سلوك العنف من الظواهر التي رافقت الإنسان منذ وجوده على هذه الأرض وتشكيل النواة الأولى للمجتمع البشري ، فكان لهذه الظاهرة التي هي عبارة عن تحدٍ دائم لوجود الإنسان وهيكلية بناء حياته البدائية والاحتقان السياسي والتيارات السياسية المتطرفة وانسداد أفق الحوار ومسارات التغيير دور في العديد من ظواهر العنف.والعنف قد تحول بالفعل من ممارسة فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطرة وأن مواجهتها يحتاج إلى جهود هائلة من جانب الدولة والمجتمع.فما هي الدوافع وراء هذه الظاهرة؟ وهل هناك ثمة علاجات يمكنها التدخل لاستئصال هذا السلوك الانحرافي الذي بدأ يتفشى في كل المجتمعات دون استثناء؟ وفى إطار هذا الموضوع حول ظاهرة العنف فى العالم العربى ... هل تعني غياب التسامح وافتقاد الحوار؟ .كان لنا التحقيق التالى : مقابلة بالتهدئة فى البداية قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس جامعة الأزهرالأسبق: انه يجب ان يقابل العنف بالتهدئة وتبصر الامور والدعوة إلى الحوار والرجوع إلى الله تعالى وتعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حتى يتحقق الاستقرار لجميع ابناء الوطن كمايجب ان نعلم من يتعاطى العنف والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وقتل النفس بغير الحق وازهاقها أن ذلك كبيرة من الكبائر ولابد ان يتذكر ان الله سبحانه وتعالى قد اعد لمن يفعل ذلك خمس عقوبات حيث قال رب العزة سبحانه وتعالى في كتابه العزيز «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما» وقال في آية أخرى « ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا» وقال صلى الله عليه وسلم ( لايحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا باحدى ثلاث: النفس بالنفس,والثيب الزاني, والتارك لدينه المفارق للجماعة» ,ومع هذا فانه ليس من حق افراد المجتمع ان يقيموا الحدود والعقوبات على الآخرين لان ذلك من حق ولي الامر حتى لاتشيع الفوضى في المجتمع.وان الدعوات التي تصدر من هنا اوهناك باستخدام العنف لمواجهة العنف من قبل البعض في المجتمع ليست من الدين في شيء وسيأتي القدوم على ذلك الفعل بوابل من المخاطر والمشكلات على جميع افراد المجتمع وسيؤدي إلى مزيد من سفك الدماء.إذ ان مقابلة العنف بالعنف فيها خطر كبير على الجميع, وذلك لايصح لان الخطأ لايبرر الخطأ,وحتى لانشعل نار الفتنة.ويجب على كل العقلاء في مختلف التخصصات العلمية والاقتصادية والسياسية وعلماء النفس والاجتماع ان يجتمعوا,ليتدارسوا تلك المشكلات التي تهدد امن واستقرار جميع افراد المجتمع, وتعطل مسيرة التنمية التي نحن في اشد الحاجة إليها. مبينا نحن فى أمس الحاجة إلى ثقافة التسامح التى نشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مع الذين عادوه وآذوه مع الكفرة حتى قيل له يا رسول الله ادع علىهم فيقول اللهم اهدى قومى فهو لا يدعو علىهم بل يدعو لهم بالهداية اللهم اهدى قومى فهم لا يعلمون نريد أن نستدعى ثقافة التسامح التى أسس علىها خير أمة أخرجت للناس الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا العفو وقال رسول الله (فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين أجرهم على الله فلا يقوم إلا من عفا) نحن فى هذه المرحلة نحتاج أن نحب بعضنا بعضا وأن نتسامح مع بعضنا وأن نكون على قلب رجل الظلم الاجتماعى وأشار الدكتورأحمد عبد الدايم أستاذ مساعد تاريخ حديث ومعاصر بجامعة القاهرة :ظاهرة انتشار العنف فى العالم العربى ليس لها علاقة بطبيعة المنطقة ولا بثقافتها الاسلامية ولا حتى باقليتها غير الاسلامية.