شرعت مصر أمس في إتمام الانتخابات التشريعية، كآخر محطات خارطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ببدء تصويت المصريين المغتربين على 282 مقعداً نيابياً قوام مقاعد محافظات الجولة الأخيرة، وسط رهان على ارتفاع نسب الإقبال لتعويض المعدلات المتدنية في الجولة الأولى التي اختتمت الشهر الماضي، فيما استنفرت الحكومة المصرية لإنهاء برنامجها الذي ستعرضه على البرلمان الجديد المتوقع التئامه قبل نهاية الشهر المقبل للحصول على ثقته. ويستمر تصويت المغتربين اليوم بالتزامن مع انطلاق الاقتراع في الداخل والذي يشرف عليه 16 ألف قاض، ومتابعة 81 منظمة مجتمع مدني وجمعية محلية تضم 17 ألفاً و465 متابعاً، إلى جانب 6 منظمات دولية تضم 546 متابعاً و171 مترجماً معتمداً. كما تم السماح ل 68 سفارة أجنبية لمتابعة الانتخابات، فيما تسلّم نحو 300 ألف من عناصر قوات الجيش والشرطة لجان الاقتراع في 13 محافظة هي: القاهرة والقليوبية والدقهلية والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال وجنوب سيناء. وأعلنت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أن الرئيس المصري أصدر قراراً بتعديل فترة حظر التجول في شمال سيناء، لتبدأ في الساعة الحادية عشرة مساء بدل السابعة مساء، خلال أيام الاقتراع (اليوم وغداً)، وكذلك خلال جولة الإعادة. وتوعدت السلطات الأمنية «التصدي بحزم» لأي محاولة لإفساد أجواء الاقتراع. ويحق لأكثر من 28 مليون ناخب مصري التصويت في المرحلة الثانية من التشريعيات، والتي يتنافس فيها أكثر من ألف مرشح على 222 مقعداً فردياً، موزعة على 102 دائرة انتخابية، أما المقاعد المخصصة لنظام القوائم (60 مقعداً) فتتنافس أربع قوائم هي «في حب مصر» و «التحالف الجمهوري الاجتماعي» وحزب «النور» وتحالف «الجبهة المصرية» على 45 مقعداً منها هي قوام دائرة قطاع القاهرة، فيما حسمت قائمة «في حب مصر» بالتزكية مقاعد قائمة قطاع شرق الدلتا (15 مقعداً) لكنها تحتاج إلى الحصول على 5 في المئة من إجمالي الهيئة الناخبية في الدائرة. وسبق انطلاق الانتخابات اتهامات متبادلة بين قائمتي «في حب مصر» التي تضم مسؤولين وعسكريين سابقين، و «التحالف الجمهوري» التي تقودها المستشارة السابقة تهاني الجبالي، بضم رموز من الحزب الوطني السابق، فيما توارى حزب «النور» وتحالف «الجبهة المصرية» بزعامة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، على خلفية تراجع نتائجهما في الجولة الأولى، على ما يبدو. وكانت الجولة الأولى من الانتخابات شهدت فوز عشرات من أعضاء الحزب «الوطني» المنحل، فيما حصل حزب «المصريين الأحرار» على النسبة الأكبر من المقاعد بين الأحزاب السياسية، تلاه حزب «مستقبل وطن». وكانت 139 سفارة وقنصلية مصرية في الخارج، فتحت أبوابها أمس، في اليوم الأول لاقتراع المغتربين، حيث شهدت إقبالاً متفاوتاً، بين المتوسط في دول الخليج لا سيما الكويت والسعودية، بينما كان الإقبال ضعيفاً في الدول الأوروبية وأميركا. وأوضح سفير مصر لدى المملكة العربية السعودية ناصر حمدي، في بيان، أنه بناء على قرارات اللجنة العليا للانتخابات، يحق التصويت لكل مواطن مصري مقيم في الخارج، ومدرج في قاعدة بيانات الناخبين، ويحمل أصل بطاقة الرقم القومي، أو جواز سفر حديثاً ساري الصلاحية متضمناً الرقم القومي وعنوانه في مصر، ويقدم إقراراً يفيد بأنه مقيم في الخارج، ومستنداً دالاً على الإقامة تقبله اللجنة المشرفة على الانتخابات. ولفت حمدي إلى أن اللجنة فتحت أبوابها في الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت السعودية، وفقاً لتعليمات لجنة الانتخابات ومستمرة حتى الساعة التاسعة مساء، مؤكداً أن الإقبال لا بأس به. وينتخب كل ناخب عدداً من المرشحين على المقاعد الفردية وفقاً لما هو مقرر في دائرته، والذي يتفاوت من دائرة انتخابية إلى أخرى، ويتراوح ما بين مقعد واحد و4 مقاعد، إلى جانب انتخاب إحدى القوائم الانتخابية. وقال نائب وزير الخارجية رئيس اللجنة المعنية بانتخابات المصريين المغتربين السفير حمدي لوزا، إن أكثر من 10 آلاف مصري في الخارج شاركوا في اليوم الأول من الاقتراع، وتوقع أن تكون نسبة التصويت في المرحلة الثانية أعلى من المرحلة الأولى والتي بلغ عدد الأصوات فيها 30531 ناخباً، معرباً عن أمله بأن تقل نسبة الأصوات الباطلة، التي وصلت إلى 1800 صوت في المرحلة الأولى، وذلك «بعد الجهد