تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    الإتحاد يُعلن تفاصيل إصابة عبدالإله العمري    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    نيمار: 3 أخبار كاذبة شاهدتها عني    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    جدة تستعد لاستقبال مهرجان "منطقة العجائب" الترفيهي    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الثقة به مخاطرة.. «الذكاء الاصطناعي» حين يكون غبياً !    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    984 ألف برميل تقليص السعودية إنتاجها النفطي يومياً    «مهاجمون حُراس»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    رحلة طموح    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقفون والنجومية.. من ينجو من الوهم؟
نشر في شمس يوم 17 - 03 - 2011

عندما ننظر إلى النجومية باعتبارها «كعبة» نخبوية يتنافس عليها الساعون إلى الشهرة، فعلينا أن نتذكر أن هذه النجومية يمكن أن تأتي من أي سبيل، إلا من سبيل أن تكون حقيقية، أو أن يكون صاحبها استحقها لأنه بها جدير. إذ يمكن أن تأتي هذه النجومية بالمال، بالوجاهات، بالآيديولوجيا، بالتخطيط السياسي، بالجسد السائب، بالإرهاب، بالسلطة الغاشمة.. إلا فيما ندر.
وحينما نفسر النجومية على أنها محصلة طبيعية لجهود بارزة أداها شخص موهوب في مجاله، كلاعب كرة القدم والممثل والمطرب، فيتعين علينا أن نناقش النجومية من هذا المفهوم. هل الموهبة «من هذا الباب» لابد منها ليكون المرء نجما أم ليست ضرورية؟ إذا قيل إنها ضرورية فلا اعتراض. فمهارة اللاعب على سبيل المثال ضرورية ليثبت أن قدميه مهمتان على أرض الملعب، وأنه كلما سجل نتائج يرضى عنها جمهوره، وتكافئه عليها دولته، حصد مساحة أوسع من النجومية وذيوع الصيت. رغم ذلك، هناك من يقول إن النجومية لأي من هؤلاء، ومن هم على شاكلتهم، إنما تأتي ليس لأنهم موهوبون كفاية، وإنما لأن مقاييس الفن المعتمدة في تعريف الموهبة، ومن ثم الحكم على ما إذا كان الشخص المعني موهوبا أم العكس، هذه المقاييس مضللة إن لم تك خادعة تماما. فاللاعب، إذا ما اتفقنا على أنه كتلة من العضلات مدربة على فن اللعب ضمن قوانين وشروط معينة، هذا اللاعب لا ينظر إليه تقنيا بمعزل عن منظومة البرامج الإعدادية والتدريبات الرياضية التي تقولب وتشكل في إطارها زمنا طويلا.
وعلى هذا الأساس، فإن اللاعب كلما أظهر في الملعب تناغمه التام وفلسفة تلك البرامج «من قال إن ذلك لا يدخل فيه الفكر الانتقائي؟»، نظر إليه على أنه موهوب ومنضبط ويمضي وفق الهدف المرسوم! وهنا.. وما أدراك ما هنا.. يتدخل الإعلام بكل سحرته ومشعوذيه فيصنع منه نجما.. وفق ماذا؟ وفق رؤية العقلية الصانعة من اللاعب آلة لعب حسب المتبع. نعم آلة.. محض آلة تعمل حسب نظام التشغيل الخاص بها، غير أنها تشتهر، وتصبح أعجوبة في مجالها إلى حين.
لكن هل سيصبح كذلك، لو تمرد على المرجعية، لو مثلا فكر في قوانين لعب من عنده وطالب بتطبيقها في الملعب ليقي نفسه سلطة الجماهير، ومباركات المرجعية؟ بمعنى، هل هو حر في تقليب الأمور على وجوهها بالطريقة التي يقرر أنها الأنسب لاتخاذ نمط آخر من ذاته ينقلب على المفاهيم التي تقولب فيها؟ لو فعل ذلك، حتى ولو كان في عز نجوميته، لانتفى أن يكون نجما بالمعنى المطبق في استراتيجيات تشكيل «الكفاءات» النجومية من كافة الحقول.
