رحبت ادارة الرئيس باراك أوباما بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سورية أمس، واعتبرتها «دلالة على دور المملكة» على الساحة العربية، وخصوصاً «في عملية السلام» وفي ملفات اقليمية أخرى. جاء ذلك في وقت قالت مصادر أميركية إن محوري الحوار مع سورية هما احتواء ايران والتركيز على مسألة العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق. وأكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون العامة فيليب كراولي ل «الحياة» أن زيارة الملك عبدالله إلى سورية «مهمة» لسببين، الأول تأكيدها الانخراط الديبلوماسي وفي هذه المرحلة بالذات في الشرق الأوسط، والثاني كونها «تدل على حجم الاستثمار والجهد السعودي في قضايا المنطقة وخصوصاً على صعيد عملية السلام». ونوه كراولي بالمبادرة العربية للسلام، وتقاطعها مع سعي الادارة الأميركية نحو السلام الشامل وعلى مختلف المسارات. كما ذكّر بالدور الاقليمي للرياض وأهمية الديبلوماسية السعودية في تحسين الوضع الاقليمي. يقول الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر ل «الحياة» إن الادارة الأميركية تتطلع الى نتائج عملية ترتبط بأزمة الحكومة اللبنانية بعد هذه الزيارة، لا سيما أن تبصر مثل هذه الحكومة النور وتتوج الاستشارات الماراتونية التي بدأها الرئيس المكلف سعد الحريري في حزيران (يونيو) الماضي. وكان جايمس ستاينبرغ نائب وزيرة الخارجية الأميركية تحدث عن هذا البعد الاقليمي في جلسة استماع أمام الكونغرس مطلع الأسبوع الجاري، باشارته في أول موقف أميركي رسمي في هذا الصدد إلى أن التقارب العربي - العربي «الذي يتضح في حل الأزمة اللبنانية هو مؤشر نجاح في احتواء النفوذ العدائي لايران في المنطقة». وتسعى واشنطن في حوارها مع دمشق إلى ابعاد سورية عن ايران، إذ ترافقت الجلسات الأبرز لهذا الحوار مع محطات مهمة على الساحة الايرانية. فالزيارة الأرفع لمسؤول أميركي الى سورية، قام بها المبعوث جورج ميتشل في حزيران (يونيو) الماضي في خضم الصراع الداخلي الايراني في أعقاب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل. وفي المقابل، جاءت الزيارة الأبرز لمسؤول سوري إلى واشنطن منذ عام 2005، عشية محادثات جنيف في خصوص الملف النووي الايراني. وقام حينها فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري بجولة على العاصمة الأميركية شملت وزارة الخارجية والبيت الأبيض. وتؤكد مصادر أميركية مطلعة على فحوى زيارة المقداد أن «مسألة العقوبات» كانت المحور الأساسي للزيارة، وتصدرت جدول أعمال المسؤول السوري. ويرى تابلر أن العقوبات باتت المحرك الاستراتيجي للعلاقة السورية - الأميركية، كونها تلخص مطالب واشنطن من دمشق لناحية ضبط الحدود العراقية - السورية، ووقف دعم مجموعات مسلحة في المنطقة «حماس» و «حزب الله» واقامة علاقات طبيعية مع لبنان. وتندرج هذه المطالب في قانون محاسبة سورية، والعقوبات المفروضة ضمن حالة الطوارئ والتي تُجدد في أيار (مايو) من كل عام. وأكدت هذه المصادر الأميركية أن المقداد طلب «شرحاً مفصلاً» في شأن الطريق باتجاه رفع العقوبات، لا سيما في اللقاء الموسع في وزارة الخارجية الأميركية، والذي ضم ممثلين من وزارة الخزانة الأميركية. ويحدد تابلر «رخص الاستيراد» والسماح بشراء قطع الطائرات، إلى جانب تحسين التبادل التجاري ضمن البنود الأبرز التي تسعى دمشق إلى رفعها عن العقوبات. كما تنتظر الادارة الأميركية من سورية نتائج فعلية في الأزمة الحكومية اللبنانية والملف الفلسطيني قبل تقديم أي تنازلات من هذا النوع، ولتفادي مأزق مع الكونغرس الأميركي الذي تبنى بأكثرية ساحقة هذه الاجراءات. ووفقاً لتابلر، تعطي الورقة الاقتصادية جرعة اضافية للديبلوماسية الأميركية في حوارها مع سورية، وخصوصاً «في ظل تراجع ايرادات الاقتصاد السوري من المنتجات النفطية»، وحاجة دمشق إلى استثمارات أجنبية.