يعلن حزب العمال البريطاني، اليوم السبت، نتائج الانتخابات لاختيار زعيمه الجديد، ويبدو جيريمي كوربن، أحد أبرز وجوه اليسار المتطرف، الأوفر حظا في شغل المنصب خلافا لكل التوقعات. واختيار زعيم هو محطة استراتيجية بالنسبة لحزب العمال لأنه سيتعين على القائد الجديد النهوض بالحزب بعد خسارته المدوية في الانتخابات التشريعية في 7 مايو أمام المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون. وسيتعين على خلف، ايد ميليباند، أيضا أن يقود الحزب حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في 2020، حيث سيكون المرشح الطبيعي لمحاولة إنهاء 10 سنوات من حكم المحافظين. وبعد حملة استمرت عدة أسابيع، انتهى التصويت الخميس الماضي في انتخابات زعيم حزب العمال، وشارك فيه ما مجمله 610 آلاف شخص. وتعتبر استطلاعات الرأي ومكاتب الرهانات النتيجة محسومة لصالح كوربن، الذي يواجه 3 منافسين هم اندي بورنهام، وايفيت كوبر، وليز كيندال، وهم أصغر سنا وأقل ميلا إلى اليسار ويعتبرون محافظين أكثر. وسيكون انتخاب كوربن (66 عاما)، المعارض الشرس لسياسات التقشف، على غرار حزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الإسباني، بمثابة ثورة صغيرة داخل الحزب الذي كان حتى فترة قصيرة ملتزما بالنموذج الاجتماعي الديمقراطي الذي دعا إليه توني بلير. وتمكن كوربن، الداعي إلى السلام والمؤيد لفرض ضرائب إضافية على الأكثر ثراء من حشد مؤيدين يأملون ببديل سياسي، ومن إثارة حماسة لم يكن مسؤولو الحزب يتوقعونها. وقال كوربن في نهاية حملته الانتخابية: "نحن نغير السياسة في بريطانيا، ونتحدى الفكرة القائمة على أن المسائل الفردية وحدها هي المهمة، ونقول في المقابل إن المصلحة المشتركة هي مطلبنا". واجتذب كوربن قاعدة الحزب والنقابات من خلال دعوته إلى الانتقال إلى اليسار من خلال مقترحات مثل إعادة تأميم السكك الحديد والطاقة وفرض رقابة على الايجارات. إلا أن شعبية كوربن المتزايدة ترافقت مع عداوات حتى داخل معسكره إذ يعتبر كثيرون أن فوزه سيؤدي إلى انقسام الحزب، وسيحد بشكل كبير من فرصه في الفوز في الانتخابات التشريعية في 2020. وتعرض كوربن للانتقاد أيضا من قبل اليمين، ولو أن المراقبين يرون أن الحزب العمال بقيادة كوربن سيشكل فرصة ثمينة للمحافظين الذين سيكسبون عندها الوسطيين غير الموافقين على خطه الراديكالي. وأعلن كاميرون، يوم الجمعة، في إشارة إلى حزب العمال ومستهدفا كوربن أن "خطابه (كوربن) المتطرف يعد فقط بمزيد من النفقات والاقتراض والضرائب".