بينما كان خميس بن رمثان يقدم تقريره الشهري للملك عبدالعزيز، مؤسس البلاد -طيب الله ثراه- عن أمطار ووديان أراضي البلاد في شرق المملكة، تنامت ثقة المؤسس في قدرته على إيجاد الحلول الوقتية لأزمات المراعي، ما حدا به بعد توقيع اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط في 29 مايو 1933، بين حكومة المملكة وشركة ستاندرد المتخصصة في الاستكشاف، بتكليفه بالعمل مرافقا لبعثة الشركة، إذ اعتمد الجيولوجيون الأمريكيون على «ابن رمثان» نظرا لمهاراته في اقتفاء معالم الصحراء، ليذهل الجيولوجيين بمهاراته. وفي عام 1935 حفر البئر الأولى بقبة الدمام، اعتمادا على معرفة خميس الثاقبة بكل شبر في الجزيرة العربية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب معتمدا على قوة ذاكرته، دون خرائط أو أجهزة تحديد المواقع، ما جعل الحكومة السعودية تعتمده كدليل جيولوجي لشركات البحث عن النفط. وبعد 5 سنوات من البحث المضني عن الزيت في السعودية، وقبل أن تقرر الشركات الغربية وقف العمل، اكتشف ابن رمثان والجيولوجي الأمريكي ماكس ستاينكي أول بئر للزيت، في 4 مارس 1938 وسمي بئر الدمام رقم 7، أطلق عليه لاحقا بئر الخير. واليوم.. بعد 83 عاما، ينطلق الوطن إلى مرحلة فاصلة، بين اقتصاد اعتمد على مصدر وحيد للدخل بنسبة 90 %، إلى اقتصاد، لا يمثل النفط فيه أكثر من 50 %، فيما تظل باقي الإيرادات والمشاريع والآمال، قابعة في عقل ووعي وجهد الإنسان السعودي، وقدرته على الابتكار والإنجاز في دولة المحبة والسلام. وما بين طموحات الشاب السعودي خميس، ورؤية السعودية 2030 التي كشف عنها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وتنطوي على الأهداف الاقتصادية للخمسة عشر عاما القادمة، وسبل تحقيقها، تتضاعف آمال السعوديين، خصوصا بعد إعلانه زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليارا إلى تريليون ريال سنويا، ونجاحه في تحديد الأهداف الرئيسية التي تتضمن اقتصادا مزدهرا، مجتمعا حيويا، ووطنا طموحا، من خلال رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 %، على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي. إضافة إلى تقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية من المرتبة 49 إلى 25 عالميا، والأولى إقليميا، والوصول بمساهمة القطاع الخاص، في إجمالي الناتج المحلي من 40 % إلى 65 %، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8 % إلى المعدل العالمي 5.7 %، والانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسية العالمي، إلى أحد المراكز ال10 الأولى، ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليونات ريال سعودي. علاوة على رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 % إلى 75 %، وارتفاع حجم اقتصاد السعودية، وانتقالها من المرتبة 19 إلى 15 الأولى على مستوى العالم، مع رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 %. الوطن.. أمس، دخل التاريخ بقيادة حيوية الشباب، إذ وضع سمو ولي ولي العهد نصب عينيه تحديات المستقبل، بواقعية، باتجاه بوصلة نهضة وطنية كبرى.