أبدى محافظ مؤسسة النقد السعودية محمد الجاسر تفاؤلا بتوجه الزعماء الأوروبيين لاتخاذ حزمة إجراءات لمعالجة أزمة ديونهم، وقال متحدثا لضيوف «ملتقى الكويت المالي الثالث» أمس، إن قمة الزعماء الأوروبيين الأسبوع الماضي بعثت برسالة مهمة إلى الأسواق مفادها أن القادة بلغوا مرحلة اتخاذ القرار، وأضاف «أننا شعرنا من تدخلات حكام المصارف الأوروبية أنهم يقدرون خطورة الموقف، وأنهم عازمون على عمل ما هو ضروري لحماية الاقتصاد وأسواق المال الأوروبية». وقال الجاسر إن أزمة ديون منطقة اليورو، أصبحت التحدي الأول للاقتصاد العالمي في الأجل القصير، مشيرا إلى أنه «يشعر أن زعماء المنطقة عازمون على إيجاد مخرج»، وأضاف «ليست السعودية وحدها، وإنما أعضاء مجموعة ال20 جميعا، مقتنعون أن التحدي الذي يواجهه الاقتصاد العالمي هو التحدي الأوروبي في الأجل القصير». ومن جهة أخرى أشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني إلى أن الأزمات المالية والاقتصادية العالمية أثبتت أن الأزمات الكبرى تجتاز الحدود وتمتد آثارها إلى بقية الدول والمجتمعات وأسواق المال والشركات فتعطل الجهود التنموية وتضيف مصاعب جديدة. وأوضح الزياني أن «الدروس المستفادة من الأزمة المالية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي تدعونا إلى مزيد من التقارب والتكامل الاقتصادية والتنسيق في مجال السياسات المالية بين دول المجلس ما سيعزز مسيرة وجهوده؛ لتنويع القاعدة الإنتاجية وتعزيز مكاسب السوق الخليجية المشتركة وإيجاد المزيد من الوظائف لمواطني دول المجلس». وذكر أن «السوق الخليجية المشتركة مدخل مهم لتحقيق المواطنة الخليجية التي سهلت للمواطن الخليجي وأكدت حقه في التنقل والتملك والعمل والاستثمار في أي من دول المجلس، موضحا أن تأسيس الاتحاد الجمركي فتح أبوابا واسعة أمام ارتفاع حجم التبادل التجاري بين دول الخليج. وبين أن «التقارير الاقتصادية تشير إلى أن التجارة البينية بين دول المجلس ستبلغ بهذا العام نحو 90 مليار دولار ومن المتوقع أن تتضاعف بعد اكتمال الاتحاد الجمركي، وأشار إلى أن «دول المجلس اتجهت إلى تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الكبرى كمشروع الربط الكهربائي بين دول المجلس بجودة عالية والذي أوشك على الانتهاء، ومشروع سكة الحديد المتوقع تدشينها في عام 2017 علاوة على ما تمتاز به دول المجلس من جودة في الطرق والموانئ والنقل الجوي». ومن جهة أخرى قال محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح إن التداعيات شكلت تحديات على الأوضاع والنظم الاقتصادية المالية في تلك الدول لا بد من مواجهتها في إطار الدور المطلوب؛ لتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدان العربية. وفيما يتعلق بالمنطقة العربية بشقيها الاقتصادي والمالي قال إن «الأمر يتطلب الإسراع في تطبيق برامج إصلاح اقتصادي ومالي شاملة في بعض تلك الدول في إطار خطط تنمية اقتصادية واجتماعية». وتمنت وزيرة التجارة والصناعة الكويتية الدكتورة أماني بورسلي أن تتقلص الأزمات السياسية الأمر الذي يساهم في وضع حلول سريعة للخروج من الأزمات المالية الموجودة في العالم بأقل خسائر ممكنة. وأشارت إلى أن ملتقى الكويت المالي الثالث طرح توصيات تتعلق بكيفية إدارة المخاطر وتعزيز قدرة المؤسسات المالية، إضافة إلى تعزيز موضوع الحوكمة للمؤسسات المالية وتعديل التشريعات التي أصبح بعضها معيقا للتنمية الاقتصادية. وفى السياق أكد عدد من خبراء الاقتصاد المشاركين في الملتقى الدولي قدرة دول الخليج على مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، ودعوا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الآسيوية لاسيما الصين مؤكدين أن القرارات الناتجة عن القمة الأوروبية غير كافية ولن تساهم بحل الأزمة المالية التي تعصف بالعالم بشكل جذري، غير أن دول الخليج قادرة من خلال ميزانياتها العالية على تنشيط الواقع الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق على مجالات التنمية المختلفة. وقال الرئيس الفخري للمعهد الوطني للبحوث في أمريكا البروفسور مارتن فيلدستاين إن أمريكا باتت تواجه اليوم احتمالا بنسبة 50 % للدخول في مرحلة انكماش اقتصادي جديد، مشيرا إلى تزامن هذه التطورات مع ارتفاع في نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي من 40 % خلال المرحلة الماضية ثم 60 % وصولا إلى 70 % خلال العام الجاري متوقعا في الوقت نفسه أن ترتفع هذه النسبة إلى 100 % مع نهاية العقد الحالي. من جانب آخر تطرق الخبير الاقتصادي العالمي الدكتور محمد العريان إلى المرحلة التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي والحلول المطلوبة للمعالجة فحدد الأسباب الرئيسة للأزمة التي تعيشها دول اليورو وهي الاختلال في ميزان المدفوعات ووجود تحديات حقيقية تحول دون تحقيق النمو ودور السياسة في تعميق الأزمة المالية الأوروبية وتفاقم المطالب الاجتماعية .