توّجت مباحثات القمة (السعودية – السورية) بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، مرحلة من التنسيق والتحضير للعودة بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى المطلوب . وقالت وكالة أنباء " شام برس " السورية أن "المحادثات التي عقدت بعد ظهر أمس في قصر الشعب بدمشق، تناولت علاقات الأخوة والروابط التاريخية التي تجمع المملكة وسورية وسبل توطيد التعاون بينهما في جميع المجالات، حيث أكد الملك عبدالله والرئيس الأسد، حرصهما على دفع هذه العلاقات قدماً من خلال البناء على ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية، وإزالة جميع العوائق التي تعرقل مسيرة تطور هذه العلاقات، وفتح آفاق جديدة للتعاون تخدم الشعبين الشقيقين، ومصالح البلدين المشتركة، وتساهم في مواجهة التحديات التي تعترض سبيل العرب جميعاً في بلدان عربية عدة وخاصة في فلسطينالمحتلةوالقدس الشريف". ودعا الجانبان إلى ضرورة تظافر جميع الجهود العربية والإسلامية والدولية؛ لرفع الحصار اللإنساني المفروض على الفلسطينيين، ووقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، ووضع حد لتمادي قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر على حقوق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية والتي كان آخرها محاولة اقتحام المسجد الأقصى، وأكد الزعيمان على ضرورة إتخاذ الخطوات التي تصون الحقوق العربية المشروعة، وتلاحق ما يرتكب بحقها من إجرام يخرق كل المواثيق والأعراف الدولية. وأكد خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري، حرصهما على استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين وعلى جميع المستويات في القضايا والملفات التي تهم الشعبين الشقيقين، لاسيما أن ارتقاء العلاقات بين البلدين سينعكس إيجاباً على مختلف القضايا التي تهم العرب جميعاً. في هذا الصدد قال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة إن "العلاقات السعودية - السورية تاريخية ومتميزة جداً، لافتاً إلى أنها ستشهد تطوراً كبيراً في المستقبل القريب. وأضاف خوجة إن "مباحثات خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس بشار الأسد ستحل العديد من مشاكل المنطقة لأن نتائج لقاء الأخوة دائماً مفيدة وطيبة". ووصف خوجة هذه الزيارة ب"التاريخية"، وقال "هذه الزيارة تاريخية بكل تأكيد"، وأضاف إن "لقاء كلقاء أمس بين زعيمين كبيرين في المنطقة كخادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الأسد، لا يمكن أن يكون سوى لقاء أمل للمنطقة"، معتبراً أن التقارب السعودي - السوري سيكون له أثر إيجابي على كل المنطقة، وأنه عامل من عوامل بث تفاؤل كبير جداً فيها، وقال إن "اللقاء يوفر أيضاً نظرة متفائلة لمستقبل مشرق للعلاقات بين البلدين وفي المنطقة عموماً. من جهتها، قالت الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية إن "خادم الحرمين والرئيس بشار الأسد عقدا جلسة مباحثات موسعة حضرها أعضاء الوفدين الرسميين". وأضافت " شدد الملك عبدالله والرئيس الأسد على أن الوضع العربي الراهن هو بأشد الحاجة إلى التضامن العربي، كما كان دائما وخاصة في وجه التحديات التي تواجه الأمة العربية وما يتعرض له الأقصى الشريف ومدينة القدس والأخوة الفلسطينيين، وكل ما تتعرض له الأمة العربية من تحديات بحاجة ماسة إلى علاقات عربية متميزة ". وتابعت شعبان " قال الملك عبد الله أن العلاقات السورية - السعودية لها تاريخ عريق وطويل متميز من التعاون والتنسيق ورد الرئيس بشار الأسد بالقول إننا حين نذكر اسم الملك عبد الله الكل يعلم أنه الملك العروبي الذي يؤمن بالعروبة وبالتنسيق العربي". وقالت بثينة شعبان "نستطيع أن نقول أن العلاقات السورية - السعودية تسير بتطور ممتاز وفي نية قوية لخلق فضاء عربي وجو عربي يحاول أن يستفيد من الطاقات العربية، لرفع كلمة العرب على الساحتين الإقليمية والدولية". __________________________________________ واشنطن تراقب عن كثب زيارة الملك عبدالله لسوريا الصحف العالمية تؤكد على الأجواء التصالحية بين دمشق والرياض أيمن حسن - الوكالات : اهتمت كبرى الصحف ووكالات الأنباء العالمية بزيارة خادم الحرمين الشريفين لسوريا، وقد حاولت معظم التغطيات التكهن بمدى