المروحي ضربات ضد تمركزات التنظيم في الجبل ومناطق الاشتباك الأخرى. وأضاف أن اشتباكات دارت بين الطرفين في محيط منطقة البغيلية شمال غربي مدينة دير الزور، ترافقت مع استهداف التنظيم لأماكن في منطقة الطلائع وحي الجورة بمدينة دير الزور، فيما حصلت اشتباكات بين الطرفين في منطقة قريبة من حقل التيم النفطي جنوب مدينة دير الزور. وفي إطار مختلف، نقل المرصد عن ناشطين أن التنظيم أبلغ ذوي قاضٍ وابنه من مدينة دير الزور بأنه أعدمهما بتهمة «الردة» بعدما كان قد اعتقلهما قبل شهور أثناء خروجهما من مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة دير الزور. وتابع أن التنظيم فجّر خزان مياه اسمنتياً بمنطقة أبو خشب في ريف دير الزور الشمالي، عند الحدود الإدارية مع محافظة الحسكة، مشيراً إلى أن التنظيم أقدم على ذلك «خشية تقدم قوات سورية الديموقراطية ولمنعها من وضع قناصاتها عليه» في المنطقة. مقتل 43 من «وحدات الحماية» إلى ذلك، قالت وحدات حماية الشعب الكردية السورية أمس الأربعاء إن 43 من مقاتليها قتلوا عندما هاجم تنظيم «داعش» بلدة تل أبيض على الحدود مع تركيا في مطلع الأسبوع. ونقلت «رويترز» عن ريدور خليل المسؤول بوحدات حماية الشعب إن الوحدات انتشلت 140 جثة لعناصر تنظيم «داعش» قتلوا في المعركة التي بدأت يوم السبت وانتهت يوم الاثنين وأبقت الوحدات سيطرتها على البلدة. وأضاف أن 23 مديناً قتلوا كذلك. وانتزعت الوحدات الكردية تل أبيض من التنظيم المتشدد العام الماضي في هجوم دعمته غارات جوية قادتها الولاياتالمتحدة. أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فقال، من جهته، إنه وثّق مقتل «ما لا يقل عن 47 من مقاتلي قوات سورية الديموقراطية» التي تهمين عليها وحدات الحماية الكردية خلال هجوم «داعش» على المنطقة الواقعة بين ريف رأس العين (سري كانيه) الجنوبي الغربي وصولاً إلى أطراف منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمالي الغربي، صعوداً إلى مدينة تل أبيض والحدود السورية - التركية، والذي بدأ فجر يوم الهدنة (27 شباط/فبراير). وأضاف أن ارتفاع الخسائر البشرية جاء «بعد العثور على جثث لمقاتلين من قوات سورية الديموقراطية أعدموا وقضوا على أيدي التنظيم في الريف الجنوبي لمدينة تل أبيض»، موضحاً أن من ضمن ال 47 القتلى هناك «ما لا يقل عن 19 مقاتلاً من أبناء المكوّن العربي» في صفوف «قوات سورية الديموقراطية».