أكد اقتصاديان أن تطبيق آلية الفائدة المتناقصة وإلغاء الفوائد التراكمية الذي ستقره مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، سيحققان العدالة للعملاء والمصارف على حد سواء، وسيوفر ما يصل إلى 40 في المئة من الفائدة على العملاء في بعض القروض. وأشاد الاقتصاديان في حديثهما إلى «الحياة» بخطوة مؤسسة النقد، بعد إعلان محافظها الدكتور فهد المبارك إطلاق الضوابط والمعايير المنظمة خلال الأشهر الستة المقبلة. وتشكل محفظة الإقراض أهم الشرايين الرئيسة للمصارف السعودية إلى جانب المحافظ الاستثمارية، وقدرت مؤسسة النقد القروض المسجلة بالنظام المصرفي السعودي بنهاية الماضي العام بحوالى 1.2 تريليون ريال، تستحوذ القروض الاستهلاكية على حصة الأسد منها بنسبة تتجاوز 44 في المئة. وقال المحلل المالي فضل البوعينين إن تطبيق هذا القرار سيحقق العدالة للمصارف والعملاء، إذ تحقق الآلية الحالية (الفائدة التراكمية) مصلحة المصارف على حساب حاجة العملاء، ويدفع العميل بموجبها أكثر مما يجب، كون المصرف يتجاهل الأقساط المسددة ويحستب عليها فوائد. وشدد على أن القرار يأتي في المقام الأول لحماية المقترض، وتحقيق النزاهة والشفافية في أسعار الفائدة المعلنة من المصارف، مضيفاً: «المفترض ألا تقدم المصارف على رفع سعر الإقراض لتعويض هامش الربح، الذي ستفقده بعد تطبيق آلية الفائدة المتناقصة». واستبعد البوعينين أن تتفق المصارف فيما بينها ضمنياً حول هوامش الربح الجديدة، كون هذا الأمر يلغي التنافسية بينها، مطالباً مؤسسة النقد بحماية العملاء بعد تطبيق الآلية وعدم السماح للمصارف بتعديل أسعار الفائدة، لتعويض هوامش الأرباح. وأشار إلى أن العملاء سيظلون في حيرة خلال الفترة المقبلة في خطوة الاقتراض أو تأجيله لحين صدور الآلية، كون العملية الحسابية تختلف من قرض إلى آخر، مضيفاً: «الانتظار يأتي في مصلحة العميل، خصوصاً في القروض طويلة الأجل مثل القروض السكنية التي تتجاوز 20 عاماً». وأوضح البوعينين أن الطريقة الحسابية الحالية التي تعتمد عليها المصارف في القروض التراكمية تعتمد على احتساب المبلغ كاملاً في عدد الأعوام طوال فترة السداد، وهو ما يحمل ظلماً للعميل كونه يقوم بالسداد لأعوام عدة عن مبالغ تم سدادها ودفع أكثر مما يجب. وعن اللوائح التي ستقرها «ساما» لتطبيق هذه الآلية واحتمال وضعها لبنود تتعلق بتسعير نسب الفوائد، استبعد البوعينين هذا الأمر، كونها تتجاوز صلاحيات المؤسسة إلى التدخل في الحد من التنافسية بين المصارف، ولكن تعتمد المصارف على السعر الذي تضعه المؤسسة لوضع هوامش ربح سواء بالانخفاض أو الارتفاع بحسب السياسات التمويلية لكل مصرف. وأكد أن إعلان المحافظ أتى يؤكد ما تم ذكره سابقاً بوجوب تطبيق آلية متناقصة للفائدة، فيما كررت لجنة التوعية المصرفية نفي هذا الأمر ولم تكن معلوماتها دقيقة، مبيناً أن العملاء بحاجة إلى توعية تعتمد على الشفافية. من جانبه، حذّر رئيس مركز دار الخليج للدراسات الاستراتيجية الدكتور توفيق السويلم، من تساهل المقترضين في الإقبال على القروض الاستهلاكية بعد احتساب قيم أقل للفوائد، من دون إدراك لمخاطر القروض الاستهلاكية وتقيد المقترض لأعوام طويلة بسدادها. ولم يستبعد السويلم لجوء المصارف لبعض الوسائل الإعلانية والترويجية تتضمن تعديلاً في نسب الفوائد، لتعويض ما ستخسره بسبب تعديل آلية الفوائد، مطالباً بمراقبة حازمة من مؤسسة النقد. وأشار إلى أن القروض الإنتاجية ما زالت ضئيلة بالنسبة لحجم القروض الاستهلاكية، ما يؤكد غياب الوعي لدى العملاء، إذ يجب ألا تتعدى القروض الاستهلاكية في الحال الاقتصادية أكثر من 15 في المئة من إجمالي القروض، مبيناً أن القروض السكنية سيكون أصحابها أكثر المستفيدين من هذا التوجه. وقال السويلم إن 90 في المئة من المشكلات الناجمة عن التعثر سيتم حلها، لو سعى المستهلكون إلى التعرف على المخاطر الناجمة عن الاقتراض ومعرفة مخاطر التعثر.وكان محافظ «ساما» أشار في وقت سابق إلى وجوب توفير المصارف لمستشاري خدمات ائتمان مهمتهم توفير المعلومات والنصائح للعملاء، وحث السويلم بدوره العملاء على الاستفادة من خبرة هؤلاء الأشخاص والتعامل بحذر مع القروض.