نجاح الزيارة في ضوء الملفات المعقدة المعروضة أمام القمة، وأن اتفقت جميعها على الأجواء التصالحية التى تغلفها. فتحت عنوان " سوريا تفرش السجادة الحمراء للملك عبدالله " قالت صحيفة الجارديان البريطانية واصفة فخامة وحرارة الاستقبال: ان سوريا تفرش السجادة الحمراء لزائر غير عادى، الزائر الشديد الأهمية الذي طالما أنتظرت دمشق والعالم العربي وصوله ليزيل شقة الخلاف بين المملكة وسوريا. وتضيف الصحيفة " إن الملك عبدالله يسعى لجمع كل ألوان الطيف العربي في مواجهة فشل الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتى الآن في دفع عملية السلام، فالرياض ودمشق تملكان رؤى مختلفة للقضية الفلسطينية، حيث تقف دمشق وراء حزب الله وحماس، بينما تؤيد المملكة محمود عباس والسلطة الفلسطينية، والمصالحة السعودية السورية يمكن أن تعضد المصالحة الفلسطينية الفلسطينية. وتعقب الصحيفة " لقد كان الأسد يردد دائماً أنه ليس بحاجة إلى الاختيار بين أصدقائه ( فى إشارة إلى إيران والسعودية ) ، لكن هل ستأتي إجابته مختلفة هذه المرة". وأكد أندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لصحيفة " كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية " أن واشنطن تراقب عن كثب زيارة الملك عبدالله لدمشق . وأضاف " تأتى أهمية هذه الزيارة من أنها تفتح الباب لدمشق لتتحرك بعيداً عن عزلتها المتزايدة التي فرضتها عليها تحالفها مع إيران، لتعود دمشق إلى المحور العربي الأمريكى". وأعتبر تابلر أن المقاييس الحقيقة لنجاح الزيارة هي تشكيل الحكومة اللبنانية، وإتمام المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح". وتحت عنوان " الملك عبدالله يسعى لإصلاح الهوة مع سورية" حاولت صحيفة "واشنطن بوست " أن تعدد الدوافع لدى السعودية ومصر لجذب سوريا إلى المحور العربي، قالت الصحيفة " أنه بعد سنوات من سياسة العزلة التي مارسها المحور السعودي المصري على سوريا، والتي لم تنجح في عزلها عن إيران، يأمل الكثيرون الآن أن تؤدى القمة إلى مصالحة تهدئ الخلافات التي استمرت لسنوات في المنطقة، حتى أنقسم العرب إلى معسكرين أحدهما يضم السعودية ومصر وحلفاء واشنطن في المنطقة والآخر يضم سوريا وإيران وحزب الله وحماس. وتضيف الصحيفة : تسعى السعودية ومصر إلى إغلاق الطريق على النفوذ الإيراني فئ منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال السعي إلى جذب سوريا إلى التحالف العربي بعد سنوات من المقاطعة بسبب ما اعتبراه دوراً سوريا في إشعال المنطقة. وتضيف الصحيفة : هناك دوافع أخرى لدى السعودية ومصر لجذب سوريا، وهو توجه إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما والتي بدأت الانفتاح على دمشق، بعدما مارست إدارة الرئيس السابق جورج بوش سياسة العزلة على سوريا طوال ثمان سنوات بسبب دعم دمشق لحزب الله وحماس. أيضاً أصبح الرئيس السوري بشار الأسد يحظى باهتمام قادة أوربا، بعدما أرسل إشارات بأنه راغب في العمل مع المجتمع الدولي فى المناطق الساخنة بالشرق الأوسط. وتأمل لبنان أن يكون للمصالحة السعودية السورية تأثير إيجابي على تشكيل الحكومة اللبنانية. وتحت عنوان " الملك عبدالله والرئيس الأسد يضمدان الجراح " اعتبرت صحيفة " فينانشيال تايمز" البريطانية أن المباحثات بين السعودية وسوريا على قدر كبير من الرمزية لدولتين عربيتين تحاولان جسر الهوة ورأب الصدع بينهما. وأوردت الصحيفة عن محلل سوري أشترط عدم ذكر اسمه أن القائدان حييا بعضيهما بحرارة شديدة، وأضاف " بعد سنوات من التوتر يدرك الجانبان أنهما بحاجة لبعضهما البعض، ويمكن أن يقدم كل منهما المساعدة للآخر". وأكد محلل سعودي وثيق الصلة بالحكومة على موضوع الوحدة العربية إن الزيارة في جزء منها " تكشف لإسرائيل وأمريكا وكل شخص أن تعطل مسيرة السلام ليس خطأ العرب" فكلا الجانبين اللذين يملكان رؤى مختلفة للمنطقة، أيدا مبادرة السلام التي أطلقها الملك عبدالله عام 2002. وأكد تقرير الصحيفة أن الدفء المتنامي في العلاقات بين المملكة وسوريا من شأنه أن يساهم في تخفيف التوتر في المنطقة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نقلاً عن دبلوماسيين سوريين " إن تفاهماً بين قادة سوريا والمملكة من شأنه أن يهدئ مخاوف العرب السنة تجاه نوايا ايران".