استغرب عدد من أعضاء مجلس الشورى، قرار المجلس البلدي في جدة، بالفصل بين الأعضاء الثلاثين والسيدتين المنضمتين حديثا إلى المجلس في اجتماعه الأول، مؤكدين أن هناك فرقا بين الخلوة المحرمة، والاختلاط المشروع وفق الضوابط الإسلامية، لافتين إلى أن مثل هذا التصرف يصادر حق المرأة السعودية كشريك أساس في العملية التنموية، وطالبوا مجالس المناطق والغرف التجارية والبلدية، بتطبق التجربة الناجحة لمجلس الشورى في إعطاء المرأة حقها كاملا في الحضور جنبا إلى جنب مع الرجل. الاختلاط المحتشم مباح وقال عضو المجلس الدكتور صدقة فاضل: «إن الخلوة في الدين الإسلامي محرمة، إلا أن الاختلاط المحتشم مباح لعدة أسباب شرعية ومنطقية، إذ أن في الأماكن العامة كالأسواق وغيرها لا بد أن يكون فيها هذا الاختلاط المشروع، وتكون فيه المرأة محجبة وفق الشرع». وأوضح أن مجالس المناطق والغرف التجارية والبلدية بما فيها الشورى، تناقش الشأن العام وتتخذ الكثير من القرارات، ما يتطلب أن يكون الرجال والنساء تحت مظلة أو قبة واحدة، شريطة أن يحترم الرجل خصوصية المرأة وحجابها وتواجدها، وأن تحترم هي الآخرين وتلتزم بالآداب الشرعية، مضيفا: «في هذه الحالة لا يكون الاختلاط محرما، بل هو أمر واجب، لأن الجميع يعملون لخدمة مصلحة عامة معينة، إذ أن مجلس الشورى وغيره من المجالس تتطلب تواجد الجنسين في مكان واحد، وأعتقد أنه أمر مشروع». وزاد: «طالما تم التعامل مع هذا الأمر بطريقة معروفة وواضحة ومعلنة في الشورى كمجلس أعلى، فأعتقد أن المجالس الأدنى يجب أن تقتدي به وأن تتخذ الإجراءات التي يطبقها لضمان اختلاط مشروع وفي حدود الحاجة، ويلتزم فيه الطرفان بالآداب الشرعية». وأكد أن تجربة الاختلاط في الشورى ناجحة لأنها وفق ضوابط، وتخصيص قسم خاص ومداخل ومخارج خاصة بالنساء، ولا يلتقين بالرجال، وعندما يأتين إلى القاعة تكون كل واحدة منهن ملتزمة بالحجاب الشرعي، ويجلسن في مكان يعتبر عاما، ولا يحق لأي عضو المرور أمام موقع النساء في المجلس، وتوقع أن تبادر عضوات الشورى بطرح موضوع فصل المرأة عن الرجل في المجالس البلدية، من منطلق أن ما حدث في «بلدي جدة» أمر مستغرب. المرأة نصف المجتمع من جانبه، قال عضو المجلس الدكتور زهير الحارثي: «إن فصل المرأة عن الرجل في اجتماعات المجالس البلدية لا يتعلق بكوني عضو شورى، وإنما بتوجه دولة وثقافة مجتمع ورغبة وطن حقيقية في التطوير والتحسين وتنمية البلد، ويجب أن ينظر للمرأة على أنها نصف المجتمع وشريك في التنمية، وأن كفاءتها لا تقل عن الرجل، وأنها تلعب دورا مهما في تنشئة الجيل، وهناك نماذج مشرفة على مستوى دولي». وأضاف: «رغم التجارب الناجحة في الشورى والغرف التجارية وغيرها، إلا أنني أنطلق من النظام الأساسي للحكم وتشريعات الدولة، التي تستند على الكتاب والسنة كمصدرين لهذا التشريع، وأتحدث عن الشورى كمرجعية وقدوة لجميع الأجهزة، فإذا كان ما يطبقه بخصوص اختلاط الرجل بالمرأة وفق الضوابط الشرعية، يتم تحت نظر المؤسسة الدينية والسلطة العليا في الوطن، وتنقل الجلسات عبر التلفزيون وتنشر في الصحف وهو الوضع الطبيعي، أليس من الطبيعي أن تتخذ التجربة في جميع أجهزة الدولة؟». ووصف ما حدث في جدة ب«الأمر المعيب» لأن المرأة لا تستحق هذا التحجيم، لأهمية دورها الوطني، وقال «نحن ننطلق من قيم وسماحة الإسلام، والقصص في صدر الإسلام تؤكد حضور المرأة ودورها في الإنجاز والمشورة والتفاعل، ويجب علينا أن نكون أكثر واقعية ووطنية، وأن نفسح للمرأة المشاركة الفاعلة من أجل رفعة الوطن، وأن نبتعد عن أدلجة المواقف والرؤية الضيقة التي تضع المرأة في مكان لا تستحقه ولا يتناسب مع عطاءاتها». حمدة العنزي: عطاؤنا تطور بعد اجتماعنا مع الأعضاء قالت الدكتورة حمدة العنزي رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في الشورى: «دخلت المرأة المجلس بأمر ملكي ساواها تماما بالرجل، لذا كان أمامها حق الخيار في الاجتماع بزملائها عبر الدائرة التلفزيونية أو مباشرة»، لافتة إلى أنها ومن واقع شخصي وتجربة فعلية ترى أن أداء المرأة في الشورى بعد أن اجتمعت في نفس المكان مع الرجل أصبح أكثر فعالية ووضوحا للطرفين، كون المواجهة المباشرة تعطي النتائج المرجوة، مضيفة: «أنا وزميلاتي لنا علاقات جيدة يسودها الاحترام مع جميع الأعضاء»، لافتة إلى أنها كرئيسة لجنة - أعضاؤها من الرجال والنساء - لا تجد حرجا في إدارة الحوار بأريحية بين جميع الأعضاء، مؤكدة أن مشاركتها وزميلتها الدكتورة رضا عبيد مع رئيس المجلس وبعض الأعضاء والمسؤولين في استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عند افتتاحه مجلس الشورى يمثل المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. واستغربت ما حدث في المجلس البلدي في جدة، وقالت: «المرشحون قبلوا من الأساس الدخول في الانتخابات، ويعلمون أن المرأة ستكون ضمن الأعضاء، وأنها ستشارك في الزيارات الميدانية المشتركة، وستحضر الاجتماعات في بعض الجهات، وتلتحق بالمؤتمرات الداخلية والخارجية، فكان الأهم معرفة الآلية قبل الإقدام على هذه الخطوة المستغربة، وتمنيت لو أن وزارة الشؤون البلدية والقروية وضعت خطة واضحة منذ بداية إعلان حق المرأة في الترشح للمجالس البلدية حتى لا يفرض عضو واحد رأيه ويتحكم في مصير المرأة». وأضافت أن تخصيص دوائر تلفزيونية لعضوات المجالس البلدية، يعتبر مرحلة وقتية تأخذ حقها الطبيعي حتى تصل إلى المعاملة العادلة لكل من الطرفين.