يبدو أن بعض دول الاتحاد الأوروبي بدأت تواجه لعنة (اليورو) العملة الأوروبية لمجموعة من دول أوروبا، سميت فيما بعد باتحاد دول اليورو أي الدول التي أوقفت التعامل بعملتها الأساسية واتفقت على إصدار عملة جديدة موحدة في جميع دول الاتحاد الأوروبي باستثناء بريطانياوسويسرا اللتين أصرتا على المحافظة على عملتهما الأساسية. إما بسبب الارتباط النفسي وعدم القدرة عن التخلي عن الانتماء لها نفسيا أو الإرث التاريخي لعملتها الوطنية كما هو مع الجنيه الإسترليني في بريطانيا، أو بسبب الاعتزاز برمز القوة والمتانة المتمثلة في عملتها الوطنية وعدم الثقة بثبات أي عملة أخرى بما فيها اليورو أمام عملتها الاساسية، وذلك كما هو الحال مع الفرنك السويسري في دولة سويسرا. ومع ظهور الأزمة المالية لليونان والبرتغال وأسبانيا في الطريق بدأت هذه الدول وعلى وجه الخصوص اليونان التفكير والتخطيط للخروج الآمن من اتحاد اليورو والتخلص من لعنة اليورو الصاعد والهابط والذي يعتقد بأنه هو السبب في زعزعة اقتصاد بلادهم والتفكير في الرجوع إلى العملة التقليدية القديمة والتي بني عليها الاستقرار والانتعاش الاقتصادي في الماضي. وقد يكون لهذه الدول عذر في البحث عن شماعة يضعون عليها الأسباب تبريرا لفشل سياساتهم الاقتصادية المنهارة. وقد يقبل هذا التوجه من الدول ذات الظروف الاقتصادية الصعبة ولا يقبل من دول اليورو القوية.. إلا أن مفاجأة غريبة وظاهرة غير معتادة فاجأت فيها سويسراوفرنسا دول اتحاد اليورو بالتوقيع على اتفاقية لإصدار عملة جديدة اسمها (ليمان) وهو اسم مشتق من اسم بحيرة ليمان التي تقع عليها مدينة جنيف مركز المنظمات الدولية وعاصمة السياحة السويسرية والمدن الأخرى نيون ولوزان ثاني أجمل مدينة ذات تاريخ عريق على الشاطئ السويسري للبحيرة وفيفي عاصمة شركة (نسله) ومقرها الرئيسي في العالم ومقر متحف الممثل الساخر شارلي شابلن حيث بيته على البحيرة في آخر حياته، ومونترو مدينة نهاية البحيرة السويسرية وإحدى أشهر المدن السياحية حيث تجمع جبال التزلج وساحل البحيرة. أما الشاطئ الآخر من البحيرة فيشمل بعضا من المدن الفرنسية ومنها إيفيان صاحبة التاريخ العريق في صناعة المياه الطبيعية (إيفيان) ومقر مفاوضات اتفاقية تحرير الجزائر. وتنون وإيفوار قلعة الصناعات اليدوية والزجاجية، ومدن أخرى صغيرة فرنسية. حيث اتفقت فرنساوسويسرا على إصدار عملة (ليمان) ليتم تداولها على جميع هذه المدن الفرنسية والسويسرية حول بحيرة ليمان والتي يبلغ عدد سكانها حوالى أكثر من مليون نسمة من السويسريين والفرنسيين وذلك لتسهيل وتوفير فرق صرف العملتين اليورو الفرنسي والفرنك السويسري وذلك ليساهم في دعم التبادل التجاري بين مدن البحيرة. وحسب تحليل أحد المسؤولين.. إن إصدار العملة الجديدة لن يلغي التعامل باليورو والفرنك وإنما هي عملة مساندة لتشجيع التبادل التجاري. ورغم أنني أحد المستفيدين من هذه العملة الجديدة لأنها ستوفر علي فرق تغيير العملة وأنا أحد المقيمين جزئيا على أطراف البحبرة. إلا أنني أشتم رائحة تذمر وعدم رضا بعض شعوب دول اليورو بعملتهم الجديدة اليورو ويشعرون أن اقتصادهم لم يعد يستوعب تذبذب اليورو أمام الدولار والعملات الأخرى. ويرى بعض الاقتصاديين الأوروبيين أن اليورو أصبح يمثل حملا ثقيلا على بعض الدول الأعضاء مثل اليونان والبرتغال. وفي المقابل ترى بعض دول اليورو القوية مثل ألمانيا بأن دول اليورو الفقيرة أصبحت عبئا على اتحاد اليورو، وقد ضاق الألمان ذرعا من القروض التي تمنحها ألمانيا من أموال دافعي الضرائب لليونان صاحبة الاقتصاد الهش والسياسات الاقتصادية الضعيفة. وهذا يدفعني للتوقع بأن اليورو سيواجه ضغوطا قوية للاستمرار في انخفاض قيمته ليتساوى مع الدولار أو أقل محاولة من بعض دول اليورو الصناعية لدفع التجارة الخارجية ومنافسة السلع المصدرة من أوروبا إلى بقية دول العالم للسلع المصدرة من الولاياتالمتحدة واليابان. وقد يكون في ذلك طريقا لزيادة حجم صادرات دول الاتحاد الأوروبي مما يساهم في تحسين اقتصادياتها وزيادة نسب النمو الاقتصادي وإن انخفاض قيمة اليورو سيساهم أيضا في ارتفاع أرقام ونسب السياحة العالمية إلى دول الاتحاد الأوروبي وهذا أيضا قد يدفع بنمو اقتصاديات بعض دول الاتحاد. وإذا أرادت دول الاتحاد الأوروبي حماية اليورو من الانهيار فعليها حماية اقتصاديات الدول الصغيرة في الاتحاد لأن خروجهم من اتحاد اليورو سيضعف من قوة اليورو وسيؤثر على اقتصاديات الدول الدائنة وأكبرها ألمانيا. وأجزم أن ألمانيا هي الضامن الأقوى في اتحاد اليورو إن لم يكن الوحيد لبقاء اليورو قويا، وأخشى من انهيار اليورو الذي سوف يضعف اقتصاد ألمانيا أو على الأقل يضعف نسب نمو اقتصادها. كما أخشى أن تنشأ عملات جديدة بين المدن الحدودية في دول الاتحاد الأوروبي لدعم التبادل التجاري بين هذه المدن مثل سويسرا وإيطاليا في مدينة (لوقانو) وسويسراوألمانيا في مدينة (زيورخ) والمدن المجاورة وغيرها من المدن الصغيرة المتجاورة في الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي. وهنا سيكون بداية انحلال الالتزام باليورو كعملة موحدة وستكون بداية الانهيار.. وهذا ما يدفعني إلى الاقتراح بضرورة تنويع سلة العملات في استثماراتنا الخارجية وإن كان الوقت مناسبا للاستثمار بدول الاتحاد الأوروبي نظرا لانخفاض سعر اليورو إلا أنني أطالب بأخذ الحرص ومتابعة ومراقبة اليورو في الخمس سنوات القادمة..