باشرت قوات "البيشمركة" الكردية في شمال العراق حفر خندق من الحدود السورية حتى الحدود مع إيران، في المدن التي انتزعوها من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، في خطوة لاقت انتقادات شديدة من أحزاب عراقية عدة. وذكرت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، أن «الخندق الذي يمتد لمسافة ألف كيلومتر من مدينة ربيعة شمال شرقي أربيل، إلى مدينة خانقين قرب الحدود مع إيران، يمر في مناطق متنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد، والتي تقول إن للخندق أهدافاً سياسية». وقال تقرير لقناة «الجزيرة» التلفزيونية، إن «حكومة بغداد تتخوف من ضم كركوك إلى إقليم كردستان»، إذ يرى المعارضون للخندق أن الهدف هو ضم المدينة للأقليم. وأعلنت مصادر حكومية عراقية الأسبوع الماضي، أن الأكراد بدأوا ترسيم حدود إقليمهم بحفر خندق يمتد إلى المناطق المتنازع عليها في محافظتي ديالى وصلاح الدين، ويشمل قضاء خانقين، للفصل بين الأراضي التي «ينوي الإقليم ضمها إلى دولة يخطّط لإعلانها خلال السنوات الخمس المقبلة». في حين اعتبر نواب عن كتلتي «التحالف الوطني» و«اتحاد القوى العراقية»، قيام حكومة إقليم كردستان بحفر الخندق، «محاولة للتقسيم من دون العودة إلى الدستور العراقي»، وطالبوا بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية في شأن ذلك. وقال النائب عن كتلة «التحالف الوطني» سليم شوقي: «إننا نأسف للأسلوب الذي أقدم عليه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، من دون استشارة حتى الأطراف الكردية الأخرى مثل الاتحاد الوطني أو التغيير». وأشار إلى أن «حفر الخندق هو مخطط لتقسيم العراق الذي يحتّم تاريخه وجغرافيته وديموغرافيته أن يتعايش فيه المواطنون سوية». وأضاف شوقي وهو عضو في ائتلاف «المواطن»، أن «الطموح الكردي بإنشاء دولتهم لا يتم بهذه الطريقة، لأن هناك مناطق متنازع عليها، وهناك تحديات في البلاد، وكان على بارزاني أن يتوحد مع باقي الأطراف»، مبيناً أن «هناك إجراءات مثل الاستفتاء وتعديل الدستور قبل أن يقسم العراق». واشار إلى أن «هناك أجندة إقليمية ودولية تهدف إلى هذا الأمر، وليس مستبعداً أن تكون صهيونية»، ودعا إلى أن «يعيد رئيس الإقليم حساباته». ولفت شوقي إلى أن «الدستور العراقي نصّ على أن العراق بلد واحد، ذو سيادة وهو فيديرالي اتحادي، وبارزاني لم يتجه حتى نحو الكونفيديرالية وإنما ذهب مباشرة إلى التقسيم». يذكر أنه في 20 من كانون الثاني (يناير) الجاري، أصدرت «منظمة العفو الدولية» بياناً قالت فيه، إن «قوات البيشمركة التابعة لحكومة كردستان والميليشيات الكردية دمرت الآف المنازل بالجرافات، بعد تفجيرها أو حرقها انتقاماً لدعم مفترض قدّمه العرب إلى داعش». وقالت المستشارة لدى المنظمة دوناتيلا روفيرا: «يبدو أن قوات البيشمركة شنّت حملة عشوائية لتهجير السكان العرب بالقوة»، مضيفة أن «تهجير المدنيين بالقوة وتدمير منازلهم وممتلكاتهم في شكل عشوائي، ومن دون أي مبرر عسكري، قد يُعتبر بمثابة جرائم حرب». ومنع الأكراد المدنيين الذين فروا من المعارك من العودة إلى منازلهم. وجمعت المنظمة الدولية أدلة على «تهجير بالقوة وتدمير منازل على مستوى واسع» في محافظات نينوى وكركوك وديالى الواقعة خارج اقليم كردستان، لكن القوات الكردية سيطرت على بعضها، أو عزّزت سيطرتها في المناطق التي فرّ منها الجيش، خلال الهجوم الذي شنّه «داعش» عليها عام 2014.