بعد أسبوع من الضربات الجوية الروسية على سورية، أصبح سكان بلدة تلبيسة الاستراتيجية في ريف مدينة حمص (وسط) التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة يتوقعون هجوماً برياً أوسع. نزحت مئات الأسر من تلبيسة فراراً من قصف دام أياماً لبلدات وقرى مجاورة تقع تحت سيطرة المعارضة. وبات الناس يتحاشون التواجد في تجمعات كبيرة، بما في ذلك الصلاة في المساجد وأغلقت المدارس وخلت الشوارع. وحين تقترب الطائرات الروسية، تنطلق صفارات الإنذار فتهرول القلة القليلة التي غامرت بالخروج من المنازل إلى العودة للديار. وقال عضو في مجلس محلي تابع للمعارضة يدير البلدة منذ ثلاث سنوات عبد السلام الطاهر «أصبح الناس حذرين جداً. وبخاصة وأن الطائرات الروسية تجيء فجأة». وعلى مسافة طويلة من معاقل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في شمال وشرقي سورية تقع تلبيسة التي استهدفتها ضربات جوية روسية على رغم تأكيد موسكو أن تدخلها العسكري يركز على ذلك التنظيم المتشدد. والسبب في ذلك مثلما يرى بعض السكان أن الموقع استراتيجي يقع إلى الشمال مباشرة من مدينة حمص وهي منطقة لابد وأن يستردها الرئيس السوري بشار الأسد لضمان سلطته على المراكز السكانية الرئيسية في غرب البلاد حتى وإن كانت هذه الاستراتيجية تعني التخلي عن قطاعات واسعة من المناطق الصحراوية والأراضي الزراعية إلى الشرق. تقع تلبيسة والرستن والقرى السنية المحيطة بهما في جيب قريب من الطريق السريع الواصل بين الشمال والجنوب وقريب من محافظات البحر المتوسط معقل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وقال الطاهر «الهدف هو إجبارنا على الاستسلام حتى يمضي الأسد في خطة التقسيم». ويقيم حوالى 300 ألف شخص في الجيب. وإلى الجنوب تفصل ثكنة عسكرية بينهم وبين مدينة حمص التي كانت يوماً حصناً لقوات المعارضة قبل أن تصبح كل أنحاء حمص تحت سيطرة الأسد، باستثناء منطقة واحدة هي الوعر. وأسقطت طائرات سورية الأسبوع الماضي منشورات تعد بتوفير ممر آمن من خلال نقاط التفتيش العسكرية، ما عزز شعورا بأن الجيش يعد لحملة جديدة لسحق المعارضة. وتقول المنشورات إن المقاتلين الذين سيسلمون أنفسهم سيلقون معاملة حسن وسيسمح لهم بالعودة لأسرهم. وقالت السلطات السورية الأسبوع الماضي إن « 700 مقاتل سابق في محافظة درعا الجنوبية أقدموا على هذه الخطوة». وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي يقع مقره في بريطانيا ويعول في معلوماته على شبكة من المصادر داخل البلاد إلى أن «القوات الحكومية والمسلحون المتحالفون معها مدعومة بضربات جوية روسية هجمات استهدفت مواقع للمعارضة اليوم وفي محافظتي حماة وإدلب». ويتوقع مقاتلو المعارضة في تلبيسة هجوماً مماثلاً. وقال القائد الميداني في جماعة «لواء التوحيد» زيد بربور «يسمع رجالنا شائعات بأنهم يحشدون قوات. وطائرات الاستطلاع الروسية تحلق باستمرار في الأجواء». يقول السكان إن «الضربات الجوية الروسية أقوى من أي شيء شاهدوه طيلة سنوات الصراع». ووصف حسن أبو نوح ما شاهده عندما وصل إلى أحد مواقع القصف «كانت هناك عشر قنابل أسقطت كلها دفعة واحدة في وسط تلبيسة. كان الانفجار مدوياً بصورة غير معقولة». وقال «كان بالإمكان رؤية الدخان والدمار في كل ما حولك. فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف وأناس تحت أنقاض بيوتهم التي تهدمت». وأضاف أنه في حلول يوم أمس «قتل 18 مدنياً في تلبيسة». وأضاف أبو نوح وهو نشط في المعارضة أن «البعض لاذ بالفرار، لكن الغالبية راوحت مكانها لأسباب منها أن المنطقة كلها محاصرة». وإضافة إلى الضربات الجوية الروسية حول تلبيسة قصف الجيش السوري والمقاتلون المتحالفون معه المنطقة أيضاً هذا الأسبوع. وقال مقاتل محلي من صفوف المعارضة إن «استعادة السيطرة على البلدات الواقعة في المناطق الريفية شمالي حمص ستعزز سيطرة الحكومة على المدينة نفسها». وصرح أبو براء الحمصي من «فيلق حمص» بأنه «لا خيار إلا المقاومة. وأتوقع أن المعركة الكبرى لحمص ربما تكون في معركة الريف الشمالي». وأمام قوة النيران التي زادت مع الحملة الجوية الروسية يقول مقاتلو المعارضة إنهم «لن يتخلوا عن المكاسب التي حققوها في الشهور الأخيرة».