سعاد رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» أشير إلى ما نشر في صحيفتكم في العدد رقم (16054) الصادر في 29/8/1431ه تحت عنوان (فن إخراج الدبابير من أعشاشها عندما يجاهر المحامي بالرذيلة) وما سبقه من مقالات لنفس الكاتب وردود من قبلي. إي كاتب مقال هو صندوق مقفل لا يظهر ما بداخله سواء كان ما بداخله (مجموعة متناقضة من المبادئ والسباب والشتم) أو كان بداخله (حكم ورأي صريح واضح وثبات على المبدأ) لا يظهر كل ذلك إلا بعد أن ينشر الكاتب مقاله ويعرضه لحكم القارئ، فالقارئ فقط هو من يؤمن بالكاتب ويصدقه أو يكشف تناقضاته فيصدر حكمه ضده استنادا إلى ذاكرة قارئ لا تنسى. ولكوني لا أنسى ما كتبته بالأمس فإني أعيد بعضه للتذكير ليس إلا فما زلت مصرا على أن هذا الرد وما سبقه ليس لثأر شخصي بقدر ما هو دفاع عن مهنة شريفة تتعرض للتدخل وإبداء الآراء فإن تجاوزنا ما ورد في المقالات من عبارات أترفع عن وصفها ومنها [يمتهن نوع من المحامين أحدهم الكذب ............. سيحذر منهم الناس ............. هناك من يبحث عنهم؟ ومستعد ببذل أي مبلغ لهم مقابل ما يقدمونه من خدمات لا يقوى غيرهم عليها، ولا يقدم محامي يحترم مهنته على اقتحام هذه المهمات... إلخ]، وعدم ردي على هذه العبارات وما شابهها في المقالات السابقة هو أن حكم القارئ يستند على أن من رمى غيره بفرية أو تهمة أو سب دون أن يقدم إثباته عادت فريته على قلمه وعلى نفسه، فقد سب رجل سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال [سبك يدخل معك قبرك ولن يدخل قبري]، فالفعل القبيح والكلام السيئ والتصرف الدنيء يدفن مع صاحبه في أكفانه ويرافقه في قبره. ولهذا فسأحصر ردي على مناقشة تناقضات كاتب المقال في ثلاثة مقالات، فقد بدأ في مقاله الأول مؤمنا بالتقسيم ومنافحا عن مبادئ إقصاء الآخر، مبادئ إن لم تكن معي فأنت ضدي، وعندما رددت عليه بمقال موضحا له خطورة تصنيف الناس وتقسيمهم وأن مكان التصنيفات والتقسيمات هي جبال تورابورا أو أماكن أخرى طمرها التاريخ وداستها الأقدام ولم يعد لها مكان بيننا، انتقل كاتب المقال إلى جهة أخرى معتذرا عن مبدأ التصنيف وكأنه يطلب الصفح والعفو حين أورد في مقاله (من يجرؤ على تصنيف القضاة) ما نصه (لم يكن المقصود من المقال بالدرجة الأولى التصنيف، إذ التصنيف فيه إحراج لا يمكن رده). عندها قلت وفي تعليق ختامي لإنهاء النقاش أن ذلك فضل من الله، ثم سبب من أسباب الحوار، ومدى ما وصل إليه فكرنا من رقي بالاعتراف بالخطأ نتيجة إيماننا بالحوار الذي ينادي به سيدي خادم الحرمين الشريفين داخليا وخارجيا، وقد ورد كل ذلك في مقالي بعنوان (الصيخان خسر القضية لتراجع القاضي الرزين وإنكاره مبدأ التصنيف). وبعد أن انتهى الحوار فاجأنا كاتب المقال بمقالته الأخيرة محل الرد عائدا إلى جدل التصنيف والتقسيم مقرا على نفسه أنه لم يكن ينوي العودة مرة أخرى إلا ليثبت أنه ما زال على نظرية التقسيم!، فإن كان كاتب المقال لم يغير رأيه أو مبدأه وما زال يؤمن بالتقسيم والتصنيف وإقصاء الآخر فلماذا تنازل عن هذا المبدأ وذهب في مقاله الثاني لواقع الاعتذار حين قال (لم يكن المقصود من المقال بالدرجة الأولى التصنيف، إذ التصنيف فيه إحراج لا يمكن رده). أنا هنا لا أتدخل لمصادرة الآراء، بل لأكشف حجم التناقض في الآراء حول مهنتي ومهنة كثير من الشرفاء، فإن كان طرح الآراء حول مهنة المحاماة بغرض التطوير والتعديل سعيا إلى شبه الكمال كما ذكر كاتب المقال. المحامي سليمان الجميعي