في مشهدين يعبران عن حالة الغليان التي تشهدها مصر حاليا، رصدت وكالات الأنباء مظاهرة سلمية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين في حي شبرا القاهري، حمل فيها المشاركون المصاحف والصلبان للدلالة على وقوفهم ضد الفتنة الطائفية التي أعقبت التفجير الإرهابي أمام كنيسة القديسين في الإسكندرية، لكن تلك المشاعر لم تستطع أن تقف أمام غضب بعض المسيحيين في الإسكندرية، وعبروا عنه بقذف المسجد المجاور للكنيسة بالحجارة، رغم أن مسيحيين آخرين وقفوا أمام المسجد محاولين منعهم من ذلك. وفي وقت لاحق زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة ووزير الأوقاف محمود حمدي زقزوق، البابا شنودة في الكاتدرائية الكبرى بالعباسية. وقدم الثلاثة واجب العزاء له في ضحايا تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، الذي أدى إلى مقتل 21 شخصا وإصابة العشرات، وبعد انتهاء الزيارة حاولت مجموعة من الأقباط الغاضبين من المشاركين في مظاهرة أمام الكاتدرائية الاعتداء على سيارتي شيخ الأزهر والمفتي أثناء خروجهما من الكاتدرائية، إلا أن الحرس تمكن من فض المتظاهرين من حولهما. وتوالت ردود الأفعال الدائنة للتفجير من كافة أنحاء العالم، وقوبلت مطالبة بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر بحماية الأقباط في مصر برفض قاطع من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، واصفا هذه الدعوة بأنها تدخل «غير مقبول» في شؤون مصر. وقال الطيب في مؤتمر صحفي بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة عقده اليوم «إنني أختلف مع البابا في هذا الرأي». وتساءل لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال قتل في العراق؟! منتقدا التعامل بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين جراء ما يحدث في العالم من أعمال قتل لهم. وحضت الصحافة المصرية بكافة اتجاهاتها المسيحيين والمسلمين على الوقوف صفا واحدا. وكتبت صحيفة الشروق المستقلة في افتتاحيتها إن «الأخطر من هذه المجزرة هو أن ينغمس الإخوة المسيحيون في مشاعر الغضب والإحباط، وتزداد عزلتهم، وهنا بالضبط يكون مخططو الجريمة حققوا هدفهم الحقيقي». وأضافت «فإذا سار المخطط كما هو مرسوم له، تزداد العمليات الإجرامية ضد أهداف ودور عبادة قبطية، ينفعل الأقباط ويبدؤون في رد فعل؛ يشتبكون مع جيرانهم المسلمين، وتتطور الأحداث، ونبدأ في الغرق في مستنقع شبيه بما حدث في لبنان في أبريل 1975»، في إشارة إلى الحرب الأهلية اللبنانية. أما صحيفة المصري اليوم، فدعت من جانبها «الدولة إلى ألا تستمر في معالجة هذا الملف الحساس بالمسكنات، واعتباره ملفا أمنيا فقط دون تنبه لأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية». وأضافت «لن يمكن احتواء آثار العمل الإجرامي المدان بجميع الأشكال، إلا بمواجهة حقيقية وشجاعة لا ندفن فيها الرؤوس في الرمال». وتابعت «مع ترجيح البعض بوجود أصابع خارجية تقف وراء هذا الإجرام، إلا أننا نؤمن بأن نسيج الوطن لو كان محصنا بما يكفي لما نجح أي طرف خارجي في النفاذ إليه وإشعاله». والاعتداء نفذه على الأرجح انتحاري، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية التي استبعدت فرضية السيارة المفخخة. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء.