شهد ريفا حلب الشمالي والشمالي الغربي قصفاً هو الأعنف منذ أيام قامت به المدفعية التركية على مواقع تابعة ل «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تصفها أنقرة بأنها «إرهابية»، وسط توقعات باندلاع اشتباكات عنيفة بين الأكراد وبين فصائل سورية معارضة تريد استرداد مناطق فقدتها في الأيام الماضية في ريف حلب الشمالي قرب الحدود التركية. وفي المقابل، حققت «قوات سورية الديموقراطية» التي تهيمن عليها «وحدات الحماية» الكردية، تقدماً في ريف محافظة الحسكة بشمال شرقي سورية، واقتربت أكثر من مدينة الشدادي، معقل تنظيم «داعش» الذي أفيد أنه بدأ في إخلاء عائلات عناصره منها ونقلهم إلى مدينة الرقة، «عاصمته» المفترضة في سورية. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير أمس، أن «ريفي حلب الشمالي والشمال الغربي شهدا (ليلة الخميس - الجمعة) القصف الأعنف من قبل القوات التركية، والذي استمر قرابة 7 ساعات، واستهدف مناطق بريف مدينة أعزاز ... ومنطقة منغ ومطارها العسكري وبلدة تل رفعت وقرى العلقمية ومرعناز المالكية الخاضعة جميعها لسيطرة قوات سورية الديموقراطية بريف حلب الشمالي، وأماكن أخرى في منطقتي جنديرس وأماكن بريف عفرين ومناطق أخرى بعفرين (ريف حلب الشمالي الغربي». وكانت «قوات سورية الديموقراطية» استغلت في الأسبوعين الماضيين هجوماً ضخماً قام به النظام وحلفاؤه في ريف حلب وسيطرت على العديد من البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة. وسمحت تركيا في الأيام الماضية لمئات من عناصر المعارضة بالانتقال من محافظة إدلب إلى ريف حلب الشمالي عبر المرور داخل حدودها وذلك بهدف شن هجوم مضاد لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها «سورية الديموقراطية» التي يهيمن عليها الأكراد. في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات بين «وحدات حماية الشعب» الكردية من طرف، وبين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر، في محاور بني زيد وبستان باشا والشيخ مقصود في مدينة حلب، وترافقت مع استهدافات متبادلة بين الطرفين، بحسب ما أورد المرصد الذي أشار أيضاً إلى اشتباكات عنيفة في منطقة «الفاميلي هاوس» غرب مدينة حلب بين قوات النظام وقوات الدفاع الوطني ولواء القدس الفلسطيني ومسلحين موالين للنظام من طرف، وفصائل إسلامية ومقاتلة من طرف آخر، في أعقاب هجوم كبير تنفذه المعارضة في المنطقة. في غضون ذلك، أكد المرصد مقتل ما لا يقل عن 18 عنصراً من تنظيم «داعش» في اشتباكات مع «قوات سورية الديموقراطية» في محيط سد تشرين بريف حلب الشمالي الشرقي، إثر هجوم لعناصر التنظيم على المنطقة. وتحدث أيضاً عن خسائر في صفوف «القوات الديموقراطية». وفي ريف حلب الشرقي، أفيد أن «داعش» فجّر عربة مفخخة في منطقة جب غبشه التي استولت عليها قوات النظام في إطار توسيع سيطرتها حول مطار كويرس العسكري. وفي شمال شرقي البلاد، حققت «قوات سورية الديموقراطية»، بغطاء جوي للتحالف الدولي، تقدماً ملحوظاً على الأرض على حساب تنظيم «داعش» في محافظة الحسكة وأصبحت على بعد خمسة كيلومترات فقط شمال مدينة الشدادي، معقل «داعش»، في المحافظة. وأفاد المرصد أن «قوات سورية الديموقراطية» قطعت طريقين رئيسيين يستخدمهما «داعش» لنقل الإمدادات، الأولى تصل بين الشدادي ومدينة الموصل في العراق، والثانية تربطها بالرقة، معقل التنظيم في سورية. وتمكنت أيضاً من السيطرة على حقل كبيبة النفطي شمال شرقي الشدادي اثر اشتباكات وغارات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي. وبدأت «قوات سورية الديموقراطية» عملية عسكرية في ريف الحسكة الجنوبي فجر الثلثاء على ثلاثة محاور. وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن «هذا التقدم السريع يعود إلى الغارات الكثيفة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن». ومنذ تأسيسها في 12 تشرين الأول (أكتوبر)، أثبتت «قوات سورية الديموقراطية»، وأبرز مكوناتها وحدات حماية الشعب الكردية، فعالية في قتال تنظيم «داعش» ونجحت في طرده من مناطق عدة. وأورد المرصد، في هذا الإطار، أن قيادياً مهماً في «داعش» قُتل مع 3 آخرين كانوا برفقته في سيارة استهدفتها طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي، عند منتصف ليلة الخميس - الجمعة، في شارع النور بمدينة الرقة. وأوضح أن القيادي يُعتقد أنه من الجنسية العراقية، وهو من القيادات المهمة في «جيش الخلافة»، وصل إلى مدينة الرقة قبل يومين مع عائلته إثر فرارهم من مدينة الشدادي. كذلك سجّل المرصد وصول عشرات العائلات النازحة من الشدادي إلى الرقة فراراً من ضربات التحالف وهجوم «قوات سورية الديموقراطية». أما في محافظة دير الزور، فدارت اشتباكات عنيفة بين النظام و «داعش» في منطقة البغيلية عند الأطراف الشمالية الغربية لمدينة دير الزور، في حين ألقت طائرات مزيداً من المساعدات للأحياء التي يحاصرها «داعش» في المدينة. وفي محافظة اللاذقية الساحلية، دارت اشتباكات عنيفة على محور كبانة ومحاور أخرى بجبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي، وذلك بعد يوم واحد من سيطرة النظام على بلدة كنسبا معقل المعارضة السابق في جبل الأكراد. وفي دمشق، شن النظام هجوماً جديداً على حي جوبر، في حين أعلن «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» العامل في غوطة دمشقالشرقية، «اندماجه التام» مع قيادة «فيلق الرحمن». وفي جنوب سورية، ذكر المرصد أن 3 أشخاص بينهم «قائد كتيبة مقاتلة» قُتلوا جراء قصف عنيف من قوات النظام على بلدة الحارة وتلتها بريف درعا الشمالي الغربي، مشيراً إلى أن النظام قصف أيضاً اللواء 52 قرب بلدة الحراك وبلدة كفرشمس بالريف الشمالي الغربي للمحافظة، في حين ألقت مروحياته ما لا يقل عن 10 براميل على بلدة كفرناسج.