يؤكد مختصون صناعيون أن المملكة لديها خطوات إصلاحية واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية في المجال الصناعي، وتوفير المزايا النسبية، وبرغم كل تلك الجهود فإنه مازالت هناك حاجة ماسة لتحسين ضوابط الاستثمارات الأجنبية في المملكة، والعمل على جلب المزيد منها للاستثمار، خاصة أنه حسب تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي 2013 -2014، أصبحت المملكة هدفاً للاستثمار الأجنبي، وأن السوق بإمكانها أن تكون تنافسية، لتصنيف المملكة في المرتبة 20 عالمياً من حيث سهولة أداء الأعمال وحاجة المملكة في سوقها الصناعي للخبرات الأجنبية لتوطين التقنيات، والاستفادة من التكنولوجيا والبحوث العلمية، وكذلك تطوير المهارات وخلق الفرص الوظيفية للشباب السعودي. يؤكد الخبير الصناعي في مجال الصناعات البتروكيماوية، المهندس محمد بن راشد، أنه معظم دول العالم التي تمتلك الميز النسبية للصناعات، ومن ضمنها السعودية تسعى جاهدة لأن تكون جاذبة للاستثمار الأجنبي، والعمل على تحسين آلياتها ومعاييرها وأنظمتها حيال وضع سياسات وأهداف مرنة تساعد على جلب هذه الاستثمارات التي إن لم تجد المشجع لها تحولت إلى دول تستفيد منها، وبين أن الاستثمار الأجنبي يتميز عن غيره بنقلة للتقنية والتكنولوجيا، وتبادل الخبرات الفنية مع الشريك المحلي، وقبل ذلك دوره في توفير فرص وظيفية للمواطنين وهو الهاجس الذي تسعى العديد من الدول للتغلب عليه ومحاربة البطالة، إضافة إلى تنوع قاعدة التصنيع وتطوير التسويق، والأهم أن ذلك يؤدي إلى تضاعف حجم الاقتصاد السعودي. وأوضح أن الانفتاح على الاستثمار الأجنبي يكون في مجالات متعددة منها قطاع الصناعات، ومنها البتروكيماويات، والمقاولات، والعقارات، والصحة، والتقنيات، وغيرها، وستجد كل هذه المجالات قبولاً جيداً في السوق السعودية، كما أنه سيُوجِد اقتصاداً متيناً وإنتاجية تقلل من اعتمادنا كلياً على القطاع النفطي. كما لا يمنع الاستفادة من تجارب بعض الدول الأخرى في هذا الحقل، والاستمرار في ما تقوم به الحكومة وبعض الوزارات والهيئات المعنيّة من زيارات للدول ذات الخبرة والاتفاقات التجارية والاقتصادية مع تلك البلدان؛ لبلوغ الهدف الأسمى من مخرجات الاستثمار الأجنبي. من جهته، أكد الخبير الصناعي وأحد مؤسسي شركة كيان للبتروكيماويات المهندس أسعد الغامدي، أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من الجهات المعنية بتشجيع وجلب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، إلا أن ذلك تكون نتائجه دون وجود جدوى أو نتائج ملموسة، وذلك لأن عامل الربح والخسارة يحكم مثل هذه الاستثمارات والتي لا يجد المستثمر الأجنبي وجود هامش ربح مغرياً للاستثمار في ظل الحصول على المواد الخام المنتجة محلياً، ولكن بسعر السوق العالمية وتظل منطقة شرق آسيا أفضل من ناحية الجدوى الاقتصادية له مقارنة بالمملكة. وبين أن الهيئة الملكية بالجبيل هي الوحيدة التي لعبت دوراً بارزاً في جلب الاستثمارات الأجنبية، من خلال منهجية العمل الاحترافي والمخطط له، مثال ذلك ما قامت به الهيئة الملكية من عقد عدة مؤتمرات في الجبيلوينبع؛ بغرض تشجيع المستثمرين