هل ستراجع الشعوب بعض عاداتها غير الصحية ( لا ضرر ولا ضرار ) وتحد من القبلات عند المصافحة بعد تحور فيروسات قاتلة أسرع من القوات الأمريكية المجوقلة سريعة الانتشار ؟.. فقد استنفر العالم جهوده لمواجهة السارس ، ثم إنفلونزا الطيور ، وبعدها إنفلونزا الخنازير ..وأنواع الحمى ومنها حمى الضنك وما على شاكلتها . حسب الأطباء والدراسات الصحية ، تنقل القبلات نحو 15 مرضا عدا ونقدا .. وليس بالضرورة أن تغزو مجتمعة ، وإنما حسب طبيعة الفيروس والإصابة .. إما بسيطة أو من العيار المتوسط كالجدري المائي .. أومن العيار الثقيل كالحالات المذكورة أعلاه . فإذا كانت القبلة تفعل كل ذلك .. فلماذا لا نراجع بعض عاداتنا ، خاصة أننا أكثر الشعوب تقبيلا في كل لقاء على موعد أو مصادفة والزيارات والمناسبات ، ولا مانع من تقبيل من لا نعرفهم إذا كانوا ضمن الحضور ( من باب الذوق) . وليتنا نكتفي بقبلة واحدة ، وإنما مثنى وثلاث ونزيدها برابعة ونؤكدها بخامسة .. وكما في اللقاء يتكرر في الوداع ، وبين كل قبلة وقبلة تحية والسؤال : كيف الصحة .. كيف الحال .. إن شاء الله طيب ؟ وحسب الأطباء : كيف يكون الإنسان بخير وصحة مع كل هذا التقبيل. في المناسبات لا تعد القبلات ( أعلى معدل عالمي ) وفي مناسبات الزفاف تسري عدوى التقبيل ، والعريس صاحب النصيب الأكبر من قبلات المهنئين .. ونفس الحال للعروس من المهنئات .. ولأن الواجب عندنا أهم من الصحة والسلامة ، فلن تمنع نزلة برد والعطس من المشاركة والتهنئة خشية العتب.. لذا فالأفضل الحضور ولو أطلق (هو أو هي) 21 عطسة تحية في قاعاتنا المغلقة !. يبدو أن التقبيل ظاهرة لا حل لها في مجتمعنا ، وحتى إخواننا السودانيين لم يستطيعوا أن ينقلوا إلينا عدوى مصافحتهم الصحية ، لأننا لم نقتنع بعد بأن سلام اليد والأكتاف أسلم من الخشوم . وإذا كنا نتبادل التحية (المقبّلة) أي المقرونة بالقبلات في كل لقاء ، فإن التقبيل عند الغرب يختلف في طبيعته ونوع المقبّلين .. كما أنه من النوع الذي نعتبره ( فعلاً فاضحاً في الطريق العام) و بين كل كلمة وكلمة ( قبلة ) .. ومن يسافر إلى بلاد العم سام يرى المشاهد على الطبيعة ، وطبعا لا يلتفت إليهم إلا أمثالنا استنكارا .. وبعضنا ( يتمنى ) وها هم ينقلون إلينا ثقافتهم العاطفية إلينا في أفلامهم ليل نهار .. ولعل إنفلونزا الخنازير فرصة لمن يحرجهم التقبيل في الأفلام أمام أطفالهم ليقولوا لهم أنه سبب العدوى ، ويحمدون الله أن ذلك لا يحدث عندنا ، وأن ما نتعرض له من إنفلونزا هي من( النوع البريء ) سببه تيار هواء ونزلة برد . أطباء الأمراض الجلدية أيضا قالوا كلمتهم .. بأن عاداتنا الاجتماعية في السلام لا تقل خطرا في نقل الأمراض الجلدية ، وكما في الإنفلونزا العادية من الصعب أن تسأل كل من ستصافحه إن كان عنده برد أو متاعب جلدية ، فليس من المنطق بل من العيب أن تصافحه ببرود على طريقة الإنجليز .. أو عن بعد كما كان يفعل الراحل محمد عبد الوهاب الذي ظل طوال حياته يرتعد من عادة التقبيل ويتوجس من المصافحة فيسارع إلى تعقيم يده بعدها ، وقد أمضيت سنوات بالقاهرة خلال عملي بالسفارة هناك ولي صداقات مع إعلاميين معروفين وسمعت الكثير عن حكاية عبد الوهاب المعروفة للجميع مع السلام والتقبيل .. ومؤخرا فرضت دول آسيوية غرامات على القبلة عند المصافحة حتى تسد أخطر ذرائع العدوى . أما الأطفال فلهم النصيب الأكبر من القبلات منذ ولادتهم وفي زياراتنا الاجتماعية خاصة مع الأهل والأجداد والجدات ، فيزيدون من جرعة التقبيل لأحفادهم .. وكلنا نفرح بهذا الحب من آبائنا وأمهاتنا تجاه صغارنا .. لكن أهل الطب لهم رأي آخر غير ملزم طبعا .. بأن المناعة تضعف عند كبار السن ، وهي ضعيفة أساسا عند الصغار ، وقد يكون فيروس إنفلونزا (بشرية) كامن لم ينشط بعد .. وسرعان ما ينتقل للصغار ..وكله فداء الأحبة من الأهل .. وفداء عاداتنا .الإسلام أرشدنا إلى المصافحة السليمة "تبسمك في وجه أخيك صدقة" والتحية بالكلمات الطيبة والعبارات الرقيقة.الأسرة تعرف حالتها الصحية .. وعند أي عرض للكبير أو الصغير فيها يكون الحذر قدر الإمكان ، والحرص من عدوى البقية خاصة الصغار . فهل نعلمهم صغارنا تقبيل اليد والرأس ..لكن ما الحل في قبلات المصافحة .. هل تستحق في نظر وزارة الصحة أن تقول لنا رأيها في ذلك .. وإذا كانت تستحق هل تقود حملة لمنع التقبيل من باب الوقاية ؟. نقطة نظام: "من لم يحسن إلى نفسه لم يحسن إلى غيره" [email protected]