ليس هناك عائلة لم تتضرر نفسياً إثر الاطلاع على جرائم ذئب جدة ضد فتيات قاصرات تفنن في أسلوب خداعهن والاعتداء عليهن. وكما نتصور فإن أغلب المشاعر المفزعة كانت تتلون بسؤال مخيف من قبل الوالدين ماذا لو كانت الضحية ابنتي؟ هنا في مدننا الآمنة وأجواء الروحانيات تملأ الاماكن ,النفوس الهادئة في مساحات الحياة المتنوعة لاتتوقع جرائم من هذا النوع , ومع ذلك فهي تحدث في اي مجتمع بشري خاصة اذا ما وجدت الفرص. في الاماكن العامة والمولات الشاسعة نستطيع ان نرى فرصا عديدة للمجرمين إن دققنا النظر, فالعائلات تنهمر بصغارها وما أن تدخل المول يبدو المكان آمنا ضد حوادث الطريق والاغراب فيمرح الاطفال بحرية تامة احيانا بعيدا عن اهلهم بينما تتأكد الام بأنهم - اي الصغار- لن يضيعوا. إن هذا المفهوم الخاطئ منتشر وبشكل جماعي , حتى ان حادثة الطفلة ريما التي نشرت تفاصيلها منذ ايام جاءت وسط الزحام في احد الاسواق التجارية ومعها أمها عندما اقنع المعتدي الفتاة بأنها فازت بجائزة وهمية وعليها مرافقته للسيارة كي تحصل عليها بشرط عدم إخبار الام. إن تفاصيل الاختطاف والاعتداءات التي تعرضت لها فتيات بلغت 12 جريمة لاعمار تبلغ - 6 و10 اعوام - تثير الصدمة والاسى لاشك من فقدان المجرم - من أي واعز ضمير او خوف من الله, ويُتوقع ان تزيد الحالات المبلغة عنها وربما يظهر تورط آخرين, فقد ذكرت احدى الفتيات بأن المختطف كان يتواصل مع صديق له بواسطة الجوال ما يعني بأن امكانية وجود عصابات تمارس الاعتداءات على الصغار وتتعاون فيما بينها وارد، وربما هناك شبكة منهم! ويقال بأن المعتدي نفذ جرائمه جنوبي جدة وشرقها بينما نفذ واحدة منها في وسطها قبل ان يتم إيقافه في حي الاجاويد، وهو ما يشير إلى أنه كان يتعمد اختيار ضحاياه في نطاق سكنه حتى يمكنه العودة إلى بيته بسرعة وبدون ان يلفت النظر. وكتكنيكِ فيلم مشوق جاءت طفلة التاسعة في النهاية وقدمت معلومات مهمة لرجال الامن (تفاصيل لم يعلن عنها بعد) ولكنها ساهمت في إيقاف الذئب كما ان الفتيات تعرفن على جهازه الجوال بينما بقي المجرم الموقوف في حالة صمت رافضا الحديث او الاعتراف كما جاء في تقرير عكاظ يوم الاربعاء. وفي بعض مقاطع الفيديو التي انتشرت وفيها يُرى المجرم وهو يسير في احد الاسواق ووراءه فتاة صغيرة يذكرنا ببعض المقاطع التي تذيعها الشرطة في الغرب حينما تختفي فتاة او صبي, نظن معها بان تلك الجرائم تحدث في الغرب فقط جراء تناول المسكرات والكحول. الان يتضح بأن الامراض النفسية التي تدفع المجرمين للاعتداء على الصغار واحيانا قتلهم موجودة في كل مكان ولا يجب علينا ان نعتقد بأن مجتمعنا في منأى عنها. لذا فجانب من التعامل الاسري الحازم في مراقبة اطفالها عند الخروج للاماكن العامة يقي بإذن الله من تكرار جرائم خطف مشابهة، كما أن توعية الصغار بكيفية التعامل الصحيح مع الغرباء يجب ان تكون جزءاً من هذه الوقاية. لذا فمسؤولية حماية الصغار تقع على عاتق الاهل أولاً .. والله هو الحافظ .