أجلت في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا أمس محادثات كان من المفترض أن تكون مباشرة بين ممثلين عن حكومة رئيس جنوب السودان سيلفا كير والمتمردين الذين يقودهم نائبه السابق رياك ماشار. وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت أن محادثات السلام المباشرة بين طرفي الصراع الدامي في دولة جنوب السودان لن تعقد كما كان مقررا أمس، حيث يجب نقاش قضايا عالقة مع الوسطاء. وقال وزير الخارجية الإثيوبي تيدروس آدانوم إن المحادثات سوف تجري بين ممثلين عن كل من رئيس جنوب السودان، سيلفا كير ميارديت، ونائبه المقال، رياك مشار، قائد القوات المتمردة. وتهدف المحادثات إلى إنهاء القتال وأعمال العنف القبلي المستمرة في جنوب السودان منذ اسابيع بين القوات الحكومية وقوات مشار. وكان ممثلو طرفي النزاع قد اجتمعوا، كل على حدة، بوسطاء في أثيوبيا. ووصف وزير الخارجية الإثيوبي هذه المحادثات بأنها بناءة. ومنذ الشهر الماضي يقاتل المتمردون بقيادة مشار القوات الحكومية، ما أدى إلى مقتل نحو ألف شخص ونزوح 180 ألفا عن منازلهم. وجنوب السودان هي أحدث دولة في العالم، حيث تأسست عام 2011 إثر انفصالها عن السودان بعد عقود من النزاع. وتعود جذور النزاع الحالي إلى السنوات التي سبقت الاستقلال، عندما كان المتمردون يتقاتلون فيما بينهم ويقاتلون سعيا للاستقلال. وعقب الاستقلال، تحول القتال بين المتمردين - الذين أصبحوا سياسيين - إلى نزاع عرقي. وينتمى كير إلى قبيلة الدينكا بينما ينتمي مشار إلى قبيلة النوير. وكان متحدث باسم جيش جنوب السودان قد قال لبي بي سي إن الاشتباكات مستمرة في مدينة بور، وفي أجزاء من ولاية الوحدة. وحتى الآن مازال المتمردون يرفضون إنهاء العمليات العسكرية قبل بدء المحادثات. وتقول وكالات الإغاثة إن جنوب السودان بحاجة ملحة إلى إمدادات لمساعدة آلاف السكان الذين أجبروا على الفرار من منزالهم. وقد تدهورت الأحوال في معسكر أويريال للاجئين على ضفاف النيل، الذي أصبح الآن مأوى لنحو 75.000 شخص فروا من القتال في عاصمة ولاية جونغلي، بور القريبة، التي استولى عليها المتمردون. وقال ديفيد ناش من هيئة إم إس إف الطبية لبي بي سي "لا توجد مياه صالحة للشرب. وخمسة آبار لا تكفي". "الناس يشربون المياه من نهر النيل مباشرة. وهي مياه طينية، وليست جيدة. وليس هناك مراحيض، ولذلك يتبرز الناس في الخلاء. وتلك ظروف مناسبة جدا لانتشار الكوليرا". ووصف روبين اكورديت نجونج، اسقف بلدة بور الذي فر من القتال السبت والان في العاصمة جوبا، البلدة بأنها "منطقة حرب" وقال إن "الجثث تنتشر في كل مكان". وقال اكورديت "عندما تكون في بلدة بور، تتحرك سادا انفك من الرائحة الكريهة". وأكد الكولونيل فيليب اغوار من الجيش الشعبي لتحرير السودان إن بلدة بور في أيدي المتمردين. وتبدلت السيطرة على بور، التي تقع على بعد 200 كيلو متر شمالي جوبا، بين المتمردين والحكومة ثلاث مرات في الاسبوعين الماضيين. وقال الكولونيل لبي بي سي إن الجيش الشعبي لتحرير السودان "انسحب بصورة تكتيكية ولكن القتال ما زال مستمرا بالقرب من بور وهي مسألة وقت ان يعيد الجيش الشعبي لتحرير السودان الاستقرار الى المنطقة". وأضاف الكولونيل أن القتال مستمر في منطقة مايوم في ولاية الوحدة وحول حقول النفط في الشمال. واعلن الرئيس سيلفا كير حالة الطوارئ يوم الاربعاء في ولايتي الوحدة وجونغلي. وقتل الف شخص على الاقل وفر 180 الفا على الاقل من ديارهم منذ بدء القتال الشهر الماضي بين مؤيدي الرئيس كير ومؤيدي نائبه المقال رياك مشار. ولكن ما بدأ كصراع على السلطة بين الرجلين تحول الى صراع عرقي بين قبيلتي الدينكا التي ينتمي لها كير وقبيلة النوير التي ينتمي لها مشار.