أكّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أنّ «القوات» لن تشارك في الحوار الوطني المقرر الأربعاء المقبل، باعتبار أنه «سيكون مثل الذي سبقوه، وبالتالي مضيعة للوقت»، قائلاً: «تقديرنا للرئيس نبيه بري شيء ورأينا بالدعوة إلى الحوار شيء آخر مختلف تماماً، فالبلد يغرق بالنفايات، ومنذ شهرين إلى الآن لا أحد يحاول إيجاد الحلّ، لنذهب نحن كي نتناقش بجنس الملائكة من جديد؟». وقال جعجع في خطاب ألقاه بعد إقامة قداس «شهداء المقاومة اللبنانية» في مقره في معراب تحت شعار «ما بينعسوا الحراس»: «مرتا مرتا تهتمّين بحوارات كثيرة والمطلوب واحد في الوقت الحاضر: النزول إلى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية. فالذهاب إلى الحوار الآن يحرف الأنظار والاهتمام عن الخطوة الأساسية المفصلية الوحيدة التي ممكن أن تشكّل لنا باب فرج وخلاص في الوقت الحاضر والتي هي انتخاب رئيس». وقال: «كل جلسات الحوار التي حصلت لم تتمكن من ترك حكومة انتقالية تتصرّف بالحد الأدنى كحكومة انتقالية. ولم تجعلنا نحترم بالحد الأدنى المواعيد الدستورية وننتخب رئيس جمهورية، ولم تمكننا من إقناع البعض باحترام حدود لبنان الدولية وعدم القتال في سورية، ولم تمكننا من إلقاء القبض على بعض المجرمين والسارقين في البقاع. ولم تسحب قطعة سلاح واحدة من داخل المخيمات ولا من خارجها، ولم توصلنا حتى إلى قانون انتخابات جديد ولا إلى انتخابات نيابية، ودفعتنا غصباً عنّا للقبول بالتمديد للمجلس النيابي خوفاً من الفراغ الدستوري الكامل. وكم من حوار في إطار الحكومة الحالية فقط من أجل الاتفاق على صيغة للعمل الحكومي، ومنذ أشهر وأشهر إلى الآن، من دون أي نتيجة. مين جرّب المجرّب كان عقلو مخرّب». ثورة كاملة على الفساد وأعلن جعجع «ثورة جمهورية كاملة على كل شيء اسمه فساد، بمعزل عن فريقي 8 و14 آذار، بحيث لن تنقضي الأمور معنا بعدم المشاركة بأي حكومة ستتشكل كالعادة، على أسس غير واضحة وبتقاسم مغانم، بل سنكون رأس حربة بمعارضة هكذا حكومات لأنّه حكماً ستوصلنا إلى هكذا نتائج». وانتقد الوضع الذي «لم يعد يُطاق، فالحكومة يجب أن ترحل لكن شرط مجيء حكومة مكانها، لا عاجزة ولا فاشلة ولا فاسدة. وحتى يكون لدينا إمكان تغيير هذه الحكومة بواحدة أفضل منها، نحتاج إلى رئيس جمهورية. فأقصر وأوضح وأسهل طريق للخروج من الوضع الحالي، من دون تعقيدات ولا مطبّات، ولا تعديلات دستورية مستحيلة، هو أن ينتخب المجلس النيابي رئيساً جديداً، ولكن شرط ألا نتراجع أبداً كشعب عن معركة الفساد التي نخوضها الآن. يعني أنه لا يجب أن نضغط فقط حتى ينتخب المجلس رئيساً جديداً، ولكن ليكون أيضاً هذا الرئيس مختلفاً وقادراً على البدء بعملية الإصلاح المطلوبة». ترأس القداس الأب الياس العنداري ممثلاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، وحضره كل من: الرئيس ميشال سليمان ممثلاً بالوزيرة أليس