أكد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة /إيسيسكو/ الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري أن القراءة الواعية البانية المفيدة هي التي تصنع الثقافة وتنتج المعرفة وتؤسس للنهضة. وقال في محاضرة ألقاها تحت موضوع (القراءة روح الثقافة وقاطرة التنمية) مساء اليوم في طرابلس في إطار البرنامج الثقافي لمعرض طرابلس الدولي للكتاب في ليبيا بحضور وزير الثقافة الليبي نوري الحميدي // إن من المفاهيم الحديثة في علوم التربية مفهوم (جودة التعليم) الذي يراد به وضع مناهج جديدة للتعليم تكون داعمة له وممهدة لأن يصبح تعليماً جيداً يصل إلى تحقيق درجة كبيرة من الجودة مع مسيس الحاجة إلى اقتباس هذا المفهومَ الحديثَ من علوم التربية، واستخدامه في مجال الثقافة// . وشدد على ضرورة اعتماد فلسفة (جودة الثقافة) كمفهوم أشمل مضامينا وأوسع ميادينا وأعمق مفهوماً وأبعد مدى في صياغة الذهنية الجماعية المؤهلة للإنتاج والإبداع من مفهوم (جودة التعليم)0 وأوضح أن الثقافة إرادة حازمة قادرة على تنفيذ السياسات الثقافية في مختلف المجالات على النحو الذي يخدم أهداف التنمية الشاملة المستدامة من منطلق أن الثقافة هي استثمار في الموارد البشرية واستثمار في المواد الطبيعية في الآن نفسه إلى جانب أنها استثمار للمستقبل واختيار اقتصادي لارتباط العمليات الاقتصادية الهادفة إلى النماء والتطور بالثقافة العامة المستندة إلى ثوابت الأمة وخصوصياتها وهويتها. مؤكداً أن الثقافة قضية استراتيجية في المقام الأول. وقال الدكتور التويجري إن الاستثمار في الثقافة هو استثمار في المستقبل، وإن الثقافة هي المفتاح للولوج إلى مجتمع المعرفة. وأوضح أن الثقافة في مفهومها العام وفلسفتها الشاملة : ولاء، وبناء، ونماء، الولاء للأمة، لدينها، ولقيمها، ولمثلها، ولحضارتها، ولثقافتها، والبناء للنفس وللعقل وللوجدان وللقدرات، والنماء للبيئة وللمجتمع المحلي، وللمجتمع الإنساني عموماً. وقال «إن الثقافة العربية الإسلامية تعيش أزمة يتوجب علينا دراسة أسبابها وهي أزمة القيم وأزمة الهوية وأزمة الموقع في الخريطة الدولية.مضيفا إن الأزمة الثقافية في العالم العربي الإسلامي بشكل عام هي أحدُ الأسباب الرئيسَة للأزمة الحضارية التي تطبع هذه المرحلة من تاريخ العرب والمسلمين التي منها تنبثق جميع الأزمات السياسية والاقتصادية والصناعية والتقنية والعلمية والثقافية والفكرية والإبداعية». وربط الدكتور التويجري بين أزمة الثقافة وأزمة اللغة فقال «إن أزمة اللغة العربية في عمقها وجوهرها هي جزء لا يتجزأ من أزمة الثقافة العربية بصورة عامة وإن الانهيار الذي تعاني منه لغة الضاد في هذه المرحلة هو الوجه الآخر للنكوص الثقافي». وعزا الدكتور عبد العزيز التويجري أزمة الثقافة في العالم العربي الإسلامي إلى خمسة أسباب لخصها في عدم نجاح جلّ التجارب التربوية والسياسات التعليمية في إشاعة ثقافة القراءة بين المواطنين ما أدَّى إلى ضمور (الوعي القِرائي) وقصور السياسات الثقافية التي نفذت في العالم العربي الإسلامي على مدى العقود الستة الأخيرة عن التوسع في إنشاء المكتبات العمومية لتقريب الكتاب للمواطنين ومحدودية النشر بالقياس إلى تزايد السكان إذ لا يزيد عدد النسخ التي تطبع من الكتاب الواحد في جميع الدول العربية على ثلاثة آلاف نسخة وقلة الموارد المالية المخصصة للإدارات الحكومية المعنية بالثقافة إذ تأتي الموازنة المرصودة لقطاع الثقافة في جل الدول العربية الإسلامية في أسفل سلم أبواب الإنفاق الحكومي وتأثير وسائل الإعلام من صحافة مكتوبة وفضائيات ومحطات إذاعية في صرف الانتباه عن الثقافة بينما كان المفترض أن يسهم الإعلام بكل وسائله في نشر الثقافة وفي تقريب مصادرها ومشاربها للجمهور العريض. //انتهى//