من الظواهر الصادمة التي لاحظها علماء النفس أن بعض النساء حتى عندما تعلم مسبقا أن الرجل الذي تود الارتباط به مدمن أو متورط بالعنف الأسري تبقى مصرة على الارتباط به، وكان المحير هو وصف النساء لشعورهن بالارتياح العميق تجاه هذا الرجل السيئ الخطر الذي لا يمكن لأحد أن يشعر بالارتياح تجاهه أو الانجذاب إليه، وقد كشف علم النفس عن سبب هذه الظاهرة الغريبة؛ فغالب الناس مسيرون بالكامل باللاوعي والذي هو عبارة عن جهاز تسجيل وتكرار للأنماط المسجلة عليه المعتادة والمألوفة، ولهذا الفتاة التي نشأت في ظل والد مدمن أو عنيف يجعلها لاوعيها تشعر بالألفة تجاه رجل له ذات نمط شخصية وسلوك والدها السيئ، وهي تفسر هذه الألفة التي تكون تجاه ما هو مألوف ولو كان سيئا على أنها حب أو انشراح قلبي، وذات الأمر يحدث مع الرجال أيضا الذين كانت لهم أمهات سيئات فهم ينجذبون لامرأة لها ذات الشخصية السيئة التي كانت للأم، ولهذا الشعور بالانجذاب والانشراح يجب أن لا يكون وحده الحكم بالنسبة لاختيار الزوج وبخاصة لمن كان لديه نموذج سلبي في الوالدين، فالفيصل يجب أن يكون التوافق مع أخلاق وقيم وعقلية واهتمامات الآخر. والظاهرة الغريبة الاخرى التي رصدتها بعض الدراسات هي أن من يتعرضون للعنف الاسري في صغرهم تكون نسبة تعرضهم للحوادث والأذية في كبرهم أكبر من غيرهم ممن لم يتعرضوا للعنف الاسري في صغرهم، وهناك عدة تفسيرات لسبب هذا الأمر لكن كلها تصب في خانة أن من يفتقرون للوعي العقلي المستقل يسيرهم لاوعيهم لتكرار الانماط السلبية التي تعودوا عليها في صغرهم، فهناك تفسير يقول إن كثرة تقريع الطفل بأنه سيئ ويستحق العقوبة المؤذية يجعل لاوعيه في كبره يسيره للتعرض للأذية بحوادث أو بخيارات مؤذية مثل الارتباط بشخص عنيف كعقوبة للذات حتى على ما قد لا يكون سيئا بحق. ولذا على الانسان أن لا يعتمد في قراراته على شعوره فقط، وإن لاحظ أنه كلما قام بأمر معين أو تذكره وقع له حادث وتعرض لإصابة فعليه البحث في دلالات هذا الأمر وروابطه النفسية بالنسبة لماضيه، فاللاوعي لا ينسى شيئا بعكس الوعي، ولهذا قد يبقى الانسان يعاني من أمر لا يتذكر أصله، ولهذا يلجأ الاصحاء للطبيب النفسي الذي دوره هو نقل خبرات الانسان من اللاوعي إلى الوعي، ومتى دخلت للوعي يصبح للإنسان القدرة على التحكم بأثرها عليه وعلى خيارات حياته..