كشف مسؤولون وخبراء في علم النفس أن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية ينتج عنه 12 خطراً على سلوك الفرد المتعاطي، أبرزها الإقدام على الانتحار والتحرش بالأطفال، مؤكدين أن ما يحدث للمتعاطين من مشكلات نتيجة تعاطيهم للمخدرات هو تغير حاد في حالتهم المزاجية. وأشاروا إلى أن هذه الأخطار تتمثل في: الانتحار وإيذاء الذات، والوقوع في جرائم السرقة، والميل للأخطار والانفعال، والشك والريبة والتخيلات، والانطواء والقلق وتجنّب الآخرين، وإهمال العمل والدرس والنظافة واللامبالاة، وإهمال العبادات وبر الوالدين، وعناد الأسرة وتعنيفها وعقوق الوالدين وضربهم، والوقوع في جرائم العدوان والاضطهاد، واستغلال الآخرين والكذب والمراوغة، والتحرش بالأطفال والوقوع في جرائم الاغتصاب، والاعتداء على الآخرين بالسب والشتم والضرب.
وقال أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، خبير الأممالمتحدة عبدالإله بن محمد الشريف " إن الدولة استشعرت مبكراً خطورة المخدرات على المجتمع وأبنائه، وأطلقت عدة برامج للتصدي لخطرها، حيث تم مؤخراً إطلاق أضخم مشروع وطني للوقاية من المخدرات تحت مسمى "نبراس"، والذي وجه به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات –يحفظه الله-، وبمبادرة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، لتوحيد كافة الجهود الحكومية والأهلية في مجال الوقاية من المخدرات"، مؤكداً أن "نبراس" "مشروع موحد ومتكامل يضم العديد من البرامج الوقائية والاستشارية والعلاجية والتأهيلية التي تم إعدادها وتصميمها وفقاً لمعايير مدروسة بعناية من قبل مسؤولين ومختصين وخبراء من مختلف التخصصات والقطاعات، تركز على عدة جوانب من بينها الجانب السلوكي للأفراد" .
وأوضح الشريف أن المشروع الوطني للوقاية من المخدرات "نبراس" يتضمن ثمانية برامج وقائية، جميعها تهدف إلى توعية المجتمع بمخاطر المخدرات، والسبل العلمية لمنع تعاطيها والتسلح بمبدأ القيم الأخلاقية والاجتماعية، والعمل على تغيير أنماط السلوك المتجهة للتعاطي، واستبدالها بسلوك يتجنب ذلك، من بينها برنامج الأسرة الذي يهدف إلى توعية ووقاية الأسرة في المجتمع وخاصة الأمهات والزوجات من مخاطر المخدرات، وطرق الكشف المبكر عن آثار تعاطي المخدرات لدى الأبناء والأزواج وكيفية احتوائهم وعلاجهم.
وأضاف أن برنامج استشارات الإدمان عن طريق المركز الوطني لاستشارات الإدمان "الرشيد" والذي يضم 15 مختصاً يعملون على مبدأ السرية في تلقي الاستشارات الأسرية حول الإدمان لمدة 14 ساعة في اليوم، والاستجابة لطلب الأسر حول أي استشارة أو توجيه أو طلب نقل قسري لمدمن مخدرات.
ومن جهته قال أستاذ علم النفس في جامعة الملك سعود ومستشار أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ورئيس اللجنة التنفيذية للمشروع الوطني للوقاية من المخدرات "نبراس"، الدكتور نزار الصالح، "إن برامج المشروع تعالج العديد من الجوانب، من بينها جوانب تتعلق بالسلوكيات لتحقيق هدفين إستراتيجيين، الهدف الأول يركز على منع تعاطي الأفراد للمخدرات، وإبعادهم عن دائرة الخطر لتجنب الوقوع فيها من خلال عدة برامج ورسائل ونشاطات علمية وميدانية جميعها لها أثر إيجابي في الوقاية والتحصين، والهدف الثاني يسعى إلى انتشال الذين انزلقوا إلى تعاطي المخدرات، وإعادتهم إلى الحياة الطبيعية كأعضاء فاعلين ومنتجين ومؤثرين في المجتمع.
وأشار الصالح إلى أن أخطار المخدرات التي تمس السلوك تحديداً، تم دراستها من قبل الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمشروع الوطني للوقاية من المخدرات "نبراس"، وتم تصميم برامج وقائية لمكافحتها، مؤكداً أن هذه البرامج الوقائية لها دور فاعل في منع التعاطي لقطع الطريق على الذين لديهم أهداف وغايات غير نبيلة تجاه المجتمع السعودي.
وأكد كل من الباحثين: مدير الدراسات والمعلومات باللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الدكتور سعيد بن فالح السريحة، وأخصائية السموم والعلوم الجنائية مديرة المركز الإقليمي لمراقبة السموم بصحة الشرقية، الدكتورة مها بنت خالد المزروع، في الدراسة التي أجرياها عن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، أن قرار تعاطي المخدرات يعتبر من أخطر القرارات الخطأ التي يُقدم على اتخاذها الفرد في مرحلة مبكرة من العمر، وفي الغالب لا يُقدم الأشخاص الأكبر سناً ونضجاً على تعاطي المخدرات، وغالباً ما يقع في تعاطيها الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 سنة، وهم في هذه المرحلة غير مؤهلين لاتخاذ قرارات التصرف في أمور حاسمة وخطيرة، ولذا يقع بعضهم في مواقف وينساقون في مسارات من الانحراف تجعلهم يتخذون قرارات غير محسوبة، من شأنها أن تدمر صحتهم ومستقبلهم، ومنها قرار تعاطي المخدرات.
وأوضحا أن الإقدام على تعاطي المخدرات سلوك منحرف بكل ما تعنيه الكلمة، فهو منحرف عن معايير الاستقامة وعن متطلبات الصحة وعن توجيهات الدين ومخالف للأنظمة، ومغاير لتوقعات الأسرة، بل ومخالف لتوقعات الفرد عن نفسه، مشيرين إلى أن البحوث العلمية المطبقة على المدمنين أثبتت أن أخطر ما يحدث للمتعاطين من مشكلات نتيجة تعاطيهم للمخدرات هو تغير حاد في حالتهم المزاجية، وهذا التغير يجعلهم ميالين بشكل دائم للعنف والانفعال، وأن معظم المتعاطين بسبب تغير حالتهم المزاجية وانخفاض مستوى راحتهم، حدثت لهم مشاكل أسرية متعددة، وأخرى مهنية وجنائية فضلاً عن المشاكل الصحية المرافقة لمرض الإدمان، وذلك لكون التغير في المزاج يؤدي إلى تغير حاد في الطباع وفي السلوك ونمط التصرف.
وبينا أن الدراسات العلمية والملاحظات الدائمة أثبتت أن تعاطي المخدرات يؤثر سلباً وبشكل سريع على طبيعة علاقات الفرد بمحيطه الأسري والاجتماعي، ففي غضون السنة تستطيع المخدرات أن تسلب الثقة في التعامل من الشخص المتعاطي، وأن تجعل المتعاطي منعزلاً وغير مهتم بالآخرين، وفي أوقات أخرى يصبح شخصاً منبوذاً اجتماعياً غير مرغوب فيه أينما تواجد، وذلك بسبب ما قام به المتعاطي من سلوكيات وتصرفات خطأ وأخرى مخلة بالآداب والأمانة فضلاً عن عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته الاجتماعية مع الآخرين.