أعرف متعلمين تعليما عاليا لجأوا إلى معالجين شعبيين يسكنون أكواخا في رؤوس الجبال بحثا عن علاج لأمراض مستعصية أصيبوا بها أو أصيب بها أحبابهم، فالمريض يتخلى في مرحلة اليأس عن الكثير من قناعاته العلمية بحثا عن قشة نجاة يتعلق بها ! ولهذا يلجأ الكثيرون إلى تقمص أدوار صناعة المعجزات في مساعدة الآخرين على تحقيق أمنياتهم المستحيلة، ومن هؤلاء الكثير من المشعوذين والمحتالين والرقاة والمعالجين الشعبيين، كما أننا قرأنا لمشاهير كالشيخ الزنداني زعمهم اختراع أدوية لعلاج أمراض مستعصية دون أن تخلق هذه الأدوية المزعومة ثورة فعلية في عالم الأدوية ! ومن هنا يجب أن تلعب وسائل الإعلام والنشر دورا حذرا في التعاطي مع أخبار اختراعات الأدوية وتطوير علاجات الأمراض المزمنة والمستعصية، أو الترويج لأصحاب القدرات المزعومة بإجراء الحوارات معهم، فهناك مرضى وأقارب لمرضى يتعايشون مع آلام أمراضهم ويتعلقون بأهداب الأمل في تقدم الطب ولا ينقصهم التلاعب بمشاعرهم أو وضعهم في مهب رياح الآمال الكاذبة والمتاجرين بها ! وفي عددها أمس نشرت «عكاظ» حوارا مع أستاذ جامعي أمريكي من أصل عربي للحديث عن أبحاثه في اختراع جهاز جديد يعالج الأورام السرطانية دون الحاجة للجراحة، ورغم أن المخترع أشار إلى أن لجهازه القدرة على علاج كافة الأورام السرطانية باستخدام الموجات فوق الصوتية المركزة إلا أنه عاد في إجابة أخرى ليصف طريقة عمل جهازه بأنها ليست فريدة من نوعها وأنه مازال بحاجة للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA ونظيرتها الأوروبية ! باختصار .. كان التوقيت المناسب لهذا الحوار أن يكون بعد ترخيص الجهاز وثبوت نجاحه، حتى لا نلقي المزيد من القش في بحار اليأس !