القيم المحورية والأهداف الجوهرية .. وعبارات ملأت أسماعنا وربما أبصارنا فهي كثيرة تعايشنا معها بحكم المناعة المكتسبة جراء كثرة استخدامها وترديدها في بعض الفضائيات بل والجرائد والمجلات واحتار أطفالنا لعدم إدراكهم لمعناها مثل:لابد أن يكون لك رسالة وأهداف جوهرية وقيم محورية ولابد لك من (كريزما Charisma ) فالشخص الفلاني مثلاً له كريزما عالية وذات وزن وتأثير كبيرين .. لأن (الكريزما) هي سحر في الشخصية أو ملكات أو جاذبية يوصف بها الإنسان الذي تتوفر فيه تلك العوامل مجتمعة (بالكريزما ). لكن لفضيلة الشيخ الدكتور عائض القرني يحفظه الله صفة جوهرية حقيقة أعتقد أنه لابد من توفرها حتى يكون للشخص كريزما معتبرة .. فقد قال الدكتور عايض في إحدى محاضراته القيمة (فن التطنيش لمن أراد أن يعيش ) مدللا على قول أحد الصالحين :( طنش تعش تنتعش) أي لا تبالي بالحوادث والمنغصات، ومستدلاً بقول المتنبي فعشت ولا أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي ويقول فأنت إذا ذهبت تدقق خلف كل جملة وتبحث عن كل مقولة قيلت فيك وتحاسب كل من أساء إليك، وترد على كل من هجاك، وتنتقم من كل مَنْ عاداك، فأحسن الله عزاءك في صحتك وراحتك ونومك ودينك واستقرار نفسك وهدوء بالك، وسوف تعيش ممزقاً قلقاً مكدراً، كاسف البال منغص العيش، كئيب المنظر سيئ الحال، عليك باستخدام منهج التطنيش. إذا تذكرت مآسي الماضي فطنش، إذا طرقت سمعك كلمة نابية فطنش، وإذا أساء لك مسيء فاعف وطنش، وإذا فاتك حظ من حظوظ الدنيا فطنش، لأن الحياة قصيرة لا تحتمل التنقير والتدقيق، بل عليك بمنهج القرآن: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ). سبّ رجل سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال أبو بكر: سبُّك يدخل معك قبرك ولن يدخل قبري، إن الفعل القبيح والكلام السيئ والتصرف الدنيء يُدفن مع صاحبه في أكفانه ويرافقه في قبره ولن يُدفن معك ولن يدخل معك. وذكرني هذا الكلام الجميل حقيقة الفهم والمحاولة لبناء كريزما قوية صحيحة الشخصية ما قيل : (ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي) .. أي التغابي مع القدرة على الرد.. ويكون في غير ما مس لدين أو عرض .. بل في شؤون الأبناء والأزواج والزوجات والأخوان في الحياة اليومية .. وحقيقة لا يخلو شخص في هذه الدنيا من نقص، ومن المستحيل على أي زوجان أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً.. وليس من المعقول أن يحدث ثمة شجار كل يوم أو كل أسبوع على أمور كان يمكن للتطنيش أن يحرز فيها سبقاً ومقداراً كبير من العافية والإصلاح بين الأزواج أو بين الناس عموماً .. وهو ليس كالحلم .. فالحلم معروف بأنه سيد الأخلاق ولا ينزل صاحبه بحلمه وحسن الخلق إلى درجة الشخص الجاهل الذي تعدي على ذلك الحليم بالسب والتجريح رغم أن الأول قادر مع حلمه على أن يفعل ويرد على الآخر البذيء الذي بادر بالسب والعداء السيئ.. أما التغابي والتطنيش فهو فن التعامل لتسيير بعض الشؤون اليومية وحسن التعامل مع الأبناء والزوجات والأخوان.. وبعد ذلك يمكن أن يقال فلان عنده كريزما عالية.. ولا مانع كمان بعدها من التحدث عن القيم المحورية والأهداف الجوهرية .. والله المستعان .