نسبة النمو السكاني عندنا مرتفعة جداً، وستعيق التنمية، ولقد ظلت تلك النسبة مرتفعة منذ أمد طويل فكان أول تقرير دولي ..بغية التنمية في المملكة حينما قامت بطلب البنك الدولي بإعداده في أوائل السبعينيات من القرن الماضي .. ومع صدور الخطة الخمسية الأولى للتنمية، .. وبعد ("الصعقة"الطفرة النفطية في 1973م 1993ه). ولقد حوى ذلك التقرير الدولي الذي تبنته المملكة حينها، حوى إشارات صارخة عن ارتفاع نسبة النمو السكاني وتفاقمه وبلوغه وحتى وقتها إلى مصاف الدول ذات الانفجارالسكاني. فما بالنا اليوم، ..بعد اكثر من أكثر من ثلاثة عقود من الزمن من النمو والتنامي والتكاثر.. وبعد ان كان قد أشير في تقرير البنك الدولي إلى أن نسبة النمو السكاني قد تعدت ال3.5% ..و أخالها الآن أكثر من ذلك. و لقد دأبت الدول المتقدمة على النظر في النوعية أكثر بكثير من الكمية العددية، فغرب أوروبا وأمريكا واليابان وسنغافورة أخذوا بالحرص على مقاربة ضبط النسل والتناسل إلى ما لا يزيد عن 2 إلى 3 أطفال لكل عائلة؛ بل ولقد دأبت الصين منذ عشرات السنين (وإلى وقت قريب) على تشجيع عدم التوسع لأكثر من طفل(واحد). ولقد لاحظتُ في سنغافورة منذ اكثر من ربع قرن حرصها على الاكتفاء بمولودين اثنين، مع توفير كافة الخدمات والتسهيلات والعناية بالأم وجنينها ورضيعها، مع تحمل كافة الأمور الصحية منذ بدء الحمل، وخلاله، وبعده ..وذلك لطفل واحد (ثم تقليل أو تلاشي كل ذلك للطفل الثاني) ومن النتائج المباشرة لعدم تنظيم الأسرة هو توافر ملايين العاطلين، وخاصة من الشباب؛ فليس من المقبول بحال توقع (ناهيك المطالبة) توفير كافة فرص العمل والعيش الكريم والرفاهية للمنفلت من الأعداد من البشر.وكما أن هناك نسباً وتناسباً بين عدد السكان في أية مدينة معينة وعدد أطباء الأسنان والولادة وغيرهم فيها، فإنه من غير المعقول توقع توافر الوظائف (لأي) عدد من البشر هكذا.. وبغض النظر عن المؤهلات والحاجات الوظيفية في الواقع المعاش.. ولأعداد بلا حدود من الجنس البشري. فحتى (لو) تم تخصيص –مثلاً- (مدرس مساعد) لكل مدرس في الفصل الدراسي الواحد، كتفاً بكتف ..فهل نتوقع (أو حتى نتخيل) مع هذه المضاعفة في كادر سلك التدريس إلى المضي الى أكثر من ذلك؟ بمعنى: هل يا ترى سنقوم بتعيين ثلاثة مدرسين (أو حتى أكثر) لكل صف دراسي؟ لا لشيء إلا لتخفيف صفوف وطوابير طلاب الوظائف وبأي عدد؟ و في مثل مثال المدرسين الافتراضي هذا، هل ستجرنا الأوهام في بقية مجالات (العمل)؟. يقع غير قليل من الناس عند تناول المشكلة السكانية عندنا إلى الإشارة إلى سعة وطننا و ترامي اطرافه..الجغرافي! ويقع مباشرة في التباس من شقين: الالتباس الأول هو الإشارة المتواترة (و المبتورة) إلى سعة المساحة (الجغرافية) للمملكة بشواسع صحاريها وشواهق جبالها وجفاف وديانها.. بينما نجد أولئك القائلين بذلك أنهم يغفلون(أو يتغافلون) عن مدى توافر الرقعات الصالحة زراعياً أصلاً، وعن مدى توافر المرافق المعيشية واللائقة في تلك البقعات الصالحة، وعن مدى توافر العناصر الأساسية مما يلزم من أدوات و خدمات لتحقيق مستوى نوعي للسكنى الكريمة والإسكان غير العشوائي. أما الالتباس الآخر، فيتمثل في النظر إلى مجرد توافر السيولة النقدية في المداخيل (المتوافرة اصلاً فقط عند نسبة معينة من السكان ..ومع إغفال أن النقود وحدها لم و لا تحقق النوعية الحقيقية المطلوبة، لا في داخل المنزل ولا في خارجه.. الا ربما للقلة القليلة. عميد سابق في جامعة البترول