للاستفادة من البنية التحتية الجاهزة في الجبيل -2 وكذلك ينبع. وقال يمكن تقسيم فرص الاستثمار الأجنبي في المملكة إلى ثلاثة قطاعات كالتالي: الاستثمار في المجال التجاري، وهذا القطاع يعتبر من أنشط القطاعات التي يوجد بها مستثمرون أجانب، وهو ملحوظ بشكل واضح فنجد معظم الشركات العالمية لديها فروع أو وكلاء في المملكة مثل سلسلة المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية والسيارات، وما إلى ذلك وتعتبر المملكة من أهم وأكبر الأسواق في الشرق الأوسط؛ لما تمثله من ثقل إسلامي وتجاري وجغرافي، وكذلك من ناحية عدد السكان والقوة الشرائية للفرد إضافة إلى التصنيف الائتماني للمملكة، وكل هذه العوامل تساعد على جذب أي مستثمر إلى الدخول في السوق السعودية والاستثمار فيها. والقسم الثاني يتمثل في الاستثمار في مجال البنى التحتية والخدمية للمملكة، ويعتبر هذا القطاع خصباً للاستثمار الأجنبي، ولكن للأسف لم يتم إعطاء المستثمر الأجنبي الفرصة للاستثمار في هذا المجال، وذلك لأن الدولة تقوم بتمويل معظم المشاريع للبنى التحتية من ميزانية الدولة، وللأمانة فإن هناك فرصاً كان بالإمكان إعطاؤها للمستثمر الأجنبي وذلك بنظام BOT (Build Operate & Transfer) وبمعنى البناء والتشغيل الذاتي لعدة سنوات؛ ومن ثم تحول المشروع للدولة وهذا فيه مصالح عديدة منها توفير السيولة للدولة، وكذلك جودة وسرعة تنفيذ المشروع بأفضل المواصفات، ومثال ذلك قطاع النقل العام (القطارات)، وكذلك المطارات والمدارس وغيرها من المشاريع ذات الطابع الخدمي. ويأتي الاستثمار في المجال الصناعي ثالثاً، وهذا كذلك ينقسم إلى نوعين: الصناعات الأساسية، وهذا القطاع تم الاستثمار فيه بنجاح، وذلك لما قدمته المملكة للمستثمر الأجنبي من تسهيلات في جميع النواحي، إضافة إلى موقع المملكة الجغرافي، وتوفر القيم بأسعار ممتازة جداً، وهذا بدوره أثر على زيادة ربحية الشركات الأجنبية المستثمرة في قطاع الصناعات الأساسية، مثل صناعة البتروكيماويات، ومن أهم الخطوات التي كان لها الأثر الكبير في جذب المستثمر الأجنبي هو إنشاء الدولة في منتصف السبعينيات (سبتمبر 1976م) الشركة السعودية للصناعات الأساسية، وذلك بموجب مرسوم ملكي كريم، وتمتلك الدولة (70٪) منها وهذه الخطوة الجبارة أسست لانطلاقة الصناعات الأساسية للبتروكيماويات، وتبعها القطاع الخاص السعودي. والقسم الثاني يتمثل في الصناعات التحويلية، وهذا القطاع يعتبر من القطاعات المظلومة، والتي لم تحظَ بنفس الاهتمام الذي تم في قطاع الصناعات الأساسية، رغم وجود الفرص الكبيرة، وكل ما تم في هذا القطاع تم بجهود ذاتية من قبل مستثمرين سعوديين، واستمالة للمستثمر الأجنبي تمت بناء على المصلحة المشتركة، وقد تم الحديث عن هذا القطاع المظلوم من قبل الكثير من المختصين، وتم اقتراح أن تقوم الدولة بتكرار ما عملته في الصناعات الأساسية، وذلك بتكوين شركة تملك الدولة فيها على الأقل (60٪) وتقوم بتأسيس ما يسمى بالصناعات التحويلية، وربطها ربطاً تكاملياً بالصناعات الأساسية، فيما يسمى بصناعة الكلسترز (الصناعات التكاملية)، وفي ظل غياب هذه الخطوة تظل هذه الصناعة تحبو بوتيرة بطيئة وبشكل فردي.