المبذول في توضيح قواعد العملية الانتخابية»، وأضاف لوزا «لم تصلنا أي بلاغات بشأن وجود معوقات فنية أو أمنية وذلك نتيجة التنسيق بين سلطاتنا في الخارج وسلطات الدول»، مشيراً إلى أن التصويت بدأ في عدد كبير من السفارات في الخارج ولكنه لم يبدأ في الأميركيتين وفق توقيت القاهرة. في موازاة ذلك، استنفرت السلطات المصرية لتمرير الاقتراع في الداخل والذي ينطلق اليوم (الأحد) بسلام. وأعلن مصدر أمني في وزارة الداخلية رفع درجات الاستعدادات داخل كل قطاعات الوزارة إلى الحالة «ج»، حيث تم إلغاء كل إجازات وراحات الضباط والأفراد حتى الانتهاء من خطة تأمين الانتخابات، متعهداً «قيام قوات الأمن بدورها في تأمين المرحلة الثانية من الانتخابات على الوجه الأكمل، وتوفير المناخ المناسب لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وآمنة». وأشار المصدر إلى خطة التأمين التي سيشارك فيها نحو 180 ألف ضابط وفرد ومجند من قطاعي الأمن المركزي، والأمن العام، والحماية المدنية، والنجدة، والقوات النظامية، علماً أن الجيش المصري أعلن نشر نحو 160 ألفاً من عناصره لتأمين لجان الاقتراع التي تسلمها أمس. وأوضح المصدر الأمني أن المحور الأول للخطة يتمثل في قيام خبراء المفرقعات بتسلّم المقار الانتخابية، لمسحها وتعقيمها، ثم تسليمها للقوات المكلفة تأمينها حتى انتهاء عمليتي التصويت والفرز، على أن يتم مسحها وتعقيمها خلال العمليتين في شكل دوري، أما المحور الثاني فيتمثل في توجيه ضربات استباقية لضبط الخارجين على القانون والمشهورة عنهم أعمال البلطجة، وتكثيف الحملات على العناصر الإجرامية والصادر في شأنهم أحكام قضائية بهدف تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء العملية الانتخابية. ولفت إلى أن المحور الثالث يتمثل في تأمين تكثيف الوجود الأمني على المراكز الانتخابية والطرق المؤدية إليها برئاسة ضباط نظام وبحث وتحت إشراف قيادات ميدانية، ونشر دوريات أمنية وأطواف بحثية بكل مناطق المحافظات ال 13 التي ستجرى فيها المرحلة الثانية من الانتخابات، بالإضافة إلى تحديد أماكن لتمركزات من تشكيلات أمنية من قوات الأمن المركزي وإدارات قوات الأمن في المحافظات وعناصر التدخل السريع في جميع دوائر أقسام ومراكز الشرطة في المحافظات للاستعانة بها عند الحاجة إليها. وأعلن وزير الصحة المصري الدكتور أحمد عماد الدين وضع خطة شاملة للتأمين الطبي تشمل الدفع ب 2842 سيارة إسعاف بالقرب من اللجان، موضحاً أن الخطة تشمل رفع درجة الاستعداد في كل مرافق الإسعاف، وتجهيز فرق الانتشار السريع، والتنبيه على سيارات الإسعاف بالمرور في محيط مقر اللجان طوال فترة الانتخابات وعند لجان الفرز، بالإضافة إلى تجهيز 10 زوارق إسعاف وطائرتي إسعاف للاستخدام في الحالات الطارئة أثناء عمليات الاقتراع باللجان الانتخابية، كما تشمل الخطة رفع درجة الاستعداد بكل المستشفيات العامة والمركزية، واعتبارها كمستشفيات إخلاء خط أول، وتحديد بعض المستشفيات التابعة لأمانة المراكز الطبية المتخصصة والمعاهد التعليمية والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية وبعض المستشفيات الجامعية كمستشفيات إخلاء خط ثان، والتنسيق بين المستشفيات الجامعية ومركز الخدمات الطارئة (137) لاستقبال وتحويل الحالات الطارئة. وأوضح الوزير أن الخطة تشمل التأكد من توافر الأطقم الطبية في أقسام الطوارئ في المستشفيات، إضافة إلى تأمين وتدعيم الأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية فيها ومديريات الشؤون الصحية في المحافظات، إلى جانب منع الإجازات والراحات للعاملين في المستشفيات بدءاً من السبت الموافق 21 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وحتى الجمعة 4 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وتشمل الخطة أيضاً رفع درجة الاستعداد في مراكز الدم الإقليمية، والتأكد من توافر أكياس الدم والبلازما من الفصائل المختلفة في المستشفيات في محافظات المرحلة الثانية للانتخابات. ودعا رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد فايق جموع المصريين ممن لهم حق الانتخاب إلى المشاركة، معتبراً أن هذا الاستحقاق يمثل خطوة مهمة في البناء الديموقراطي. وشدد فايق، في بيان، على أن الانتخابات حق أصيل لكل مواطن ومواطنة للمساهمة في إدارة شؤون الدولة وإحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان..