تحل ذكرى بيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الثامنة هذا العام، في الخامس والعشرين من مارس، كمناسبة وطنية غالية على الشعب السعودي، وفرصة لاستذكار أهم النقلات والتحولات الإيجابية الكبرى التي شهدتها المملكة خلال هذه السنوات، وامتدت لتؤثر في المحيط العربي والعالمي، وتلفت الأنظار والقلوب لهذا القائد الشاب الذي رسم سياسات متفوقة، ونهج إداري ملهم للقادة والقيادة الناجحة حول العالم. تنوع الإنجازات التي تحققت خلال هذه السنوات الثمانية من تولي الأمير محمد بن سلمان للعهد، والتحولات التاريخية بدأت مع انطلاق رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سموه عام 2016؛ تدل على السمات الشخصية التي يتمتع بها الأمير محمد بن سلمان كالشجاعة والجرأة والمهابة والذكاء، تضافرت مع سمات قيادية فاعلة كالشورى والتخطيط وبعد النظر وغيرها، لتحقق هذا المنجز الذي نعيشه اليوم من إنجازات اقتصادية شملت تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات ودعم المشاريع، أو إطلاق مشاريع عملاقة كالقدية ونيوم والبحر الأحمر لتصبح المملكة وجهة سياحية مميزة، أو إنجازات على صعيد الشباب والمرأة من تميكن لفئتيهما، وتنمية قدراتهم الخاصة، وإتاحة الفرص لهم في المشاركة في بناء وتنمية الوطن، أو الإنجازات المتتالية والمدهشة في قطاعات الثقافة والرياضة والترفيه بإقامة الفعاليات والمهرجانات العالمية، وإبراز الممكنات الثقافية الأصيلة التي تملكها المملكة والتي تبين عمقها الحضاري والثقافي، ودعم الرياضة والرياضيين واستضافة الفعاليات الرياضية العالمية. كل هذه الإنجازات وغيرها تتسق مع إنجازات لافتة أخرى تسير معها من ضمان للنزاهة والشفافية، وتعزيز الوسطية والاعتدال، ومكافحة للفساد والتطرف والإرهاب، وتنويع الفرص، والاستخدام المتطور للتقنية، وتجويد لحياة المواطن، وتعزيز قيمة الوطن وغرس القيم الوطنية في مناسباته الهامة. كل هذه الإنجازات الداخلية صاحبها الكثير من الإنجازات العالمية الكبرى، التي تأتي قضية فلسطين على رأسها، والحرص على تحقيق السلام والعدالة للشعب الفلسطيني، وتسخير الثقل السعودي العالمي لجمع كلمة العرب والمسلمين، ونشر السلام والعدل في العالم، والحفاظ على أهم موارده الطبيعية، وتبني ودعم المبادرات التي تعنى بالمناخ والتوازن البيئي والمياه. مدارس القيادة في العالم ونظرياتها القديمة والحديثة تضع من حين لآخر عددا من الإستراتيجيات والمناهج التي تضمن تحقيق النتائج التي يهدف لها القادة. وفي قراءة لإنجازات الأمير محمد بن سلمان خلال هذه السنوات الثمانية من توليه للعهد، نرى أنه طبق أغلب هذه الإستراتيجيات التي حققت هذه النتائج التي نراها ونسمعها ونعيش بحمد الله في نعيمها، ونطمح معها لمستقبل واعد ومشرق قادم. فمن قيادة تحويلية متسمة بالتواصل الفعال وتقديم الدعم وخلق بيئات عمل إيجابية، إلى قيادة إستراتيجية ذات رؤية واضحة طموح تتبع خطة إستراتيجية قابلة للتنفيذ والتصحيح والتقييم المستمر، وقيادة تشاركية آمن فيها سموه على تفويض السلطات، وتطوير القدرات، ودعم الفرق العاملة والاستفادة من الممكنات والخبرات المادية والبشرية، وقيادة ملهمة استطاع معها ولي العهد إلهام الشباب وتحفيزهم، ودعم تطلعاتهم المستقبلية والاستماع لآرائهم وأفكارهم، لقيادة جريئة تتخذ القرارات الصعبة، وتقاوم التحديات، وتبادر في التغيير والإصلاح وإيجاد الحلول المبتكرة. والقيادة الشفافة التي يعزز فيها ولي العهد تقديم الحقائق والمعلومات بشفافية ووضوح، والمساءلة في العمل الحكومي ومكافحة الفساد بكل أنواعه، وقيادة قائمة على النتائج تضع أهدافا قابلة للقياس يراجع فيها سموه النتائج ويعلنها ويقيمها، ويتخذ الإجراءات التصحيحية الملائمة لها لضمان تحقيق تلك الأهداف، وقيادة مبتكرة تفكر خارج الصندوق وتدعم المبادرات والمشاريع الواعدة، ولكنها بالوقت نفسه قيادة تتعامل مع التحديات بواقعية وتوازن بين الطموح والواقع، وتبحث عن طرق وحلول مبتكرة قابلة للتطبيق. إن ذكرى بيعة ولي العهد بسنواتها الثماني ليست مجرد مناسبة وطنية غالية للشعب السعودي؛ بل هي فرصة لاستلهام خبرات وتجارب وقيم في مجالات القيادة والتطوير والتغيير، الذي يمكن أن يستلهم منه القادة في كل المجالات سير أعمالهم، ويطمئن إليه من يعملون معه من هذه القيادات ويزهر معه مستقبلهم كما يزهر بنا هذا الوطن تحت ظل هذه القيادة.