طويت الأقلام وجفّت الصحف. أقر المصريون دستورهم. و بقي لنا تعليق. كانت معركة الاستفتاء أشرس معركة عربية إعلامياً. لم يمر مثلها بالإعلام العربي لا داخل و لا خارج مصر. استُقطِبَ كلُّه إما مع أو ضد. لم تبق وسيلة إعلام بارزة إلا كشفت هواها حياله. فغابت المهنيةُ عن الجميع، لأن جزءاً لا يتجزّأُ من أجزائها هو المصداقية و الدقة و الإنصاف مع كل طرف. غاب كل ذلك للأسف. بدا واضحاً أنها، سياسياً، معركة دولٍ لا معركة مصر وحدها. معركةُ خارجٍ اعتبرها مسألة حياة أو موت إما مع أو ضد، فتبنّى كلُ إعلامٍ مصالح طرفه بطريقةٍ فجّةٍ مع أنه كان أحرى أن يتبنّاها باحتراف لا يؤذي مستقبل تأثيره المهني. بغياب الاحترافية والمصداقية سقطت أقنعةُ وسائل إعلامية كانت توهم العربي بالموضوعية و الرأي الآخر و المعرفة أكثر بحقائق الأمور. اتضح أنها شعارات، لا واقع. خدمتْها الظروفُ أحياناً لأن الواقع صادف هواها و خذلتْها عندما خالَفَ مرادها. تُبنى السياسة على أن تكذب أكثر و تتلوّن أكثر..فإذا إعلام اليوم يأخذ المنهج ذاته. إنه عصر غياب كلِ شيءٍ إلّا التضليل. Twitter:@mmshibani