يبدو لي أن انتخابات الأندية الأدبية خطوة متقدمة في مجال إشاعة ثقافة الانتخاب في مشهدنا الحياتي بكافة تفرعاته الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ، وإن شابها بعض القصور أو الخلل في التطبيق ، فهذا طبيعي ، وهو ما يسمى بتعثر البدايات لكل عمل مستحدث . ولكن التساؤل يظل مشرعا ، هل ستتم هذه الخطوة المتحضرة في صروحنا الثقافية بكل نزاهة وحياد ، أم أنها ستدخل لعبة الحسابات الخاصة والمصالح الذاتية والعلاقات البرغماتية ؟! في اعتقادي أن الأمر طالما أنه يحظى بمتابعة الوزير المتنور الدكتور عبدالعزيز خوجة ، فإن الأمل سيكون أكثر اتساعا نحو أفق ثقافي خالٍ من الوصاية الأبوية والعقد الأيدلوجية . الانتخاب في نظري هو الوسيلة الوحيدة لتشكيل مناخ ثقافي مؤهل وكفء يخلق فضاءاتها المتسعة لكل الأطياف والتوجهات ، مكرسا بذلك مفهوما جديدا للكلمة الحرة واستيعاب الرأي الآخر ، بعد أن ظلت أنديتنا تقبع عقودا من الزمن تحت سلطة الرأي الأوحد المترهل الصادر من كائنات متخشبة تجاوزها الزمن . ولو حدقنا مليا في التركيبة الديموغرافية للمجتمع ، سنجد أن فئة الشباب هي الفئة المتجاوزة نسبة الثلثين من تركيبته السكانية ، ومع ذلك لا نجد في أغلب الأندية الأدبية من يمثلهم أو يعبر عن أصواتهم المبعثرة بين العزلة والإنترنت وبياض أوراقهم المطبوعة هنا وهناك . أنا أعرف أسماء مهمة وحاضرة بقوة في المشهد الثقافي رجالا ونساء ، ولكنهم بعيدون كل البعد عن الأنشطة الثقافية التي تقام في الأندية الأدبية ، إما بسبب عدم اقتناعهم بمن يدير دفة الأندية ، أو بسبب برامج بعض الأندية الرتيبة والمكرورة ، وأحيانا يكون هناك موقف سلبي من المثقف أو المثقفة بارتهانه لنزق الفنان أو المثالية المزعومة . وحتى تنجح مثل هذه الانتخابات ، يجب أولا أن تتخلص الأندية الثقافية من التعامل بالبيروقراطية والشللية ، وأن تقصي الخلافات الشخصية عن كل فعل ثقافي ، وثانيا يجب تفعيل دور المرأة في ممارسة الفعل الثقافي ، والتي لا تزال تلقي شعرها أو نثرها من غرفة مغلقة ، تحت ظل لجنة نسائية ليس لها أي دور في صنع القرار أو المشاركة فيه على أقل تقدير ! وأخيرا ، لا بد من لجان مشرفة من قبل الوزارة على الانتخابات ؛ لتظهر النتائج بشكل شفاف ونزيه ، فقد تطبخ (الطبخة) داخل أروقة النادي ، ويتقاسم المتنفذون المقاعد ، ونعود بذلك كمتلقين ومثقفين إلى المربع الأول .. ويكفي !