قد يُحدِث انتخاب اليساري الراديكالي، جيريمي كوربين، زعيماً للمعارضة البريطانية انقساماً في صفوف حزب العمال، لكنه سيوفر فرصاً عدة لن تخلو من مشكلات لرئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، بحسب رؤية محللين. ويستبعد المحللون وصول كوربين مستقبلاً إلى رئاسة الحكومة كون أفكاره، مثل فرض ضرائب على الأكثر ثراءً وإلغاء التسليح النووي وتشريع حشيشة الكيف، لا تلقى أصداء إيجابية في الأوساط السياسية. لكن فوزه المتوقَّع، الذي يُعلَن عنه اليوم، قد يؤدي إلى انقسام حزبه وربما رحيل الوسطيين الأقرب إلى الخط الإصلاحي الذي يدعو إليه زعيم العماليين السابق، توني بلير. ولا يروق لهؤلاء سياسة معارضة التقشف التي يدعو إليها «الرفيق كوربين» أسوةً بحزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الإسباني. وعلَّقت الكاتبة، يونيس غوس، بقولها «في حال انتخاب المرشح الأوفر حظاً، سيكتشف سريعاً أن عمله كرئيس للحزب في غاية الصعوبة». وتوقعت غوس أن يواجه كوربين ما سمَّتها «امتناعات وتحديات وتهديدات بالانشقاق وهجمات عبر وسائل الإعلام بشكل شبه يومي». وربما كان هذا سبباً وراء ترحيب المحافظين بإمكان وصوله إلى رئاسة «العمال» المعارض، حتى أن بعضهم سجلوا أسماءهم كمؤيدين للحزب من أجل التصويت لصالحه نزولاً على مقترح لصحيفة «ديلي تلغراف». ولم تتدخل أوساط الأعمال البريطانية المحسوبة على المحافظين في النقاش السياسي، واكتفت بالتحذير من بعض مقترحات كوربين مثل فرض سقف على الأجور المرتفعة جداً وإعادة تأميم بعض الصناعات. ووقَّع قرابة 55 خبيراً اقتصادياً رسالة نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» في سبتمبر الجاري للتنديد ب «هذه المشاريع الخطيرة»، لكنَّ 40 آخرين وقَّعوا رسالة تأييد لصاحبها. واستبعد الأستاذ في معهد «لندن سكول أوف إيكونوميكس»، إيان بيغ، قلق الأسواق المالية من انتخابات رئاسة «العمال» لأن فرص فوز الحزب في الانتخابات العامة المقررة في عام 2020 تبدو ضئيلة في ظل زعامته المحتملة. لكن يمكن أن تؤدي الزعامة العمالية الجديدة إلى تعقيد عمل رئيس الوزراء على صعيد السياسة الخارجية خصوصاً ما يتعلق بأزمة سوريا وعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. ومنذ فوزه في الانتخابات العامة في مايو الماضي؛ لا يتمتع كاميرون سوى بغالبية ضئيلة في مجلس العموم. وإذا تخلَّف عدد قليل من نواب معسكره؛ فلن يكون قادراً على جمع التأييد الكافي لشن ضربات ضد تنظيم «داعش» في سوريا. ويزيد هذا الاحتمال إذا كان على رأس المعارضة ناشط يدعو إلى وقف العمليات العسكرية الخارجية. وفي خضم تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا؛ كشف رئيس الوزراء عن غارةٍ شنتها طائرة بريطانية دون طيار في سوريا. وأسفرت الغارة عن مقتل 3 متطرفين في عملية هي الأولى من نوعها وتنذر بعمليات أخرى. وعلَّق كوربين بالقول «لست مقتنعاً بأن الغارات على سوريا تعطي نتيجة». علاوةً على ذلك؛ يبدو موقف الأخير من البقاء في الاتحاد الأوروبي غامضاً، إذ يرى أن «أوروبا تقوِّض مصالح العمال» على الرغم من تأييد حزبه كيان الاتحاد. وسيبدأ كاميرون حملة لإبقاء عضوية بلاده في الاتحاد تحضيراً لاستفتاء في هذا الشأن سيُنظَّم في نهاية عام 2017. وإجمالاً؛ يعتقد المحللون أن «العمال» بقيادة كوربين يشكل فرصة لا تُضاهَى لرئيس الوزراء لتعزيز صفوف حزبه من خلال ضم الوسطيين المعارضين للمواقف المتطرفة الجديدة للعماليين. وكتب المعلق المحافظ، فريجر نيلسون في صحيفة «تلغراف» أمس الجمعة إن المحافظين «لديهم فرصة ذهبية وعلى كاميرون الاستفادة منها».