المرأة في نظر كثير منا عرضة للانحراف الأخلاقي، لذا هي تحتاج إلى رقابة مشددة وقيود تحد من حركتها، فهي لو تركت لنفسها لانطلقت لتغرق في حياة العبث والمجون ووقعت في الرذيلة والفساد! لم هذه النظرة المهينة للمرأة؟! لم تُعد المرأة غير جديرة بالثقة في عيون كثير من الناس؟! قد يقول أحدكم إني أبالغ في ما ذكرت، وليتني حقا أكون كذلك، إلا أنه مع الأسف، واقع المرأة الذي تعيشه في مجتمعنا يؤكد صدق ما أقول. أما من يراني أبالغ فإني أطلب منه أن يفسر لي معنى أن تضع الجامعات في المملكة قيودا على خروج الطالبات بعد انتهاء محاضراتهن؟! فحسب ما نشر في بعض الصحف المحلية، لا يمكن أن تخرج الطالبة من الجامعة قبل الساعة 12 ظهرا إلا في الحالات الطارئة، كما أن عليها أن تحصل على بطاقة تصريح بالخروج، وهي بطاقة لا تعطى إلا بعد إحضار خطاب من ولي أمرها (مختوما من جهة عمله) يسمح لها بالخروج، وصورة من إقامة السائق (بعد مطابقتها مع الأصل)، ومعلومات كاملة عن السيارة التي تحملها إلى البيت! لماذا كل هذه التعقيدات والمطالب المزعجة لتمكين الطالبة من الخروج إن لم يكن السبب عدم الثقة فيها؟! أليست هذه القيود تنطق بأن الطالبة موضع شك في خلقها وأنها ليست جديرة بأن تصون نفسها، لذلك هي في حاجة إلى التقييد؟! وبصرف النظر عن المشقة التي تسببها تلك الاشتراطات للطالبة فيما لو طرأ ما لا يتوافق مع المعلومات المدونة في بطاقة التصريح، كتعرض السيارة لحادث أو خراب يقتضي استخدام غيرها، أو تعرض السائق لمرض أو تغيبه في إجازة طارئة وحاجة الطالبة إلى الرجوع مع سائق آخر أو مع زميلة، أو غير ذلك من الظروف الطارئة، بصرف النظر عن هذا، فإن وضع القيود على طالبات الجامعة فيه إهانة للمرأة، فهو يؤكد نظرة الشك فيها وأنها غير مؤتمنة على نفسها، وأن استقامة أخلاقها وعفافها أمر مرهون بالقيود التي تطوقها. وما يزيد الأمر سوءاً أن هذه النظرة المهينة للطالبات لا يجد مثلها الطلاب؛ فالطلاب لا تضع عليهم الجامعات أية قيود تنظم خروجهم، وهو ما يبرهن على قصور الثقة في الطالبات دون الطلاب. حين تقوم مؤسساتنا التربوية بمثل ذلك التصرف فإنها تنافي أحد أهم القواعد التربوية المعينة على تحسين سلوك الفرد، وهي إبداء حسن الظن فيه ومنحه الثقة، ليكون إقباله على العمل الطيب بدافع ذاتي ينبع من داخله وليس بفعل القيد. [email protected]