أبدى خبراء في مصرف سويسرا المركزي ارتياحاً الى أوضاع الفرنك السويسري التي تتحسن تدريجاً. فمنذ منتصف الشهر الماضي تحافظ العملة على ضعفها أمام اليورو، لا بل ابتعدت عن حاجز 1.20 فرنك لليورو لتستقر عند نحو 1.22 فرنك. وتبتعد سويسرا عن حرب العملات الدولية التي قد تُرضي دولة واحدة على حساب بلدان عدة، منها بعض الاقتصادات الناشئة. ويبدو أن مسألة تفادي حرب عملات، حيوية بالنسبة الى حكومة برن التي لا تريد الرهان إلا على الداخل وعلى الاستقرار المالي والاقتصادي. ورسا الفرنك أمام اليورو عند 1.20 فرنك خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، ما حض «المركزي» السويسري على ضخ أكثر من مئة بليون فرنك في الأسواق للدفاع عنه. وحاول المصرف المركزي الأوروبي إضعاف اليورو بهدف ربح الحرب ضد العملات الأخرى، بيد أن تحركات حاكم المركزي الأوروبي ماريو دراغي اصطدمت بدوامة المضاربات التي لم ترض بإضعاف اليورو إلا موقتاً. وبالنظر إلى السيولة المالية الهائلة التي يهيمن المضاربون عليها، يبدو واضحاً أن خطط دراغي لم تنجح في تحقيق أهدافها المنشودة، واستفادت سويسرا من هذا الوضع لتصحيح قيمة عملتها، التي يُتوقع أن تقفز إلى 1.26 فرنك لليورو اعتباراً من الربع الثاني من السنة. تضخم محدود وأكد خبراء أن التضخم المحدود في سويسرا، إضافة إلى تعاظم هذه الظاهرة في منطقة اليورو، سيكون السبب المباشر في إضعاف الفرنك أكثر أمام اليورو. ويبدو أن الأخطار السياسية في ايطاليا وألمانيا والنمسا، سيكون لها دور في عدم تراجع اليورو أمام الفرنك لوقت طويل. ولفت خبراء إلى أن ما حصل للفرنك أمام المارك الألماني عام 1978، حين ضخ «المركزي» السويسري بلايين الفرنكات في الأسواق بهدف لجم قوة المارك، ونجح في ذلك بمساعدة مجموعة من البارومترات السياسية والاقتصادية التي فرضت نفسها. ويبدو أن سويسرا تخوض مجدداً هذه التجربة، إنما في صورة مصغرة. ويعترف محللون بأن تكاليف الدفاع عن الفرنك أصبحت عالية لدى «المركزي» الذي يعمل على تجنيد فريق من المستشارين السويسريين والأوروبيين لوضع خطة عمل لمعالجة نقاط الضعف. ولكن الشفافية التي يتميز بها مقارنة بمصارف مركزية أخرى تعمل على مؤازرة كل جهوده الرامية إلى الدفاع عن اقتصاد البلد. ويُتوقع أن تصل قيمة الفرنك إلى 1.25 صعوداً إلى 1.30 فرنك لليورو حتى حزيران (يونيو) المقبل، ما سيساعد القطاع السياحي على استعادة مجده السابق، لا سيما لجهة استقطاب سياح أوروبيين.