لم تكن المملكة بمعزل عن عروبتها وقوميتها في يوم من الأيام، وتأتي الزيارة الميمونة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لمصر لتؤكد قوة الأواصر والروابط الاجتماعية والثقافية والتاريخية بين مصر والسعودية، وعبر عدد من الكتاب والمثقفين عن مباركتهم وابتهاجهم بالزيارة وما ترتب عليها من اتفاقات شراكة تعزز مفهوم الإخاء والتكامل، ويؤكد الناشط الحقوقي محمد سعيد طيب أن العلاقات بمصر العروبة لم تكن وليدة اللحظة، لافتا إلى أن مصر عبر تاريخها اعتنت بالحرمين الشريفين وخصصت محملا لكسوة الكعبة يفد سنويا لمكة، وأضاف طيب أن والي مصر محمد علي باشا أمر بإنشاء تكية مصرية في مكةالمكرمة، ووجه ابنه إبراهيم باشا بإنشاء تكية في المدينةالمنورة، لإطعام حجاج بيت الله من المصريين وكل الجنسيات، واستمرت تؤدي دورها الخيري إلى عام 1983، ما يؤكد أن مصر اعتنت بالحرمين وأهلهما من خلال ما عرف باسم مخصصات الحرمين والصرة الشريفة. ومما كتب إبراهيم رفعت باشا (الذي كان يتولى حراسة المحمل المصري وكسوة الكعبة) عن التكية المصرية في الحجاز والمدينة، في الجزء الأول من كتابه القيم (مرآة الحرمين): التكية المصرية من الآثار الجليلة ذات الخيرات العميمة، كانت صدقة جارية لمسديها ثواب جزيل. أنشأها ساكن الجنان محمد علي باشا رأس الأسرة الخديوية في سنة 1238 هجرية» ولفت طيب إلى أن محمد علي خصص التكية لخدمة فقراء الحرم المكي من جميع الجنسيات والشعوب المختلفة الذين أعوزتهم الحاجة ولا يجدون مأوى يأوون إليه ولا يجدون طعاما يقيمون به أودهم. ،مشيرا إلى أن عدد الأشخاص المستفيدين يوميا من تكية مكة في الأيام العادية أكثر من 400 شخص، ويزيد العدد في شهر رمضان وما يليه من شهور ليصل إلى أكثر من أربعة آلاف شخص في اليوم الواحد خلال موسم الحج. وللتكية ناظر ومعاون وكتبة يقومون جميعا بخدمة الفقراء. وبها طاحونة لطحن القمح. وفيها مطبخ واسع به ثمانية أماكن يوضع عليها أوان ثمان من ذات الحجم الكبير (قزانات) وفيها مخبز ذو بابين يخبز به العيش ومخزن وحجر للمستخدمين. وفي مدة الحج يسكنها بعض عمال المحمل كالطبيب والصيدلي وكاتب القسم العسكري، مشيرا إلى أن التكية في المدينةالمنورة تقع في منطقة المناخة على يسار باب العنبرية ويبلغ طولها 89 مترا وعرضها 50 مترا وزودها إبراهيم باشا بالمخازن والأفران والمطابخ ويأتيها رزقها رغدا من القمح والأرز واللحم وغير ذلك من ديوان الأوقاف بمصر حيث تفتح أبوابها لكل الفقراء من دون استثناء وكذلك كانت تأتي رواتب الناظر والموظفين الذين يعينون من قبل الحكومة المصرية.