تحتل المساعي السعودية لترميم العلاقات العربية العربية وإعادة روح التنسيق والأخوة وترسيخ أمن واستقرار المنطقة المهددين يوميا من العدو الإسرائيلي، الأولوية في زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى سوريا، كونها سبقت بزيارة إلى مصر، وأُلحقت بزيارة إلى بيروت. وتأتي زيارة دمشق في مرحلة تعيش فيها العلاقات السورية السعودية "أجواء مثالية" كما وصفها وزير الخارجية السوري وليد المعلم مؤخرا, الذي قال إن "العلاقات بين دمشق والرياض تعيش حاليا حالة توافق تجاه العديد من القضايا العربية بفضل حكمة الملك عبدالله والرئيس الأسد التي ساهمت في زوال الغيمة التي كدرت صفو العلاقة الأخوية بين البلدين الشقيقين". وزيارة الملك عبدالله إلى سوريا هي الثانية له منذ توليه العرش بعد أن كانت زيارته الأولى في أكتوبر الماضي, فيما تعد زيارته للبنان الأولى إلا أنه زارها في عام 2002 ممثلا للمملكة في القمة العربية التي عقدت في بيروت. وشهدت الأشهر الماضية عدداً من الزيارات المتبادلة بين المسؤولين السوريين والسعوديين على مختلف المستويات, كانت أبرزها الزيارات التي قام بها الرئيس الأسد للسعودية خلال شهري سبتمبر ومارس الماضيين إضافة إلى زيارة الملك عبدالله لدمشق العام الماضي, ما أسهم في إعادة الدفء للعلاقات السورية السعودية عقب أعوام من التوتر بسبب الخلاف حول بعض الملفات الإقليمية على رأسها الملف اللبناني. وكانت العلاقات السورية السعودية شهدت توترا كبيرا عقب اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، إثر قيام فريق من اللبنانيين بتوجيه أصابع الاتهام لسوريا. لكن العلاقات بين دمشق والرياض استعادت حيويتها بعد أربع سنوات من الجفاء منذ المصالحة التي حصلت بين الرئيس الأسد والملك عبدالله في قمة الكويت الاقتصادية في فبراير العام الماضي. ويبدو أن تزامن الزيارة لدمشقوبيروت مع الروايات التي تنتشر هذه الأيام بقوة عن أن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري ستصدر في الخريف المقبل قرارا اتهاميا ظنيا يوجه أصابع الاتهام إلى حزب الله في الجريمة, يرجح أن تتناول مباحثات الملك عبدالله مع الرئيس الأسد ومع القيادة اللبنانية سبل تحصين التوافق اللبناني الذي نجم عن الاتفاق الموقع في العاصمة القطرية الدوحة عام 2008 الذي كان لسوريا والسعودية دور كبير في إنجاحه. ورجحت مصادر عربية أن يترافق تواجد خادم الحرمين في لبنان، زيارة كل من الرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت، واحتمال أن تترافق معها أو تتبعها زيارة أخرى لأمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني. أما زيارة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة إلى العاصمة اللبنانية فقد أرجأت إلى ما بعد شهر رمضان المبارك بسبب تضارب بعض المواعيد وتزاحمها. وتوقعت التحليلات بأن "ينتهز القادة العرب زياراتهم إلى لبنان للتركيز على تحصين اتفاق الدوحة ونزع الألغام الناتجة من تعدد الروايات عن القرار الاتهامي الظني للمحكمة الدولية".