في رمضان يحب الأهالي تصوير أطفالهم وهم يحملون قنديلا يفترض أنه على الطراز الإسلامي وإن كان مصنعا في الصين بدون أن يكون لمثل هذه الصورة أي معنى عميق فالقنديل الشرقي مثل شعار الشجرة المزينة في كريسماس الغربيين، لكن حمل القنديل له رمزية روحية عميقة في العالم ولهذا هي رمزية حاضرة في لوحات الفنانين الغربيين ذات الطابع الروحي، وهي وللمفارقة رمزية مستوحاة من تراث الشرق الروحي وقد يظهر فيها حامل القنديل المنير في وضح النهار تأكيدا للمعنى الرمزي للقنديل، فالقنديل هو رمز للوعي المستنير المكرس على المثاليات الربانية العليا، والاستنارة تحصل للإنسان عندما ينتقل من أن يكون مسيرا باللاواعي وما هو مسجل فيه من أنماط غرائزية آلية وانماط اعتادها الانسان وتكرر نفسها فيه بشكل تلقائي إلى أن يكون مختارا عبر وعيه المستيقظ المكرس على المثاليات العليا الروحية الجوهرية العميقة، وكل من لم يسلك طريق التكريس الواعي يبدوا بالنسبة لصاحب الوعي المكرس المستنير أنه نائم ومظلم كما قال تعالى (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها). وروي عن الإمام علي: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا أي استيقظوا»، فالقنديل رمز للوعي المستيقظ المستنير الذي يبحث صاحبه به عن إنسان مثله بالمعنى العميق الروحي للإنسانية أي الذي كرس ذاته على مثاليات الطبيعة الإنسانية الربانية العليا عبر تكريسه ليقظة ومثاليات وعيه العقلي والفكري والنفسي والأخلاقي والسلوكي والروحي، وكل من لم يسلك طريق التكريس الذاتي هذا يبقى مسيرا باللاوعي الفردي والجماعي ولهذا هو جزء من الغيبوبة الجماعية والظلمة العامة، و «النور» بالمعنى الروحي يختلف عن «الإضاءة»، فأكثر الأماكن بهرجة بالأضواء والألوان هي أكثرها ظلمة وكلحة كالنوادي الليلية «البارات» وما شابهها، ولهذا في اللوحات التي تحمل هذه الرمزية يكون حامل أو حاملة القنديل المنير في خلفية مضاءة بما يدل على أنها ظلمة إضاءة زائفة وليست «نورا» بالمعنى الروحي للنور، ولهذا التدين بدون سلوك طريق تكريس يقظة الوعي يؤدي لما نراه من ظواهر سلبية لدى بعض المتدينين كالتشدد والتطرف والبغضاء والعنف والإرهاب والتكفير والمتاجرة بالدين عبر إضفاء مسميات دينية على سلع مادية ومعنوية يتم فيها استغلال عاطفة الناس الدينية لأغراض دنيوية غير نزيهة..