لم يتعود مجتمعنا على سماع مثل جرائم الاختطاف التي كشف عنها في الآونة الأخيرة والتي هزت المجتمع وستظل تقلق كل من له ضمير حي لفترة طويلة. وأي جريمة كما هو معروف لها طرفان مجرم .. وضحية ... معتدٍ .. ومعتدى عليه. والمخيف في هذه المرة أن الضحايا من القاصرات اللاتي هن دون سن يمكنهن من الحذر والحيطة. ومثل هذه الأمراض توجد بين فترة وأخرى في بعض المجتمعات حتى المتحضرة منها. وعلى سبيل المثال أورد ما حصل معي عندما ذهبت إلى كندا للعمل(مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الطيران المدني الدولي) في عام 1988م مع زوجتي وطفلينا في ذلك الوقت ، وكلاهما دون الخامسة من العمر ، وقد صدمنا عندما كنا نشاهد باستمرار التحذيرات على شاشة التلفاز من مجرمي اختطاف الأطفال مصحوبة بصور الأطفال المفقودين! والذين غالبا لا أمل من عودتهم إلى ذويهم. كانت التحذيرات واضحة ومكررة ، ومصحوبة بتعليمات،وصور تشبيهية لملامح المجرم المتوقعة ، وإرشادات عن الإماكن التي يتصيدون ضحاياهم فيها ، ووسائل الإغراء، والطرق التي يستدرجون بها تلك الضحايا البريئة مثل: التظاهر باللطف ، والمداعبة ، واعطاء الحلوى ، وبعض اللعب ، وغير ذلك من طرق احتراف الجريمة. وخطف الأطفال في الغرب يحصل لابتزاز مالي أو لمرض نفسي تتصدى لها السلطات المعنية بطرق علمية ، وتتواجد في الأماكن المعرضة لمثل تلك الأفعال الإجرامية. حيث يتم تدريب موظفي امن المراكز التجارية وزرع الكاميرات لمراقبة حركة المتسوقين في داخل الأسواق وخارجها ، ومواقف السيارات ، ومتابعة الأشخاص ذوي التصرفات المشبوهة للإيقاع بهم قبل حدوث الجريمة. وبالرغم من الأزمة النفسية التي عشناها في ذلك الوقت ، كنا نتباهى بان مثل تلك الأفعال لا تحصل في مجتمعنا المسلم لان رعاية الأطفال مسؤولية اجتماعية ، الكل يشارك فيها الجار ، وعابر السبيل ، كما يعلمنا ديننا الحنيف. وها نحن نعود ونسمع أبشع مما كنا نظنه من الظواهر المعيبة والبعيدة عنا وعن مجتمعنا العربي المسلم! وعن ما حصل من بعض المجرمين في بلدنا فان المسؤولية مشتركة في المجتمع البيت والمدرسة والجيران وسكان الحي وحراسات المراكز التجارية الكبرى التي شاع انتشارها وأصبحت في شكل أحياء متكاملة يضيع المتسوق في جنباتها ، فما بالنا بالأطفال وهم في ذروة الفضول والبحث عن المجهول والتجريب واللعب البريء الذي هو متعتهم التي لا حدود لها في تلك المرحلة من أعمارهم. لقد كنت قبل فترة من بين المستمعين- في اثنينية الوجيه الشيخ عبد المقصود خوجه- لسعادة الدكتور عبد العزيز الخضير مساعد أمير منطقة مكةالمكرمة ، وهو يروي لنا قصصا مروعة والعرق يتصبب من جبينه لهول الجرائم التي تحصل تحت سقف واحد من أب لبناته والام تعيش معهم ولم يكتشف أمرهم إلا بعد فوات الأوان ! وحتى في داخل السجون أيضا .. قصص مخيفة ! لقد أصبح الإنجاب .. والتربية .. والرعاية .. في هذا العصر مسؤولية جسيمة ، في ظل التفكك الأسرى والتباعد بين الجيران ، وسكان الأحياء ، وانعدام التعاون بين البيت والمدرسة ، والان فان الظواهر الشاذة التي أخذت في الازدياد في مجتمعنا ستضاعف من الأعباء الملقاة على الجهات الأمنية التي تحتاج لدعم وتعاون الجميع لتتمكن من القيام بالمهام المناطة بها.