الممثل هو الآخر، لا يختلف بشكل عام عن اللاعب في المصير والخاتمة، وكذلك المطرب. طبعا، ثمة استثناءات قليلة جدا تحاول الوقوف خارج الحشد. ولكن، لأنها فعلت ذلك، فإنها تتعرض لكمية مكثفة من التجاهل المقصود، هذا إذا لم تتعرض لما هو أبعد. إذن، النجومية من هذه الناحية تأتي بلا استثناءات، في حال كان كل شيء على ما يرام ويسير بلا متاعب. بيد أن النجومية التي يتطلع بعض المثقفين والكتاب إلى بلوغها، من الطبيعي أن تتوقف جانبا إذا ما ساورت صاحب القرار في إطلاقها أو حجبها شكوك في مدى تطابق توجهات أولئك المثقفين مع السياسة الإعلامية أو الثقافية التي يمليها صاحب القرار. «لا أقول التوجهات الوطنية لأن لا أحد يستطيع التشكيك في نوايا أي مثقف تجاه وطنه إلا بوجود براهين قاطعة لا تقبل الشك ومن مصادر نزيهة ومحايدة». لا أقول إن كل مشكلات «النجومية» المفترضة للأدباء والمبدعين، تنبع من السياسة وحدها، بل قد تنبع أيضا من أية أيديولوجية، أو أية جهة سلطوية «مناطقية، قبلية، حزبية»، أو أي فكر يطمح إلى الهيمنة والإقصاء في أي مجال. وقد يأتي الحجب مجزأ، مثل أن تشتاق لحرمانك من الظهور في صفحاتها بالجريدة، عصابة صغيرة تعمل في القسم الذي عادة ما يهتم بأخبار الأدب، والأدباء، أو الفن عموما. وقد يأتي الحرمان أو الحجب لأنك مصنف ضمن فئة ذات توجه أدبي معين من دون أن يخبرك أحد بهذا التصنيف، فأنت تكتب فحسب ما تظنه إبداعا. فمثلا يوصف نصك ب «الحداثي» إذا قرأ المحرر المحسوب على الأدب المحافظ نصك ولم يفهمه أو ارتاب فيه، أو وجده مفارقا لما تعلم وعرف من أدب وثقافة. أو يوصف ب «التقليدي أو الإسلامي» إذا كان المحرر ذا توجه حداثي ليبرالي، وكانت ذائقته الفنية تنظر إلى الأدب الآخر باستخفاف.
لا أحد ينكر أن النجومية شيء جميل تتوق إليه النفس، وهي عند كثيرين رمز النجاح والتفوق، وعند آخرين هي كل شيء، هي الجمال النموذجي لكيفية أن يكدح الفرد ليكون محط الأنظار، وقديما كان ذوو الشرف والسؤدد يتمتعون بهذه المكانة، لكن بمقاييس مختلفة. أما في هذا الزمن، زمن عبادة الأشخاص، وتقديس النجوم، زمن التبرك بأبطال الميديا الزائفين، فإن النجومية تمنح بصفتها استحقاقات محسوبة، وهبات ممنوحة بقوانين رسمية، وحتما لن يكون الكاتب المبدع من بين هؤلاء.
بالنسبة إلى الكاتب الحقيقي، أظن أن أسوأ فترة يمر بها هي هذه المرحلة في حال وصل إليها، ذلك أنه يدخل بالفعل في مرحلة النسيان.
كيف؟ اشتهر عن كتاب عالميين، عزوفهم عن الظهور في الصحافة والإعلام، ومنهم الكاتب باتريك زوسكيند، والكاتب فيليب روث. والأخير قليلا ما يسمح بدخول صحافي إلى منزله. ليس مرد ذلك إلى مشكلة نفسية يعانيها، أو بسبب فظاظة يبديها تجاه الصحفيين، وإنما من فرط ملله الفادح من كثرة الأسئلة المتكررة لقاء بعد آخر. إنه يشعر كما لو أنه يموت في كل لقاء يجريه معه صحفي أو محرر. في كل مرة يعيد نفسه في الأجوبة نفسها. الأجوبة التي لا تتغير، والإطلالة الشكلية التي تستمد عمقها من هشاشتها الرتيبة في كل مقابلة. وفي لقاء أجراه معه أحد الصحفيين المهتمين بإبداعه، قال له الصحفي: أشعر بأن اللقاء معك أمر بالغ الصعوبة. فأجابه قائلا: «حسنا، إنني لست موجودا على ظهر الأرض لأجعل حياتك سهلة».
