أثرت الألعاب الشعبية الطيري والغميضة والسبع حجرات فعاليات (عيدنا كدا) في نسخته الثانية بالمنطقة التاريخية بجدة، وعادت مع رقصات فلكلورية قديمة - رغم اندثار بعضها - إلى الواجهة مجددا لتتسيد المشهد الترفيهي. وتشكل الألعاب الشعبية صورا بانورامية تختزل عددا من العادات والتقاليد المحلية في حقب زمنية مختلفة، فهي تنقل عناصر التراث الشعبي من خلال الصور النمطية الثقافية والحضارية، وتعكس الطبيعة والأجواء الاجتماعية التي أسهمت في انتقال العادات والتقاليد والمعارف بصورة طبيعية وتلقائية من جيل إلى آخر. وتعد الطيري والغميضة والسبع حجرات والبربر واللب كلها ألعاب شعبية تراثية مارسها بعضنا في صغره في الأحياء المختلفة للحجاز فأنعشت طفولتنا. ومن أبرز الألعاب المشهورة التي لا تزال تمارس لعبة الكيرم والدومينو التي تسمى محليا بالضومنة إضافة إلى لعبة الورق (البلوت). ومن الألعاب الشعبية التي اجتذبت الزوار لعبة المزمار وهي من أكثر الألعاب الشعبية التي يحتفي بها أهالي جدة في عيد الفطر. من جانب آخر، أدى الأطفال وهم يرتدون ملابسهم التقليدية بعض الفلكلورات الشعبية التي كان الأهالي يستأنسون بها خلال العيد، فعند مدخل مسار الفعاليات كان طابور طويل من الصغار على شكل قاطرة مرددين الأهزوجة العتيقة «توت توت أنا القطار السريع توت توت أمشي ولا أستريح». وامتلأت ساحة الألعاب الشعبية بالزوار الذين حضروا مع أطفالهم رغبة في تجربة الألعاب التي تعتمد في جلها على الحركة والانتقال بهم من مرحلة الحكاوي إلى النزول للميدان وممارستها كما كان السابقون يقضون جل أوقاتهم عليها. وأكدت اللجنة التنفيذية لمهرجان جدة التاريخية أن النسخة الثانية من (عيدنا كدا 2) ستشهد خارطة متنوعة من الألعاب ضمن الفعاليات ستسعد أهالي المحافظة والمصطافين القادمين لقضاء إجازة العيد فيها. وقال رئيس اللجنة عبدالله بن سعيد بن ضاوي «من الصعوبة بمكان في وقتنا الحالي أن تحقق الألعاب الشعبية التي كانت تملأ حواري وأزقة أحياء جدة سابقا تفوقا واستقطابا لجيل الآيباد والأجهزة الإلكترونية، إذ استطاعت التقنيات الحديثة وبكل سهولة أن تمحو الترفيه الشعبي ببساطته وعفويته من ذاكرة الآباء قبل الأبناء». من جانبه أبان رئيس اللجنة الإعلامية أحمد الحبسي أن الألعاب القديمة مثل: السقيطة، والكبت، والبربر، والليري، والعزيزة، وطاق طاق طقية، والطيش، أبهرت الأطفال خلال مشاركتهم (عيدنا كدا 2) بجدة التاريخية، مضيفا: وضعت إدارة المهرجان جدارية بطول 20 مترا وارتفاع مترين تنافس خلالها الأطفال على الرسم والتلوين ويضيف الزائر عبدالله بن سعيد من ينبع أن الألعاب التراثية رغم عفويتها وتلقائيتها كانت تساهم في النمو الجسدي لممارسيها فقد كانت تمارس في الغالب في الفضاءات الواسعة وفي الهواء الطلق بالأحياء الشعبية. وبين سمير الصبان أحد سكان حي البلد التاريخي بجدة سابقا وعاد إليها زائرا لمهرجان (عيدنا كدا 2) أهمية الحفاظ على هذا النوع من التراث والألعاب والشعبية. من جهة أخرى، أوضح أخصائي علم الاجتماع والباحث الاجتماعي حسن آل إبراهيم أن الألعاب التقليدية الشعبية القديمة لم تكن مجرد أنشطة جانبية لا قيمة لها وإنما كانت على العكس من ذلك بالنسبة للأطفال أفعالا جادة تساهم في تعلمهم وتنشئتهم الاجتماعية وتنمية قدراتهم العقلية واستعداداتهم الجسدية وإكسابهم العديد من المهارات الضرورية لمواجهة تحديات حياة مجتمع القرية أو الحي الذي ينتمون إليه.