في الوقت الذي يتميز فيه القطاع الصناعي في المملكة بتوفر المواد الخام للصناعات التحويلية، برزت مطالب بتفعيل مشروع التجمعات الصناعية "الكلسترز"، وإيجاد سياسة واضحة في هذا المجال لإزالة الصعوبات التي أعاقت التوسع في الصناعات التحويلية، وفرصة إقامة تحالفات استثمارية، حيث يعد هذا المجال من أكبر الفرص الممكنة لتكوين تكتلات بين المستثمرين، في ظل وفرة المواد الخام الأساسية. وحصر الخبير الصناعي المهندس أسعد جميل الغامدي معوقات إقامة تجمعات الصناعات التحويلية في عدم وجود سياسة واضحة لها، إذ باتت متروكة لاجتهادات رجال الاعمال فقط، داعياً إلى استثمار توفر المواد الخام للصناعات التحويلية ممثلة في منتجات شركة معادن أو المواد المنتجة من الصناعات الأساسية مثل منتجات شركات سابك. وقال الغامدي إن الصناعات التحويلية هي عبارة عن صناعات ينطوي نشاطها على تحويل المواد الأولية إلى منتجات نهائية أو منتجات وسطية ذات قيمة مضافة، مطالباً بتفعيل مشروع التجمعات الصناعية (الكلسترز) ووضعه موضع التنفيذ، إذ يعد من أهم الوسائل الداعمة للنهوض بالصناعات التحويلية، مشيراً إلى أن المشروع قارب أربع السنوات من طرحه دون أي نتيجة ملموسة من ناحية التنفيذ. وأضاف: "استبشرنا خيرا في تبني وزارة البترول والثروة المعدنية سياسة الدخول في التجمعات الصناعية، التي تعتبر عند تطبيقها ثورة صناعية كبيرة في مجال الصناعات التحويلية، ولكن للأسف مازال المشروع يراوح أدراج اللجان المكونة، رغم تواصل بعض الشركات مع قطاع الاستثمار في الهيئة الملكية وكذلك شركة أرامكو السعودية كونهما عضوين في لجان تطوير التجمعات الصناعية، حيث تقدمتا بعدة اقتراحات لتفعيلها. ويرى الغامدي أن الصناعات التحويلية مازالت في نطاق ضيق جداً وفي مجالات محدودة لا تخدم الاقتصاد المحلي بالدرجة المرجوة، مبيناً أن دور الصناعات التحويلية في تنوع مصادر الدخل مهم، حيث تعد من أهم ركائز دعم الاقتصاد والصناعة في الدول، مستشهداً بتجارب ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، حيث استطاعت هذه الدول من خلال تشجيع وتوطين الصناعات التحويلية رفع اقتصاداتها. وقال الغامدي إن الصناعات التحويلية تفتقر للدعم الحكومي، داعياً إلى دعمها أسوة بما تلاقيه شركات الصناعات الأساسية مثل شركة سابك والشركات الخاصة العاملة في الصناعات الأساسية، حيث إن الدعم في المواد الخام للصناعات الأساسية تستفيد منه الشركات التي تعمل في هذا المجال، ولكن للأسف لا يتم تمرير ولو جزء بسيط من هذا الدعم للصناعات التحويلية، الأمر الذي يدفع أصحاب هذه الصناعات التحويلية الحاليين إلى شراء المواد الخام من الشركات التي تعمل في الصناعات الأساسية بسعر السوق العالمي، مما يقلل من الميزة التنافسية لهذا القطاع وعدم قدرته على اجتذاب الشركاء الأجانب، وذلك بحكم أنه لم يتم تقديم الدعم اللازم لجذبهم أسوة بما تم فعله عند تكوين صناعة البتروكيماويات قبل حوالي 30 عاما. وأشار الغامدي إلى وجود منتجات من الصناعات التحويلية كثيرة يصعب حصرها، ولكن التركيز على المهم منها حسب وجهة نظره مثل قطع غيار السيارات وأدوات المنزل والبلاستيك والطاقة الشمسية وغيرها. وتعهد الغامدي بأن تقوم الشركات المتخصصة في هذا المجال -مثل شركة التكامل للحلول الاقتصادية- بالتعاون وتقديم الخبرات المتراكمة إلى وزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة التجارة والصناعة وكل من يهتم بالنهوض بهذه الصناعة. يذكر أن الصناعات التحويلية تساهم مساهمة فعالة في استثمار المواد الخام المتوفرة في البلد وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية بدلا من بيع المواد الخام للخارج، واستيرادها بأسعار مرتفعة مقارنة مع سعر بيعها للمواد الخام، كما أن هذه الصناعة تحتاج إلى أيد عاملة بصورة أكبر بكثير من الأيدي العاملة في الصناعات الأساسية، وهذا بدوره يسهم في توفير فرص عمل و توظيف الشباب السعودي وتقليل البطالة وإيجاد مصادر للدخل القومي غير البترول والبتروكيماويات، ناهيك عن أهمية هذه الصناعة في تغطية السوق المحلية والسوق المجاورة بمنتجات محلية.