بهذا المعنى من الانجراف القسري مع متطلبات الشهرة، يتفتت الكاتب الخلاق، ويتحول بأحاديثه عن الأدب والتجربة والكتابة، إلى مادة منشطة لجسد الشهرة نفسها، الشهرة التي تتشكل على هيئة إعلاميين ونقاد ومعجبين ومريدين وعشاق إلى أن يجد نفسه في الكتب أكثر مما هو في واقعه الإبداعي. ذلك الواقع الذي أوجده ككاتب مجيد، وفيه عاش أجمل ما يمكن أن يعيشه موهوب مثله، ذلك الواقع الذي كل ما قبله وما بعده خواء وفراغ وصمت. إن الكاتب متى ما كف عن أن يجعل المسافة بينه وبين أوراقه وكلماته أقصر من المسافة التي بينه وبين الأشياء الأخرى التي حوله، كان ذلك مثل الحكم عليه بأن يعيش في عمر الزنابق التي تبدو جميلة لكنها لا تعيش طويلا. إن لحظة التجلي الحقيقية بالنسبة إلى الكاتب، ليست في الكلمات التي ينتقيها ويكتبها كلمة كلمة، ليست فعل الكتابة ذاته، وإنما هي الاستغراق الكلي واللذيذ، أثناء الفعل الكتابي، في الكتابة نفسها، في الحياة الطازجة، المفعمة بالنعيم والمرح، التي تخضبت بروحه، وأحاسيسه، ومشاعره، وهو يدفعها برفق في اللغة. تلك اللحظات، هي بالتحديد، ما يصح للكاتب أن يكون كاتبا. سوى ذلك، إنما هو مجرد حالة تقريبية تعاش لتمثل الحالة الأصل. ولو حسبت تلك اللحظات من حياة الكاتب، لما تجاوزت المدة اليسيرة التي قضاها وهو يكتب، مقارنة بالمسافة الزمنية الطويلة التي يقضيها وهو يثرثر أو يجيب عن الأسئلة المتكررة نفسها في كل لقاء صحفي. ربما من أجل ذلك، كان رد «روث» على الصحفي الذي قال معلقا على كلامه السابق: «ربما لا ينبغي أن نتحدث عن الأدب على الإطلاق»، كان رد فيليب روث صريحا وجارحا: «هذا هو الحديث حقا. لسوف أشعر بأنني في حالة رائعة إذا صدر إعلان بحظر الحديث عن الأدب مئة عام كاملة، إذا أغلقت كل أقسام الأدب في كل الجامعات، إذا فرض حظر على حديث النقاد. إن القراء ينبغي أن يكونوا وحدهم مع الكتب. وإذا جرؤ أحد على أن يقول شيئا عن الكتب فينبغي القيام بإطلاق النار عليه أو إيداعه السجن في التو. نعم، إطلاق النار عليه. حظر يدوم مئة عام على الأحاديث الأدبية المضجرة. ينبغي ترك الناس يصارعون الكتب بطريقتهم الخاصة، ويكتشفون بأنفسهم جوهر هذه الكتب وما الذي لا تعنيه. وأي شيء بخلاف ذلك لا يعد إلا ثرثرة خالصة، ثرثرة حكايات خرافية، فما أن تبدأ في التعميم حتى تعد في كون مختلف تمام الاختلاف عن الأدب ولا وجود لجسر يصل بين الكونين» موقع ديوان العرب الإلكتروني.
الثرثرة الخالصة التي أشار إليها روث، قصد بها كل ما هو خارج اللحظة الإبداعية، سواء من طرف الكاتب نفسه أو من طرف الدائرة الكبيرة التي نسميها النجومية، أو الشهرة، أو ما شئت من مسميات.
