ناقش مجلس حقوق الإنسان أمس الأول قضية العنف ضد المرأة السعودية مع ياكن إيرتورك المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة - مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان - التي أعدت دراسة ميدانية عن حال المرأة في السعودية وما تتعرض له في حياتها العامة، وذلك بحضور مجموعة من الحقوقيين. وقدمت ياكن إيرتورك تقريرا استعرضت فيه زياراتها لبعض الدول، وقد استهلت الجزء الخاص بالسعودية من تقريرها بشكر السعودية على تعاونها وفتح المجال لها للالتقاء بممثلي الجهات الحكومية وغير الحكومية، كما قدمت شكرها وامتنانها لهيئة حقوق الإنسان للدور الإيجابي الذي مكنها من أداء مهمتها. وفي إشارةٍ إلى تعاون السعودية مع آليات الأممالمتحدة، ذكرت السيدة ياكن أن السعودية قدمت تقريرها للجنة المعنية بمعاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كما ذكرت أنه على الرغم من أن المجتمع السعودي قائم على التفريق بين الجنسين، إلا أن السعودية شهدت تطورات إيجابية في فترة وجيزة، وذكرت أن تعليم المرأة أسهم في وصولها إلى سوق العمل ومواقع صنع القرار، وأشارت بأن تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار لا يزال محدودا، وقد باركت السيدة ياكن تعيين أول نائبة لوزير التربية والتعليم، ودعت السعودية إلى المضي قدما، ومواصلة هذا التوجه، كما أضافت أن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باتوا يشكلون قلقا كبيرا للنساء في الأسواق والأماكن العامة، منتقدة في الوقت ذاته التشريعات حيث أشارت بالقول إنها لا تحدد تجريما محددا للاغتصاب، كما ألمحت إلى استغلال العمالة في أمور تنافي الأخلاق كتشغيلهم قسريا أو استغلالهم جنسيا. وأوضحت ياكن أن السعودية تفرق بين الذكور والإناث، مضيفة أن المجتمع يقوم على قوامة الرجال على المرأة، وقالت: «هذان العاملان يشكلان عقبة أمام استقلال النساء بأنفسهن، ومراعاة سمتهن الشرعية كنساء بالغات وقدرتهن على المشاركة التامة في أنشطة مجتمعهن ومحل عملهن». وذكرت أن طرق القضاء في السعودية المتعرضة لأمر الطلاق وحضانة الأطفال ومعها تواكل النساء وعوز استقلالهن في الاقتصاد، لا تزال تمنع قدرتهن على الإفلات من قبضة الأزواج السيئين، وقالت: »زواج القاصرات والزواج المبكر أو الذي أكرهن عليه والطلاق، هي أيضا باتت معروفة أكثر عند الناس على الرغم من أن الفرص القائمة لجبر الكسر وإصلاح الخلل لا تزال قليلة العدد«. بعد ذلك تمت مناقشة تقرير السيدة ياكن في إطار عملية الحوار التفاعلي، وقد فنَّد الدكتور زيد بن عبدالمحسن آل حسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان بعض الملاحظات التي ذكرتها السيدة ياكن في تقريرها، وتعقيبا على ما أوردته في تقريرها من أن توجها شرعيا معينا هو المهيمن على البلاد، أوضح أن السعودية تنتهج منهجا معتدلا يقوم على وسطية الإسلام وعدالته، وأن آراء هيئة كبار العلماء في السعودية تأخذ بالرأي الراجح من بين كافة المذاهب الفقهية دون التقيد بمذهبٍ دون آخر، لاسيما أن هيئة كبار العلماء مُشكَّلة من علماء ينتمون إلى مذاهب متعددة. وقد أكَّد أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز حكومي له اختصاصات محددة وفق نظامه المقرر، وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من رجال الضبط الجنائي وفقا لنظام الإجراءات الجزائية هم يخضعون في إجراءاتهم المتعلقة بالضبط الجنائي لإشراف هيئة التحقيق والادعاء العام، ويمارسون واجباتهم الوظيفية وفقا لما تحدده الأنظمة ذات الصلة، وأي تجاوز لهذه الاختصاصات هو أمر محظور نظاما، والوصف الذي ذكرته السيدة ياكن في تقريرها من أن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحوا مصدر رعب للنساء غير دقيق. وقد نفى الدكتور زيد آل حسين ما ذكرته السيدة ياكن في تقريرها من أن تشريعات السعودية لا تحدد تجريما محددا للاغتصاب، وأكد أن أحكام الشريعة الإسلامية تقضي بمعاقبة مرتكب هذه الجريمة بأحكام قد تصل إلى القتل، وللنظام القضائي منهجه في السعودية في ملابسات قضايا الاغتصاب أو العنف الجنسي. كما نفى ما ورد في التقرير من أن بعض العمال في السعودية تتم المتاجرة بهم لغرض العمل القسري أو الاستغلال الجنسي، حيث أشار التقرير إلى حالة واحدة في هذا الصدد، وأشار إلى أن العمل القسري أو الاستغلال الجنسي وجميع أشكال استغلال الإنسان، أفعال مجرّمة في الأنظمة السعودية إذا وجدت تتم مواجهتها بكل حزم باعتبارها جرائم لا ينبغي التهاون بها، وهي لا تمثَّل اعتداء على هذه الفئة فحسب، بل هي اعتداء على المجتمع بأكمله، وتجاوزٌ لأحكام الشريعة الإسلامية التي تجرّم هذه الأفعال. كما أشار الدكتور زيد بأن التقرير استخدم ألفاظا تفيد التعميم، وذكر أن التقرير أسس بعض أحكامه على حالات فردية لا يخلو منها أي مجتمع ولا يمكن اعتبارها مصدرا للحكم ولا مسوغا لتعميمه حتى عند ثبوتها. وأكد في ختام كلمته أن الحكومة السعودية لا تدّخر جهدا في كل ما من شأنه يعزز ويحمي حقوق الإنسان، وأن السعودية تتعاون مع آليات حقوق الإنسان بكل شفافية ومصداقية، وهي ماضية قدما نحو تعزيز وضع المرأة بالشكل الذي يحفظ لها كرامتها وخصوصياتها، ويجعلها قادرة على خدمة المجتمع والقيام بدورها بشكل حيوي وفاعل. يذكر أن السيدة ياكن قدمت في تقريرها العديد من التوصيات منها، تحديد سن أدنى لزواج الفتيات وهو 18 سنة، والقيام بحملات لنشر الوعي وتدريب مسؤولي جهات تنفيذ القانون والقضاء ومقدمي الرعاية الصحية والعاملين في المجال الاجتماعي من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان والقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة التي لا تتوافق وقيم المجتمع الإسلامي، وتيسير إجراءات حصول النساء على بطاقة الهوية الوطنية، وغير ذلك من التوصيات، وقد مثل السعودية في هذه الدورة وفد برئاسة الدكتور زيد بن عبد المحسن آل حسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان، والدكتور هادي اليامي عضو مجلس الهيئة، والدكتور ناصر الشهراني، والدكتور عبدالله الأنصاري وبعض المختصين في الهيئة.