فجّر السودانيون الشارع تظاهراتٍ لليوم الثالث على القرار الحكومي رفع أسعار المحروقات، إذ لم تتوان السلطات عن إطلاق الرصاص الحي على المدنيين العزّل ما أوقع ما لا يقل عن 50 قتيلاً في الخرطوم بأضلاعها الثلاثة، فيما ارتفع عدد ضحايا ود مدني إلى 13، في الأثناء أغلقت المدارس بقرار حكومي فيما توقّفت خدمة «الإنترنت» عن مناطق واسعة من البلاد، بينما تسلّلت واشنطن إلى قلب الأحداث بحض سفارتها بالخرطوم كل الأطراف إلى عدم استخدام العنف. وسقط 50 قتيلاً في مواجهات عنيفة بين متظاهرين سلميين والأمن السوداني، إذ قتل 9 متظاهرين في ضاحية «اللاماب» نقلت جثثهم إلى مستشفى بشائر القريب، فيما تكدّست مشرحة مستشفى أم درمان التعليمي بجثث 22 قتيلاً وفق لجنة تنسيق شباب الثورة وحركة «التغيير الآن». إسقاط النظام وردد المتظاهرون في الخرطوم الذين شكل الطلاب القسم الأكبر منهم «حرية، حرية» و«الشعب يريد إسقاط النظام»، مسترجعين الشعار الأبرز ل «الربيع العربي»، وممطرين الشرطة بالحجارة التي ردّت بقنابل مسيل الدموع والرصاص الحي. وأقفلت المتاجر في الخرطوموالمدينة القريبة منها ام درمان. وقطع عدد كبير من الطرق، اذ اضرم المتظاهرون النار في الإطارات المستعملة او في أغصان الشجر، وانتشرت سحابة دخان كثيفة سوداء فوق عدد كبير من احياء العاصمة. وقال شهود إن متظاهرين أشعلوا النار في مبنى جامعي وعدة محطات بنزين وأغلقوا الطريق الرئيسي المؤدي للمطار قرب فندق فخم. ورأى مراسل «رويترز» الشرطة وهي تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين فيما هرع مئات من الضباط ورجال الأمن الذين يرتدون ملابس مدنية والمسلحين بالبنادق أو الهراوات الى وسط المدينة. وفي حي الخرطوم بحري، اكد احد الشهود انه شاهد ست سيارات احرقها المتظاهرون. وأقفلت الشرطة عند الظهر قسما من محور الطرق المؤدي الى المطار، وتوقفت وسائل النقل المشترك ظهرا. وأقفلت قوات الأمن التي انتشرت بقوة قسما من الطريق المؤدية الى المطار. وأكد الموظف احمد عمر لدى عودته الى منزله في نهاية الدوام: «كان علي السير عشرة كيلومترات». حتى الوصول إلى منزله. تظاهرات في الأطراف وفي نيالا ثاني اكبر مدينة في منطقة دارفور بغرب السودان قال شهود ونشطاء لوكالة «رويترز» بالهاتف إن حوالي ألفي طالب تظاهروا احتجاجا على الحكومة. ورشق كثيرون الشرطة بالحجارة وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع. كما اندلعت احتجاجات في ود مدني والمناقل بولاية الجزيرة جنوبيالخرطوم وردد المئات «لا لغلاء الأسعار». وسار مئات الأشخاص منهم طلاب في بورت سودان، المرفأ الوحيد في البلاد على بعد الف كيلومتر شمال شرق الخرطوم، كما افاد شهود ان الشرطة فرقت المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع والهراوات. إقفال المدارس في الأثناء، أعلنت السلطات السودانية اقفال المدارس في الخرطوم حتى نهاية الشهر الجاري للحيلولة دون وقوع تظاهرات طلابية كما حدث سابقاً. وأوضحت مصادر سودانية أن وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم قررت تعليق الدراسة بمدارس الولاية، نتيجة للأحداث والتظاهرات التي تشهدها العاصمة. كما تعطلت الدراسة في عدد من الجامعات السودانية وتم تأجيلها إلى إشعار آخر. وأعلنت جامعة سنار تعطيل الدراسة في كل كلياتها المختلفة إلى ما بعد عيد الأضحى. وحاولت الحكومة امتصاص آثار التظاهرات بالإعلان عن إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من رسوم الدراسة والامتحانات، وأبقت على تعرفة المواصلات في بعض الأحياء الطرفية في الخرطوم على ما هي عليه. قطع الإنترنت وانقطع الانترنت عن مناطق واسعة في العاصمة وولايات عديدة أخرى، إلا أنه لم يتضح ما إذا كان الأمر ناجماً عن عطل أو بقرار من الحكومة على حد رواية المعارضة. تحذير جبهة في السياق، أعلنت الجبهة الثورية ، التي تقاتل الحكومة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، دعمها وتأييدها الكامل ل «الثورة» التي انطلقت في الخرطوم، داعية أفراد الشرطة والقوات النظامية إلى عصيان أوامر النظام وعدم إطلاق الرصاص الحي وقتل المدنيين. وحذّرت الجبهة من أنّها «لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه دموية النظام حال تمادى في قتل المتظاهرين». دعوات تهدئة وفي أول رد فعل دولي، دعت السفارة الأميركية في الخرطوم كل الأطراف إلى عدم استخدام العنف، مشيرة إلى أنّها تحض السلطات على احترام الحريات المدنية وحق التجمّع السلمي، لافتة إلى أنّها «تلقّت تقارير مؤسفة عن إصابات بليغة وأضرار بعدما اخذت الاحتجاجات منعطفا عنيفاً». وأضافت السفارة الأميركية: «في هذه الفترة الصعبة، من الضروري للجميع التزام الحذر وضبط النفس». إضاءة يعاني الاقتصاد السوداني من ارتفاع التضخم وتدهور قيمة العملة على اثر فقدان عائدات النفط بعد ان اصبح جنوب السودان دولة مستقلة في يوليو 2011 وأخذ معه 75% من انتاج النفط البالغ 470 ألف برميل يومياً.