إن دخول الكاتب في النسيان من باب الشهرة، لا أقصد به فشله في التعامل معها بحنكة ووعي، ذلك الفشل الذي يجعل احتمالات سقوطه في أشياء مثل الغرور والغطرسة ممكنة، وهي الأشياء التي لا شك تقتل الذات المبدعة في الكاتب. إنني لا أقصد ذلك. إن عدم قدرة الكاتب على تجاهل الشهرة لا يعني أنه ضعيف، بل ذلك طبيعي جدا، ولطالما راود الأدباء والمبدعين حلم أن يكونوا مشهورين، ومعروفين في المحيط الإنساني إلى أبعد حد، ولكن الخوف، وهذا ما أقصده، أن تكون النجومية نتيجة إيهام موضوعي وقع فيه الكاتب، أو اضطر إلى الوقوع فيه، بواسطة تداخلات في العلاقة بين ما هو متعلق به كإرادة مستقلة، وما هو تابع لهذه الجهة أو تلك. وحالما يشعر الكاتب أنه وقع في هذا الفخ، وأن من الصعوبة بمكان أن يفلت منه، فإنه عندئذ يتصرف كضحية من ضحايا النسيان المؤكدين. الشيء الآخر، هو أن الشهرة بحد ذاتها نسيان، ليس فيما يتعلق بالكاتب/النجم كصورة وكمثال، وإنما فيما يختص بتجدده واغتنائه اللازمين بأسباب البقاء في حيز الكتابة ليستمر كمبدع، لا كناسخ. في ما يختص بذلك العالم الجميل الذي تكون فيه كاتبا مبتدئا، ثم كاتبا مبدعا، وها هي الشهرة تربكه في البدء، ثم شيئا فشيئا تبعده عن ذاته الخلاقة، عن لحظات استغراقه الجميلة في الكتابة، إلى أن يجد نفسه، وقد نسي تلك الذات الخلاقة وتلك اللحظات الجميلة، أنه لم يعد بإمكانه العودة نفسيا وذهنيا وطقوسيا إلى سابق عهده، لقد سرقته الأضواء من نفسه، واختطفته متابعة أخباره في الصحف والقنوات التلفزيونية، وهذا هو النسيان الأليم.
قلة من الكتاب الذين اشتهروا في العالم، حافظوا على مسافة آمنة بين الشراهة الإعلامية التي تحاصرهم، والحاجة لقول شيء جديد ومفيد للإعلام. ومع ذلك اكتشفوا أن أوقاتهم تتبدد منها ساعات طويلة في انشغالات ليست من صميم إبداعهم، ردود على رسائل من معجبين، نصائح لدار نشر يديرها صديق، اقتراحات هنا وهناك، ما يؤكد أن الشهرة، وإن كانت تعني زيادة كبيرة في مبيعات إصدارات الكاتب، إنما هي بمثابة اللص الذي أدخله الكاتب في وقته وعبث في أوراقه. من هنا يمكن القول إن النجومية، أو الشهرة، لا فرق في هذا المجال، ليست نعيما مطلقا للكاتب، بل فيها تختبئ متاعب ومنغصات جمة، وأحيانا نهايات تعيسة لو كان عرفها قبل أن يلقاها لما كتب كلمة واحدة.
على ضوء ما سطر، كيف بالإمكان الوصول إلى القارئ من دون أن تكون نجما بالكيفية التي عنيتها في مقالي؟ هل أنت مستعجل إلى الوصول؟
لنفترض على سبيل التخمين عشر سنوات لتصل إلى عدد لا بأس به من القراء في محيط بلدك، ما رأيك؟ هل تكفي عشرون سنة، لتتناول إنتاجك الصحافة الثقافية، ويبدأ مؤشر مبيعات كتبك في الارتفاع بثبات نسبي؟ هل تطمح إلى أن تتخذ منك القناة التليفزيونية المحلية ضيفا خفيف الوطء في برامج ثقافية باهتة كأحلام الخدج؟ هل تحب أن يتفشى بين الأصدقاء «الإعلاميين» رقم جوالك كما يتفشى خبر الإعلان عن هلال العيد؟
إذا أجبت ب نعم، فأنت تأبى إلا أن تكون نجما بالمفهوم السابق، ويحتمل أن تكون أباطيل كل ما ظننتها حقائق تثبت نجوميتك كمبدع أصيل. أما إذا لم تفكر في القارئ من الأساس، إذا نجوت من لغط الذات الطامعة في المكاسب قصيرة الأجل، إذا تنبهت في داخلك إلى ما يدعوه باولو كويلهو في السيميائي «تحقيق أسطورة الذات» ونصبت لها، كما لو أنها أجمل الطرائد، كل عمرك الممكن، وكل وقتك الأثمن، فإنك لا شك، ومن دون وخزة شك في يقينك الذهبي، ستصل إلى القارئ.. لأنك فنان، فنان يؤمن أن أجمل وأحلى ما في ثمرة «القورو» الإفريقية هو قلبها العسلي الماتع. وهو هنا القارئ، وكم من الكتاب المبدعين لم يتنبه القراء لإبداعهم إلا بعد تخطيهم أسوار المقابر.
عواض العصيمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.