تأمَّلتُ خيرًا في كثير من مؤسساتنا أن تلامس احتياجات المواطن خاصة ذي الدخل المحدود، بحيث توائم بين مصلحتها ومصلحة المواطن، ومن بين تلك المؤسسات "مؤسسة النقد العربي السعودي - ساما"، فقد استبشرتُ بتصريح معالي محافظ المؤسسة الدكتور فهد بن عبدالله المبارك عبر جريدة الرياض في ملحقها الاقتصادي عدد 16702 عن وجود ضوابط جديدة ستُطبَّق لدى البنوك؛ بشأن احتساب عمولات القروض المصرفية، وعن عزم المؤسسة تطبيق الفوائد التناقصية على القروض خلال مدة تتراوح بين 3 - 6 أشهر بعد تطبيق الضوابط الجديدة، وأوضح معاليه أن الضوابط ستُوفِّر كل المعلومات الخاصة بالقروض المصرفية من رسوم إدارية، وسعر فائدة، ومعدل تكاليف كل قرض، لافتًا إلى أن البنوك وغيرها يتوجّب عليها تطبيق معدلات الشفافية مع المواطن، بحيث يتم مراقبتها من قِبَل "ساما". خطوة هامة ستتخذها مؤسسة النقد، وستُسجَّل في سجل إنجازات الدكتور فهد بن عبدالله المبارك، ففي الماضي لم تكن ثمة شفافية ولا توضيح للفوائد بالأرقام لدى البنوك وشركات التمويل، وكان الواجب يتطلب -منذ البداية- الأخذ بالفوائد التناقصية لا التراكمية؛ التي أرهقت المواطنين المقترضين، فالمستفيد من الفوائد التراكمية، والرسوم الإدارية (البنوك وشركات التمويل) فقط، والخاسر هو المقترض (المواطن) والاقتصاد بصفة عامة. لقد كان متوقعًا من مؤسسة النقد –سابقًا- أن تساهم في توعية المواطن لترشيد الاقتراض، ولكنها –للأسف- سهّلت إجراءات الاقتراض من البنوك، ومن ثم تفاقم أعداد المقترضين البسطاء من المواطنين (الموظفين) وازدادت معاناتهم، وتمكّن هؤلاء الموظفون من الحصول على قروضهم -بكل يسرٍ وسهولة- بمجرد تحويل الراتب للبنك، حيثُ حصل المقترض على المبلغ الذي يريد دون وعي ودراسة، وعانى وسيُعاني من التسديد سنوات بعمولة تراكمية تصل إلى 60% أو أكثر حسب سنوات القرض. وسيُحرم المواطن من الاقتراض من أجل الرهن والتمويل العقاري المزمع إصداره عمّا قريب، والذي يتميّز بالأجل الطويل لمديونيته.. وأتمنى أن تشمل الضوابط المزمع إصدارها من قِبَل مؤسسة النقد بشأن الفوائد التناقصية جميع المقترضين الحاليين –أي تُطبَّق بأثر رجعي-، فبعض المواطنين الذين اقترضوا من البنوك كانوا بالتأكيد في حاجة ماسة للقرض، والبعض الآخر اقترض وليس في حاجة لهذا الاقتراض، ولكنه اقترض عن جهل بما هو مقبل عليه من مديونيات وفوائد، وذلك لانعدام التوعية من قِبَل "ساما"، وقد طالبتُ –من قبل- وغيري من كُتَّاب الرأي أن تُسارع المؤسسة وتأخذ على عاتقها تنفيذ برامج توعوية مكثفة للمواطنين، ولكن ما كُتب لم تهتم المؤسسة بتنفيذه –آنذاك-، فتفاقمت القروض الاستهلاكية والائتمانية بالمملكة، وبلغت 1282 مليار ريال، (جريدة المدينة – عدد 18557)، وهذا مؤشر على أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين يقعون تحت طائلة الديون. ولتوضيح ماذا تعني الفوائد المتناقصة -كما أوضحته جريدة الاقتصادية في عددها رقم 7468- أقول: إن معنى الفائدة المتناقصة أن يُسدِّد المقترض الفائدة كل عام عن المبلغ المتبقي من القرض فقط، وليس عن كامل القرض، ولتوضيح الفرق بين تكلفة الاقتراض في حال الفائدة التراكمية والتناقصية، سنضرب المثال التالي: نفترض أن شخصًا قد اقترض مليون ريال، على أن تكون مدة السداد عشر سنوات، في حال الفائدة التراكمية، والمطبقة حاليًا لدينا، سيقوم المقترض بسداد فائدة تبلغ 50 ألف ريال سنويًا بإجمالي 500.000 ريال بنهاية العشر سنوات، أما في حالة الفائدة التناقصية والمزمع تطبيقها، سيقوم المقترض بسداد 50 ألف ريال في السنة الأولى، و45 ألف ريال في السنة الثانية، و40 ألف ريال في السنة الثالثة، و35 ألف ريال في السنة الرابعة.. وهكذا، ليكون إجمالي ما يُسدّد من فوائد خلال العشر سنوات 275 ألف ريال، وإذا لاحظنا الفرق بين الفائدة التراكمية والتناقصية على مبلغ المليون ريال، سنجد أننا سنُوفِّر للمقترض مبلغ 225 ألف ريال في حال تطبيق الفائدة التناقصية. ويأمل المواطن البسيط ذو الدخل المحدود من معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد بن عبدالله المبارك أن يشمل قرار الفوائد التناقصية "المقترضين الحاليين"، أي يتم تطبيق القرار بأثر رجعي، وذلك لتحقيق العدالة للجميع. هذا وبالله التوفيق. [email protected]