في استطلاع نشرته إحدى الصحف المحلية حول دور وقناعة الجمهور بالمحطات الإذاعية غير الرسمية، أبدى العدد الأكبر من الجمهور امتعاضهم وأسفهم بالطرح المبتذل في هذه الإذاعات، (وطاروا) فرحاً بالخطوة الجديدة التي نهجتها وزارة الثقافة والإعلام في فتح (ملف) كان دونه الهوائل! والحقيقة أنه لا مبرر لهذا التأخير في ظل الجو المفتوح للقنوات الفضائية، وحتى أنه لما عاد فتح الملف، تم فتحه بلا رؤية واضحة إلى يومنا هذا! فكل المقدمين، لم يُعرض لهم مسار المحطات الإذاعية الأربع المقترحة!، بمعنى: هل يا ترى ستغنّي هذه الإذاعات صباح مساء، ويستمر المستمعون من الرجال والنساء في متابعة (آه ونص، ويا دلع، وأحبك موت، وانقلع...)؟! أم هل يا ترى ستُصك آذاننا بالمساجلات الغرامية، (أهدي حبيبي فلان، وصاحبتي فلانة) أغنية للفنان أو الفنانة العجوز منهم أو حتى الأموات؟! يا ترى ما مصير المحطات الإذاعية التنموية، المتخصصة بقضايا الشباب، بأسلوب عصري، باحثة عن المسائل المهمة والمستجدة، بثوب إبداعي ومفيد، ومراع للأخلاق؟ وأين المحطات الإذاعية الخاصة بالأطفال، الذين تكبر معهم القيم والمثل، كلما سمعوا مع الصباح أو فترة العصر مع أهليهم ما يسر ويبهج؟ ثم أين المحطات الإذاعية المنوعة للأسرة في السعودية، والإسهام الحقيقي والإبداعي في حل قضاياها وتطويرها وتنويرها للإسهام في خدمة الوطن والمجتمع والأسرة؟ بل أين المحطات ذات القيم الربانية الرائعة التي تستخدم أساليب العصر للتذكير بالله تعالى، ورسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم، مع الأناشيد الجميلة، والبرامج الراقية؟ أو بسؤال قصير وخطير: هل هذه المحطات الإذاعية رسمت وفق معايير حاجة المجتمع ومتطلباته، أم أن المسألة (بزنس) في (بزنس)؟! إن الأنباء الأولية تقول إن (الطحاطيح) شبه ضامنين للنتائج المبدئية، لأن المسألة تعود للمناقصة، والمناقصة باختصار تحكم النتائج!! إنه لا يقلل من شأن الإذاعات وأثرها على الشعوب إلا البسيط؟ وفي هذا المقام لازلت أتذكر أثناء جولتي في مدينة (ديترويت) بأمريكا، وزيارتي لمحطة خاصة يملك بث ساعتين من ساعاتها بالإيجار السنوي أحد الأصدقاء، أنني تحدثت فيها لمدة عشر دقائق، فانهالت الأسئلة من الناس في السيارات أثناء الاستماع، وحتى من داخل السجون في أمريكا من قبل العرب فيها!! لا أظن أبداً أننا نتكلم عن اختراع عظيم وشيء خطير، فدولة فقيرة مقارنة بدول الخليج في المغرب فيها (17) إذاعة متنوعة، وفي تركيا تملك جماعة (أردوغان) (31) محطة إذاعية، وفي الكويت والأردن محطات غير حكومية وشخصية (على كيفك). نداء إلى معالي وزير الإعلام - وهو الرجل الأديب المخضرم، والذي فتح قلبه وساحات منتدياته للجميع-: إن اسم الوزارة التي ترأسها وزارة الثقافة والإعلام، فما مفهوم الثقافة الذي سنجده في المحطات الإذاعية؟! أو بمعنىً آخر، وبسؤال بسيط هل هذه المحطات (بزنسية) عن أي وجهة كانت أم قيمية؟! وهل الإذاعات الجديدة سترقص، أم ستصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ورحم الله زماناً كان (ابن عمر) رضي الله عنهما، يضع أصبعيه في أذنيه عندما يمر على راعٍ ينفخ في المزمار، ويسأل خادمه: أتسمع أتسمع؟ حتى غاب صوته!!