رسخت المرحلة الثانية والأخيرة من الانتخابات النيابية المصرية، عزوف الناخبين عن المشاركة في العملية السياسية. فرغم الزيادة المحدودة التي سجلها الحضور في المرحلة التي اختتمت جولتها الأولى أمس، مقارنة بالمشاركة في جولتي المرحلة الأولى، إلا أن نسبة المشاركة لن تتعدى 30 في المئة في أحسن الأحوال، وهي نسبة تقل كثيراً عن غالبية الاستحقاقات الانتخابية التي أجريت منذ الثورة. وفي حين نجحت السلطات في تمرير الاستحقاق الأخير في خريطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي من دون حوادث أمنية، لا سيما في شمال سيناء التي يتمركز فيها الفرع المصري لتنظيم «داعش»، إلا أنها لم تنجح في إقناع الناخبين بإنهاء عزوفهم، ولم تتمكن من إنهاء الخروقات، لا سيما الرشى الانتخابية والتصويت الجماعي. ومن المقرر أن تعلن النتائج الأولى اليوم، وسط توقعات باستمرار تراجع نتائج حزب «النور» السلفي وتحالف «الجبهة الوطنية» الذي يضم أحزاباً محسوبة على الحزب «الوطني» المنحل، علماً أن غالبية القوى المتنافسة رشحت على قوائمها نواباً سابقين من «الوطني». ويتوقع عدم حسم غالبية المقاعد المخصصة للنظام الفردي التي يرتقب أن تنحصر المنافسة عليها في جولة الإعادة بين مستقلين ومرشحي أحزاب «المصريين الأحرار» بقيادة رجل الأعمال نجيب ساويرس، و «مستقبل وطن» المحسوب على السلطة، و «الوفد» الليبرالي الذين تقاسموا غالبية مقاعد المرحلة الأولى. واختتمت أمس الجولة الأولى من المرحلة الثانية للانتخابات في محافظاتالقاهرةوالقليوبيةوالدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال سيناء وجنوب سيناء، لاختيار 282 نائباً، مقسمين بين 222 بالنظام الفردي من بين 2893 مرشحاً، و60 آخرين بنظام القوائم موزعين على دائرتي قطاع القاهرة (45 مقعداً)، وشرق الدلتا (15 مقعداً). وأغلقت لجان الاقتراع مساء، لتبدأ عمليات فرز الأوراق تمهيداً لإعلان كل لجنة فرعية نتائجها، وسط توقعات بأن تحسم جولة الإعادة غالبية المقاعد المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي. ويُرجح أن تنحصر المنافسة على مقاعد القوائم في دائرة القاهرة (45 مقعداً) بين قائمتي «في حب مصر» التي يقودها مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون، و «التحالف الجمهوري الاجتماعي» بزعامة القاضية السابقة تهاني الجبالي، في ظل تراجع قوائم حزب «النور» السلفي، و «تحالف الجبهة الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق. وضمنت قائمة «في حب مصر» الفوز بالتزكية بمقاعد دائرة قطاع «شرق الدلتا» (15 مقعداً) التي لا تنافسها فيها قوائم أخرى، بعدما سجلت المؤشرات حصولها على أكثر من 5 في المئة من الأصوات. وفي حين تفاوتت تقديرات نسبة المشاركة، وقالت جامعة الدول العربية إن بعثتها رصدت «إقبالاً جيداً» للناخبين مقارنة بالمرحلة الأولى، رفض مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات اللواء رفعت قمصان التكهنات بمعدلات الاقتراع، مؤكداً أن «لا آلية دقيقة لقياس نسب المشاركة في الانتخابات، واللجنة العليا للانتخابات هي الجهة الوحيدة المعنية بإعلان أرقام المشاركين». وأعلن الناطق باسم لجنة الانتخابات عمر مروان أن تصويت المصريين في الخارج في المرحلة الثانية «شهد إقبالاً من الناخبين تجاوز نسب التصويت في المرحلة الأولى»، موضحاً أن «عدد من أدلوا بأصواتهم في الخارج ناهز 36 ألفاً»، غالبيتهم في السعودية والكويت. وأكد نائب وزير الخارجية المسؤول عن ملف الانتخابات في الخارج حمدي لوزا، أن «إجمالي عدد الأصوات في الخارج بلغ 37168 صوتاً وهو ما يعكس زيادة بنسبة 22 في المئة عن المرحلة الأولى». وكان الناطق باسم لجنة الانتخابات قال في مؤتمر صحافي عقب نهاية اليوم الأول للاقتراع مساء أول من أمس، أن أعلى المحافظات تصويتاً في اليوم الأول هي القليوبيةوالدقهلية والشرقية والمنوفية والغربية، فيما أكد السكرتير العام لمحافظة شمال سيناء المشرف على غرفة عمليات المحافظة اللواء سامح عيسى أن إجمالي من أدلوا بأصواتهم في اليوم الأول للانتخابات في مراكز المحافظة الستة بلغ 34147 ناخباً بنسبة 14.5 في المئة من إجمالي الناخبين في المحافظة. وأضاف أن «الإقبال تزايد في الفترة المسائية على لجان العريش وبئر العبد وتناقص في رفح والشيخ زويد والحسنة ونخل». وانتظمت أمس عملية التصويت في غالبية اللجان الانتخابية على مستوى البلاد، غير أن مشاهد تأخر فتح عدد من اللجان تكررت في محافظاتالقليوبية والإسماعيلية والمنوفية والشرقية لتأخر وصول القضاة. وأدلى وزير العدل أحمد الزند بصوته في ضاحية التجمع الأول القاهرية، كما أدلى بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني بصوته في العباسية. وأعلن «التحالف المصري لمراقبة الانتخابات» أن مراقبيه رصدوا «ارتفاع قيمة الصوت الواحد ليصل إلى 500 جنيه في بعض الدوائر، كما رصد التحالف جملة من التجاوزات التي شابت عملية التصويت من قبيل الرشاوى الانتخابية وعمليات النقل الجماعي والعنف والبلطجة»، مشيراً إلى «وقوع اشتباك بين أنصار مرشحين في إحدى دوائر محافظة دمياط، بعد قيام أنصار مرشح بتوجيه الناخبين لمصلحة مرشحهم وتقدمت قوات الأمن لفض الاشتباك من دون إلقاء القبض على أحد، كما وقع تشابك بالأيدي بين أنصار مرشحين في إحدى دوائر محافظة القليوبية، وتكرر الأمر نفسه في حي المطرية (شرق القاهرة) حيث وقعت اشتباكات بالأيدي بين أنصار المرشحين بعد توجيه بعضهم الناخبين، وفي محافظة الدقهلية وقعت مشاجرة بين أنصار مرشحين أصيب فيها أحد الناخبين وتم نقله إلى أحد المستشفيات فاقداً الوعي قبل وفاته».