من المؤسف حقاً أن تنتهي علاقة الأخ بأخته في الليلة التي تتزوج فيها وتنتقل لبيتها الجديد ، البعض - للأسف - ينسى تماماً بأنه كان له في يوم من الأيام أختاً شاركته الثدي والبيت ذاته وتعايشت معه تقلبات الدهر ذاته ، فيغفل عنها ويتجاهل دوره تجاهها . ربما لأنه يعتقد بأن مهامه وواجباته انتهت مع بداية عقدة نكاحها وأن زوجها ( خلاص ) استلم زمام الولاية عليها ، مما يسوغ له عدم السؤال عنها والاهتمام لأمرها ، وربما يصل الأمر ببعض الرجال إلي حدود الجهل بطريق أو عنوان مسكن أخته إذا ما كانت في منطقة أخرى . الفتاة .. أي فتاة حينما تتزوج تشعر في ليلة زفافها بأنها كقطعة استؤصلت من الجسد .. (جسد العائلة ) ثم ألقي بها إلي حيث المجهول حتى وإن كانت مطمئنة لزواجها إلا أن ذلك لا يلغي شعورها بالرهبة من تقلبات غدها ، وأن أحوج ما تحتاج له في هذه اللحظات أن ينبري لها أخوها من خلف كومة قلقها ، إما باتصال أو بزيارة أو حتى برسالة قصيرة في الجوال يشعرها بأنها لازالت أحلى أغصان الشجرة ، والفرع الذي لا يذوي مهما ابتعد عن أصله . الاهتمام لا يعني بالضرورة تقديم العينيات و صرف الأموال كما يظن الكثيرون .. بل ربما أنهن لسن في حاجة لأي بذل من أي نوع كان سيما اللاتي تزوجن من الموسرين . ولربما أن منهن من لا يزلن يدعمن ذويهن ( الوالدين والأخوة ) من مرتباتهن أو تجارتهن . لذا هن يطلبن ما ليس بمقدور أحد غير الأخ تقديمه وما ليس بمقدور كنوز الدنيا تثمينه ، إنه العزوة . بعض الأخوة .. لا يعي ما هي ( العزوة ) أو بمعنى أصح .. يجهل كيف يصل بأخته المتزوجة إلي شعور العزة ؟مع أن المسألة بسيطة جداً لا تتعدى في أصعب الأحوال زيارة أو اتصال تحقق أثرها الناجع في إذكاء مشاعر الثقة والاعتزاز في نفس أخته المتزوجة لا سيما إن كانت في مدينة أو قرية بعيدة ، أعتقد أن الزيارة أو التواصل بأي طريقة كانت تمثل للكثيرات جرعة تذكيرية لأزواجهن ، وكأني بالواحدة منهن تقول أنا لا زالت أحمل قيمة كبيرة عند أهلي ولا زلت المسنودة بحبهم وزوجي لا بد من أن يضع في حسبانه ما يكنه لي إخوتي من تقدير واهتمام فيما لو انزلقت به الأفكار يوماً للنيل مني أو من كرامتي أو دعاه شيطانه لظلمي والجور علي . نعم .. فالرجال لأخواتهن مدعاة فخر وعز ومنعة .. ووجودهم وحضورهم في حياتهن يؤصل في نفوسهن أركان الثقة ودعائم الشكيمة والندية والموازنة في معادلة الاستقرار الأسري لهن ، أعتقد أن الأخ بمكالمة واحدة سيسطر ملحمة من ملاحم الود والأمان ، الأمان الذي يشعر أخته المتزوجة بذاتها.. ومدى الافتقاد لها ، وأنها الحبيبة القريبة التي لا يتم الرضا إلا بعد تمام رضاها .. الأمان الذي تشعر معه أن أخاها لا زال الأسد الجاثم خلفها .. والعضيد المجلجل لأجلها .. ملاذها إذاما ادلهمت الخطوب ومأمنها .. وليجرب كل من له أخت طال بها أمد اللقاء به أن يتصل بها الآن - وليس بعد الآن –ثم يتأمل صوتها حين تتيقن منه .. سيلحظ لا محالة تغير مفاجئ في نبرة صوتها . حيث يعلو ويزهو زهو السارة المبتهجة ، بل وأؤكد بأنه سيعلم إن كان زوجها بجوارها أم لا من درجة وحدة عبارتها ، فإن كان بالقرب منها فستأخذها نشوة الفرح لأقصى درجاتها وكأني بها وهي تتلو عبارات الود والترحاب رامقة بعين الكيد النسوي البسيط عين زوجها كإشارة رمزية مملوءة بالحصانة و الاستقواء يعلم على إثرها الزوج أيضاً بأن أخاها هو من يقبع في الطرف الأخر من الهاتف . أتدرون لما عرف الزوج بهوية المتصل بزوجته دون أن تصرح هي بهويته ، عرف ذلك من النشوة التي تفجرت في وجنتيها ، ومن بريق القوة الذي تلألأ في مقلتيها ، ومن شعور الأمان المنبثق في حديثها . إنه الأخ .. وهل في الوجود نشوة تعادل عزوة الأخ ؟ عبدالرحمن ظافر الشهري