بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الفرنك السويسري23.1 فرنك في أول أيام التعامل في سوق الأوراق المالية في سويسرا بعد عطلة أعياد الميلاد واحتفالات رأس العام. ويمثل هذا السعر أدنى مستوى تصل إليه العملة الأمريكية في السوق السويسرية منذ 7 سنوات، لتعيد إلى الأذهان تلك الآثار السلبية التي ترتبت على ذلك، في الوقت الذي يعول فيه الكثير من المحللين الاقتصاديين والشركات على دفع عجلة الاقتصاد السويسري في هذه السنة للمساهمة، ولو بالقدر اليسير، في تراجع نسبة البطالة.ومن المؤكد بأن الصادرات السويسرية، لا سيما العقود الجديدة منها ستتأثر كثيرا بتراجع سعر صرف الدولار، خاصة وأن 30% من إجمالي المبيعات السويسرية إلى الخارج يتم بالعملة الأمريكية، فيما يتعامل قطاع اقتصادي هام مثل تجارة الساعات في 60% من حجم مبيعاته بالدولار. ويتوقع رودلف فالسر من رابطة أرباب العمل السويسرية في حديثه مع سويس انفو أن يتأثر قطاع السياحة وتصدير الآلات الثقيلة والساعات بارتفاع سعر صرف الفرنك، إلا أنه لا يرى مبررا للخوف من عدم تحقق الآمال المتعلقة بدفع عجلة الاقتصاد السويسري خلال عام 2004. وعلى العكس من قلق أصحاب الشركات، ترى البنوك الخاصة بأن قوة العملة السويسرية لن تتضرر بسبب إقبال أصحاب رؤوس الأموال دائما على شراء العملة القوية، خوفا من مزيد انهيار العملات الأخرى. قلق سويسري وارتياح امريكي وقد سجل أول انعكاسات انخفاض سعر صرف الدولار بشكل واضح في ارتفاع ملحوظ في ثمن الذهب، الذي سجل قفزة ملحوظة للمرة الأولى منذ 13 عاما، حيث بلغ سعر الأونصة الواحدة 420 دولارا. ويرى المحللون أن هذا الارتفاع لا يرتبط فقط بقوة الفرنك السويسري بل أيضا بالعملة الأوروبية الموحدة اليورو. وفي النهاية فهذا السعر المرتفع للذهب يعوض قيمة الدولار المفقودة، لذا فليس من المستغرب أن يرتفع الإقبال على اقتناء هذا المعدن الثمين، كنوع من تأمين الثروات من الضياع أو تراجع القيمة. ومن اللافت للنظر أن المؤسسات المالية الأمريكية الرسمية لا تبالي بضعف عملتها، بل تعطي الانطباع بأنها سعيدة بذلك. ويرى لورانتس بوكهالتر الخبير الاقتصادي لدى إحدى المؤسسات المالية السويسرية ان الولاياتالمتحدة تريد على ما يبدو تصحيح مسارها الاقتصادي على حساب الآخرين، وبصفة خاصة أوروبا، وذلك على الرغم من إعلان كبار المسئولين الأمريكيين عن تمسكهم بسياسة اقتصادية ثابتة، إلا أن ما يحدث على ارض الواقع هو العكس تماما، حسب رأيه. ويضيف الخبير الاقتصادي، أن ضعف الدولار مقابل العملات القوية الأخرى، سيساعد على تقوية الاقتصاد الأمريكي، سواء على الصعيد الداخلي أو لصالح الشركات الكبرى المتعاملة بالدولار. في الوقت نفسه يرى جان بيير روت رئيس المصرف الوطني السويسري بأن تراجع سعر صرف الدولار لا يؤثر فقط على الفرنك، بل على جميع العملات القوية الأخرى، مضيفا أن سويسرا لا يمكنها التأثير على أسعار الصرف. ويعني ذلك أن الطريقة الكلاسيكية في التغلب على هذا الموقف من خلال التحكم في احتياطي الدولار في الخزينة العمومية غير وارد على الإطلاق، ولا يتبقى أمام الخبراء إلا سلاح الفوائد، التي يمكن للبنك المركزي السويسري التحكم فيها بشكل فعال، إلا أن آثارها تظل محدودة. في الوقت نفسه لا يمكن للمصرف الوطني تحريك الفوائد إلا إذا كان ذلك في خدمة الاقتصاد الوطني، وهو ما يعني بقاءها في مستوى منخفض في الوقت الراهن، وإلى حين استقرار الحالة الاقتصادية في سويسرا، لأن رفع الفائدة سيعمل على زيادة قوة سعر صرف الفرنك السويسري، أي أن النتيجة ستكون على عكس المطلوب. ومع استمرار تخوف المحللين السويسريين من ارتفاع سعر صرف الفرنك، يتابع نظراؤهم الأوروبيون ارتفاع قيمة عملتهم الموحدة بمزيد من الارتياح والثقة حيث من المفترض أن يؤدي ذلك إلى دعم مزدوج بين الفرنك واليورو، لا سيما وان ثلثي المبادلات التجارية الخارجية السويسرية تتم مع دول تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة. وقد تؤدي هذه النتيجة إلى تعزيز التعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، بعدما ثبت أنها أكثر ثباتا، وتتحرك بنفس معدلات الفرنك تقريبا. وإذا كان السويسريون يتمنعون عن الاندماج داخل سلة العملة الأوروبية الموحدة، فقد يبحثون عن سبل الاحتماء بها من تقلبات الورقة الخضراء.