فتحت تقارير التفتيش القضائي التابعة لوزارة العدل، حول ملاحظات المفتشين بشأن المعوقات التي تعترض المرأة في المحاكم، باب الانتقادات من الجانب النسائي والمختصين والمختصات في الجانب العدلي والحقوقي، والذين وصفوها بالهامشية أمام المعاناة الحقيقية للمرأة، والتي كان يجب أن يطالها تقرير المفتشين؛ لتحظى بالتصحيح، والتعديل والتقويم، بدلا من تجاوزها. ومع أن وزير العدل فتح الباب على مصراعيه أمام أي معوقات وفق القرار الذي أصدره أمس وقضى ب «تشكيل لجنة وزارية لدراسة المعوقات التي قد تتعرض لها المرأة في المحاكم، ورفع نتائج الدراسة خلال شهرين من تاريخ القرار». إلا أن الملاحظات التي وردت في بيان وزارة العدل تحولت إلى هاجس أصاب الكثيرات بخيبة الأمل على حد وصفهن، تخوفا من ألا يضاف للملاحظات جوهر المعاناة، خاصة أن المفتشين اكتفوا خلال زياراتهم لبعض المحاكم بالإشارة إلى «عدم تخصيص مداخل خاصة بالنساء، وعدم تجهيز صالات انتظار لهن، كذلك عدم تخصيص مصاعد ومكاتب استعلامات لخدمتهن». وأبقت الوزارة فيما يبدو الأمر متعلقا بالجانب الشكلي، إذ وفق البيان فإنه «ستتولى الإدارة العامة للمشاريع بالوزارة مراجعة تصاميم مباني المحاكم وكتابات العدل المزمع تنفيذها لتلافي الملاحظات المذكورة، وتقف اللجنة المشكلة من عدة إدارات بالوزارة، في المحاكم لدراسة الملاحظات ميدانيا وتقديم المقترحات اللازمة، وإعداد الضوابط والقواعد العامة بهذا الخصوص، تمهيدا لاعتمادها وتطبيقها في المحاكم وكتابات العدل». لكن أم ماجد التي لاتزال قضيتها تراوح مكانها في محكمة جدة، ترى أنها لا تعرف سببا لتطويل أمد القضايا، فالمرأة حسب وصفها «لا تبحث عن مدخل أو مخرج، أو حتى صالة للجلوس، بل تبحث عن قاضٍ سريع يبت في قضيتها، وتطارد حقوقا يجب أن تحسم قبل فوات الأوان». واعترف عدد من المحامين ل «عكاظ» أنهم أصيبوا بخيبة أمل لأن الأمر يقتصر على «تهيئة بيئة المباني العدلية»، وإن كانت ضرورية ويجب ألا تغيب، لكنها تبقى هامشية حسب تأكيدات المحامي والمستشار أحمد الخالد السديري «أمام تقريب المواعيد وتسريع البت في القضايا وحماية المرأة من ابتزاز الرجل»، لافتا إلى أن الواجب على الوزارة الدخول في صلب القضايا والمعاناة، لا أن تبحث عن مخارج ومداخل، على الوزارة أن تبحث عن حل لنقص القضاة، قبل أن تطارد كيف تدخل المرأة المدعية أو المدعى عليها إلى القاضي، فهل ستجد قاضيا؟. ويعتقد المحامي خالد البابطين أن العدالة الناجزة وتوفير الإمكانات الضرورية من أهم الاحتياجات للمراجعين رجالا ونساء، وأن توفير مداخل وصالات ومصاعد خاصة للنساء هي مسألة هندسية «كان يجب أن تكون بعيدة عن التفتيش القضائي، والذي يجب أن يبحث عن صلب اختصاصاته»، لافتا إلى أن ما ورد من ملاحظات «ليست مهمة بقدر أهمية تسريع البت في القضايا وتقريب المواعيد، واصفا إياها بأنها رفاهيات وكماليات». ولا يعرف المحامي سعيد العمري «أي فائدة لتخصيص مقاعد ومصاعد ومداخل للمرأة وهي تعاني الأمرين في نيل حقوقها كسرعة البت في قضاياها وإصدار الحكم القضائي، فضلا عن حاجة بعض لجان الصلح إلى التأهيل والتدريب، إذ أنها تصدر قرارات ضعيفة لا تساعد القاضي في أكثر الأحيان على سرعة إصدار الحكم وكتابة صيغة واضحة ودقيقة تسهل على القاضي كتابة الحكم وإصداره». ولا يعتبر العمري الملاحظات يجب تفويتها لأنها تعد أيضا استجابة لبعض المطالب، إلا أن «المأمول استجابة أخرى في المطالب الأكثر واقعية، والمشكلات الأكثر تأثيرا» وعلى النقيض ينظر المحامي الدكتور ماجد محمد قاروب للملاحظات بأنها «أساسية وتصب في صلب احتياجات المرأة في محاكم الأحوال الشخصية إذ أنهن يعانين من عدم وجود أماكن انتظار خاصة بهن وكذلك فيما يتعلق بالمصاعد والمداخل الخاصة، في حين يستأثر المراجعون من الرجال بهذه الحقوق دون أن يتيحوا للمراجعات فرصة لقضاء حاجاتهن وفق خصوصيتهن». وتصف المحامية بيان زهران قرار وزير العدل بدراسة المعوقات «بالقرار الصائب لتلافي أي قصور قد تواجهه المرأة ويعضلها عن حقها، خاصة فكرة وجود استعلامات للإجابة عن استفسارات النساء وقيد الدعوى». ولا تعيب المستشارة القانونية هالة حكيم تعامل المرأة في المرافق العدلية، واصفة إياه بالإيجابي، لافتة إلى أن هذا «لا يمنع من التوسع في زيادة حصة المرأة فيما يتعلق بإجراءات التعامل وأيضا منحهن صلاحيات للمراجعات في المحاكم» وتضيف: «نأمل التوسع في تنظيم البيئة المكانية في المرافق العدلية أسوة بمحكمة الأحوال الشخصية» لافتة إلى أنها كمحامية لا تشعر بفارق في التعامل بينها والمحامي، ونأمل في الوقت ذاته بأن تتاح الفرصة أمام المتدربات لحضور جلسات المحاكمة لاكتساب الخبرة ، والمعرفة العدلية بأوجه التقاضي» يذكر أن «عكاظ» نشرت في الثالث من صفر الماضي تقريرا يشير إلى معاناة المرأة في محاكم الأحوال الشخصية، خصوصا في تباعد المواعيد، والتأخر في إنهاء قضاياهن، وبطء البت في الأحكام، الأمر الذي يمنح خصومهن فرصة كبيرة في إيقاع الأذى بهن.