شبطيني، رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون ممثلاً بالنائب نعمة الله أبي نصر، الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة ممثلين بالنائب جمال الجراح، وشخصيات نيابية وحزبية وديبلوماسية ودينية. وشدد جعجع على أن لبنان «لم ينته ولن ينتهي ولا ينتهي. مررنا بالكثير، ومرّ علينا كُثر: حثّيون وفرس ورومان ومماليك، وإمبراطوريات، وسلالات، وانتدابات، واحتلالات ووصايات. كلّهم ذهبوا وبقي لبنان. مرّ علينا ظلم كثير وقهر كبير، مرَّ علينا فقر وتعتير، مرَّت علينا مجاعة رهيبة، وصارت الناس تموت من الجوع على جوانب الطرقات. مات ثلث لبنان وهاجر ثلثه الثاني، وبقي لبنان. مهما تكدّست النفايات وكثُر السماسرة واستشرى الفساد وانتشرت الروائح الكريهة، لن نعرف يأساً، وسنبقى حرّاس حلم الناس». ورأى أنه «لا يجب أن يفكّر أحد بالهجرة، بل بتهجير من هم السبب. فشلوا أن يهجّرونا خلال الحرب، وأن يهجرونا في السياسة، وأن يهجّرونا بالمجاعة، وبالوصاية، وفشلوا أن يهجّرونا بالفقر، وبالقمع والاعتقالات وبالاغتيالات. وفَشَرُوا أن يهجّرونا بالزبالة والقرف والصفقات». ولفت إلى أن «اليأس جزءٌ من المؤامرة لذا يجب أن نكون ضد اليأس لأنّه يجب أن نُسقط المؤامرة. ولإسقاط المؤامرة يجب أن نتذكر دوماً لبناننا الذي يناضل على رغم كل السواد والروائح الكريهة التي تتصاعد هذه الأيام». وقال: «الى جانب كلّ العتمة والنتانة اللتين أوجدوهما هذا الصيف، عاشت ضيعنا مهرجانات فرح فاح منها عطر وعبير، خففت من روائحهم وفسادهم. وكل الباقي طارئ ومفروض، يزول عند زوال أسبابه ورحيل أصحابه». وطمأن القواتيين إلى أن «بنضالنا مستمرون حتى ننقذ لبنان من أطنان الفاسدين وتجار السياسة. لا يُخيفنا أحد بالصعوبات، فنحن في وقت الصعوبات قوات». وقال: «ويلٌ لشعب حكوماته عاجزة، فاشلة، فاسدة، اذ بعد 25 سنة من نهاية الحرب في لبنان، نجد أنفسنا بلا مياه، بلا كهرباء، بلا طرق كما يجب أن تكون، وبلا خدمات عامة، والآن مع نفايات! البعض انطلاقاً من هذا الواقع قفز ليقول: «صار بدنا تغيير نظام». ولكن متى كان النظام بحد ذاته سببَ فساد أو استقامة؟ هل الفساد ابن نظام معيّن؟ البعض الآخر طرح نظرية أنّ كل هذه الطبقة السياسية فاسدة «وصار بدّا تغيير»، ففي حين أن قسماً من هذه الطبقة السياسية فاسد بالتأكيد، يوجد قسم ثانٍ غير فاسد أبداً، ونحن على رأس اللائحة، وحتى أننا لم نشارك عملياً بأي حكومة منذ نهاية الحرب، إلا استثناءً وبشكل بعيد جداً من كل الذي يحصل في زواريب السلطة الفعلية، والمشاركة كانت لضرورات سيادية جمهورية ليس أكثر». واعتبر أن «حكومات الوفاق الوطني تكون كناية عن جمع كل التناقضات ووضعها في حكومة واحدة، من دون أن تكون متّفقة على شيء، إلاّ على طريقة توزيع الحقائب، أي توزيع الحصص، و «من بعد حمارهم ما ينبت حشيش». تجتمع الحكومة أو لا، تتخذ قرارات أو لا، تنفّذ أو لا، تحلّ مشاكل الناس أو لا، تصبح مسألة على الهلّة والتوفيق. الشيء الوحيد الذي لا يتركونه على الهلة هو تقاسم الحقائب والحصص، ما أوصلنا إلى حكومات فاشلة عاجزة فاسدة». «الصفقات عابر وحيد» أضاف قائلاً: «هل تعرفون أنّ المواضيع الوحيدة التي تكون عابرة للخطوط السياسية في البلد هي الصفقات؟ وحين يتفق أشخاص من 8 آذار وأشخاص من 14 آذار على تقاسم المغانم والمنافع، بمعزل من الطروحات السياسية المتناقضة لهما؟ لن نقبل بهذا الواقع بعد الآن». وأشار إلى أن «الخطوة الأولى والوحيدة التي بإمكانها إخراجنا من الوضع، هي انتخاب رئيس للجمهورية، يشكّل حكومة فور انتخابه، ولو نسبياً على قدر طموحاتنا. من بعدها تنظّم هذه الحكومة انتخابات نيابية على أساس قانون جديد للانتخابات ليصبح الناس قادرين على محاسبة من انتخبوهم». واعتبر جعجع أنه «إذا أبقينا عيوننا مفتّحة كما الآن، لا أتخيّل أن هناك إمكان كي يتسلل أحد من الجيل الفاسد إلى كرسي رئاسة الجمهورية ولو من خلال انتخابات من المجلس الحالي، بينما إذا أوقفنا حملتنا وعدنا إلى بيوتنا ونمنا وكأنّ شيئاً لم يكن، لن نحصل على الرئيس الذي نريده، لا من خلال هذا المجلس ولا بغيره. ومن دون رئيس يُمكننا أن نتظاهر بقدر ما تشاؤون، ولكن لن نصل لأي نتيجة. نريد رئيساً، لأنّه من دون رئيس ستبقى الحكومة الحالية. ودورة الحياة السياسية ستظل معطّلة». وقال: «نسمع من وقت لآخر البعض يقول: هل يا تُرى ميشال سليمان سيكون آخر رئيس مسيحيي في لبنان والشرق؟ فمن يفترض هكذا افتراض، ولو عن حسن نية، يكون لا يعرف شيئاً بالسياسة ولا بالتاريخ ولا الجغرافيا ولا بلبنان. ما يجعلني أقول هذا الكلام هو اتفاق الطائف والدستور والواقع في لبنان. إن محاولات التخويف المقنّعة ولّت أيامها، وكذلك محاولات التخويف غير المقنعة. طالما لبنان موجود وتوجد فيه جمهورية وهذه الجمهورية لديها دستور، طالما حقوق جميع اللبنانيين محفوظة من دون منّة من أحد. طالما لبنان موجود رح تضلّ أجراسنا تدقّ، ورح يضلّ في رئيس مسيحي بالشرق». وتوقف عند «وجود سلطة خارج السلطة ودويلة إلى جانب الدولة، ما يعطّل الحياة السياسية الطبيعية في لبنان ويمنع المساءلة والمحاسبة. بالفعل هذا أحد أهم أسباب كل الواقع المتردي الذي نعيشه. منطق الدولة يتعطّل حين لا يعود وحده هو السائد. وجود الدولة يتعطّل حين القرار لا يعود كله لها، وفاعلية الدولة ككل تتدنى كثيراً حين يصبح هناك تشويش على منطقها وافتئات على وجودها». وأضاف قائلاً: «نحن ممتنون لكل الذين يتنطحون لحمايتنا، ولكن لا نحتاج إلى حماية. وحين نحتاج الجيشُ اللبناني يحمينا. وحين لا يعود الجيش قادراً لا سمح الله، لسبب من الأسباب، نعرف كيف نحمي أنفسنا. لا يحاول أحد تخويفنا بالخطر. نحن وقت الخطر قوات». وشدد على وجوب «مواصلة الضغط للوصول إلى دولة فعلية قوية، منطقها وحدها هو السائد، وقوانينها وحدها المحترمة. ولا خلاص من دون جمهورية قوية».