خلال احتفالية الدوحة 2010 م استضاف الصالون الثقافي مساء أمس أمسية شعرية للشاعرين السعودي أحمد قران الزهراني والمصري حمزة قناوي، وقدمتهما شايعة الفاضل المذيعة في إذاعة صوت الخليج. وتوسم متابعو الأمسية خيرا في النهج الذي تسير عليه برامج احتفالية الدوحة 2010 من خلال التعريف بالمشهد الشعري العربي الجديد، وهو الأمر الذي أكد عليه مدير مكتب الاحتفالية أحمد عاشير الذي حضر الأمسية ، إذ تlم التعرف إلى أجواء شعرية في قراءتين مكنت الحاضرين من إضافة اسمين يزوران الدوحة أول مرة ، ويتركان ملمحا طيبا في مسيرة الدوحة وهي تحتفل بمناسبتها الثقافية الكبيرة. الشاعر أحمد قران الزهراني رئيس ملتقى الشعر بنادي جدة الأدبي ويرأس تحرير مجلة عبقر الشعر ، وله المجموعات الشعرية التالية "دماء الثلج" و "بياض" وأخيرا "لا تجرح الماء" ، وهو الديوان الذي قرأ منه بضع قصائد ، مشيرا إلى أن فرصة هذه القراءة تأتي بعد يومين من مصادرة الديوان في معرض الكويت الدولي للكتاب. وحمزة قناوي القادم من الإمارات حيث يعمل هناك محررا في مجلة الصدى، له عدة مجموعات شعرية:«لأسئلة العطشى» وهي مجموعته الأولى 2001، و«أكذوبة السعادة المغادرة» و«أغنيات الخريف الأخيرة» و«بحار النبوءة الزرقاء»، و«قصائد لها» و«الغريب- قصائد باريس». وأصدر في عام 2009 كتاب «المثقفون» رواية-سيرة ذاتية. وكان الشاعر أحمد الزهراني مشغولا بالقصيدة التي تسرد وتصور بكاميرا حاذقة صور الحياة في أكثر تفاصيلها سرية وهامشية ، وجعل يحلق بها على ارتفاعات تشبه طقوس الطبيعة فهي غاضبة إن أرادت ومتأملة موشوشة في حين ، وتلعب على الحافة قبل أن تتحول إلى صرخة مباشرة تبطئ سيرها وتترك أثرها في المتلقي ، وكم ترك الفعل الماضي من أثر جعل العديدين يرددون فعل "مروا" ، الذي حتما سيحيل على الأغنية العراقية الشهيرة "مروا علي" ولكن الأثر أبعد من ذلك، ف "مروا" لا بد أن تلحق بالراحلين على قوافلهم ، يجرون ألم الفراق ويسافرون على أمل، وإلا فكيف سمى العرب القافلة قافلةً ، إلا أملا بأنها ستقفل راجعة ، وهم ذاتهم سيأملون في الفوز حين يمرون وسيسمّون الصحراء ومجاهلها : مفازة. يقول في قصيدة «وشاية الغربة»: مروا على باب المدينة عابرين سبيلهم يستنطقون سنابل الجوعى كأن ملامح الغرباء ليل مجدب وكأن أرصفة المدينة شرفة للعابرين إلى أقاصي الوجد موشومون بالحمى لهم صوت الخريف يرتلون قصائد الموتى وقداس الحياة مد عينيك كي تستفيق النجوم على أغنيات الصباح مد كفيك حتى تحيل التراب إلى جنة من نخيل مباح أسأل الروح عن حالة الراحلين،ولملم ملامحهم من هجير الرياح أسكن الجرح، نافح عن المتعبين , وهيئ لهم وطنا في البطاح مروا وصوت القادمين إلى المدينة موغل في الصحو لا يجثو على الأرض اليباب ولا تساورهم شكوك الظل صوت أنينهم مطر يشاكس سيرهم ولهٌ ويقتاتون حشو الأرض عطشى يلبسون جلودهم مروا على جسر الغياب وضاجعوا رمل الطريق محملين بوزرهم كانوا حفاة وكان زميله في الأمسية حمزة قناوي يشبه قصيدته التي تذهب إلى المواجهة مع الواقع السياسي وتحاور الأنثى بهدوء روحاني، وفي إلقائه كان يشبه جو القصيدة مهما كان عنوانها، هادئاً يقرأ حال الفرد والجماعة بصوت كأنه آخر ذبذبة لصدى في البرية. إنه يكتب بعد وقوع الزلزال، يكتبه لا ليسجله بل ليعيد قراءته دائما. يقول في «مرايا السنين»: صاحبي في الطفولة كان يرافقني في الطريق إلى الدرس يصطف دوماً إلى جانبي في فناء الدراسة عند ابتداء نشيد الوطن كان مثلي من الفقراء الذين يعيشون للغد ليس ليومهم الممتهن! قاسم القلب أحلامه في النهار الذي سوف يقبل بالعدل ينشر ميزانه الحق.. حتى يفيض على المعدمين النهار البعيد الذي يهزم الحب في الضغن راح يكتب أول درس على صفحة القلب في فرح: -«لا تخن»! .. لا البلاد التي قد رعتك ولا الفقراء الذين يرونك حلم الغد المفتتن وهو ينمو معي مثل نبت على ساحل العمر .. يرجو الغد المطمئن دارت الأرض دورتها واستدار الزمن بعدها لم أجد صاحبي جانبي فرقتنا الدروب التي شعّبت عبر أعمارنا باعدت بيننا هان ما خلته لم يهن حول العمر صاحبي الحالم المؤتمن لمُتاجر في لقمة المعدمين وفي بسمة الفقراء الذين يرجّون خبز الكفاف من المهد حتى الكفن!