فظاهرة العنف هى ثقافة واردة عبر افلام الغرب التى تكرس لتلك الظاهرة فكثرة القنوات الخاصة بتلك الافلام التى تهتم بالاكشن أكثر مما تهتم بثقافة هؤلاء الناس وطبيعة مجتمعاتهم وتاريخها لعب دورا فى استشرائها ومع هذا فان الظلم الاجتماعى الذى يمارس على سكان المنطقة، يعد هو اصل البلاء الذى عم والعنف الذى طم ثقافة الشوارع والاحياء حتى الارياف بعدت كثيرا عن ثقافة التسامح التى كانت تسودها فى معظم فترات تاريخنا العربى.والعنف فى تاريخنا العربى مرتبط بالظلم الاجتماعى وغير مرتبط بثقافتنا الداعية للمحبة والألفة والتسامح، بخلاف الغرب الذى ترتبط ظاهرة العنف لديه بثقافته أكثر مما ترتبط بنظامه الاجتماعى.ربما يختلف شكل العنف فى الحضر عن الارياف وربما يختلف من منطقة لاخرى. ومن دولة عربية لدولة اخرى الا ان نظم الحكم السائدة لعبت دورا كبيرا فى خلقه وتزايده.فضلا عن ان غياب الوعى الدينى وانتشار الامية والجهل قد ساعد في تفشى الظاهرة وتفاقمها.واذا طبقنا الشعارات التى رفعتها ثورات الربيع العربى فى العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة ، لتخلصنا من مجمل الاسباب التى ساعدت فى انتشاره. الضوابط الأخلاقية وقالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة وعميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية الأسبق : الدين الإسلامى الحنيف قد جاء بمبادئ السلام والأمن ونهى عن كل مظهر من مظاهر العنف والإرهاب كما أشار القرآن الكريم لذلك بقوله:( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وكما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته أهل بيته عليه الصلاة والسلام في سيرتهم وتعاملهم الحسن وعفوهم حتى عن أعدائهم، فقد عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان وقال قولته الشهيرة:«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»، وعفا صلى الله عليه وسلم عن هند وعفا عمن كانوا يهجونه، وهكذا كان خلق أمير المؤمنين في معاركه مع خصومه مما يثبت بالدليل القاطع أن صفة العنف مما لا تنسجم مع المنهج الإسلامي الذي يرفض أسلوب القسوة .مشيرة ان القرآن لم يحث على ضرب المرأة الناشز باستخدام العصا او اى وسيلة اخرى لاهانتها ولا ترك فراشها، بل المقصود هو ان يدير الرجل ظهره لها دون هجرة فراش زوجته .وان الكثيرين يقفزوا الى مرحلة ضرب المرأة لتفسير ظاهر النص ببساطة دون التعميق موضحة ضرورة مراعاة الفروق الفردية عند تفسير النص الدينى فضلا عن النظر فى الضوابط الاخلاقية والنفسية. مشيرة اننا امام قضية (انتزاع النص من سياقه) موجهة اللوم الى رجال الدين الاسلامى والمسيحى على حد سواء نظراً لاستخدامهم الخاطئ والتباسهم فى تفسير الدين وارجعت ذلك الالتباس الى تأثرهم بالعرف والموروث الثقافى فرجل الدين ابن البيئة والمنطقة التى يحيا فيها على حد تعبيرها .مشيرة الى ان الأم هى التى تفرق فى المعاملة بين ولدها وابنتها منذ الصغر وتعطيه القوة والغلبة عن شقيقته الانثى. مبينة أن المرأة والرجل اصبحوا يعيشون فى مجتمع مفتوح ولابد من مواجهة هذا الاختلاف فى الثقافات والافكار دون صراع او اصطدام وان المجتمع لا يستطيع ان ينعزل عن الدين. الحقوق والحريات وأوضحت الدكتورة وفاء كمال كبير باحثين بالمجلس الأعلى للثقافة قائلة :ظاهرة العنف فى العالم العربى هى نتاج الرؤى الاحادية المغلقة فالممارسة الديموقراطية فى العالم العربى لاتزال مفرغة من محتواها فهى مجرد قناع براق يخفى خلفه توجهات ديكتاتورية مفزعة-- ولاشك أن هذا التناقض يأتى كنتيجة للنظام الابوى المتسلط الذى يدور حوله الفكر العربى--نحن نعيش الان اشرس موجات الغياب---نعيش زمن استلاب الروح وانتهاكات الجسد---ولعل مارصدته الشاشات العربية والعالمية مؤخرا يروى الكثير عن مفارقات العذاب---عن تناقضات الوعى --واختناقات الحياة وانفجارات النبض الباحث عن مسارات الضوء وامتلاك الذات والكيان -- ومن المؤكد ان غياب الديموقراطية والحقوق والحريات الانسانية قد صبغ الواقع السياسى والثقافى والاجتماعى برؤية عبثية لتصبح آلىات التسلط ومفاهيم القمع هى الاكثر حضورا فى وجودنا المحكوم باطار ثابت عجزنا عن تجاوزه----وفى هذا السياق نجد ان البنية الذهنية للعقلية العربية المحكومة بتصورات المجتمع الابوى الذكورى هى بنية تغلب علىها الدوجماتية والتعصب وحين تنتمى مثل هذه العقليةالى مذهب او تصور فان هذه المذاهب والتصورات تتحول الى منظور احادى جامد يمثل الحقيقة المطلقة ولذلك يحكم معتنق المنظور الاحادى على كل من هو مغاير له بالخروج عن الطريق السوى والكفر بالحقيقة المطلقة---هكذا ينتفى الجدل ويغيب الحوار وتتصاعد موجات العنف لتقهر وتضطهد الرؤى المغايرة ظاهرة انتشار العنف فى العالم العربى ليس لها علاقة بطبيعة المنطقة ولا بثقافتها الاسلامية ولا حتى باقليتها غير الاسلامية.فظاهرة العنف هى ثقافة واردة عبر افلام الغرب التى تكرس لتلك الظاهرة فكثرة القنوات الخاصة بتلك الافلام التى تهتم بالاكشن أكثر مما تهتم بثقافة هؤلاء الناس وطبيعة مجتمعاتهم وتاريخها.
مواطن عربى وأشار الدكتور رفعت عزوز أستاذ مشارك (أصول تربية ) بكلية التربية بالعريش جامعة قناة السويس قائلا : غياب القدوة الحسنة خلف لنا شبابا انقطعت صلته بالماضى الجميل احد أهم الأسباب لانتشار ظاهرة العنف .علاوة على ان الإحباط والمشاعر السلبية التي يشعر بها الإنسان تولد لديه إحساسا بالغضب، وهو إحساس عالمي لا نستطيع أن نتفاداه لأنه موجود بداخل كل إنسان، وبعد إحساس الغضب لو وجد الإنسان مسار ا كي ينفس عن نفسه من الممكن أن تمتص هذه الشحنة الغاضبة وتتعامل بعقلانية. ولو لم يمتص الإنسان هذا الغضب يتحول إلى عدوان، ومن الممكن أن يتحول هذا العدوان من خلال الاعتراض باللفظ أو القول ، وإذا اجتزنا هذه الحالة يتحول العدوان عند الإنسان إلى العنف، ومن العنف يصل إلى الانتقام وهي منظومة نفسية اجتماعية شهيرة . غياب القيم ساعد على انتشار العنف .مثلا فى مصر نظرية الاغتراب النفسي التي عاشها المواطن في حكم مبارك، أصبح النظام الحاكم الىوم يشعر المواطن بهذا الإحساس القديم، وهذا ما جعل الإنسان لم يعد متقبلا لهذا الأمر مرة أخرى، فبعدما ما (خرج من القمقم مش هيقدر يدخل تاني)، مهما كلف ذلك من عنف وعدوان وتضحيات وتقليد العنف هو تقليد المثل. نظرية موجودة في علم النفس كالطفل الذي يري والده يضرب شخصا معينا يتطور الأمر لديه فيقوم هو الأخر بضرب أخوته مثلما رأي والده يفعل ذلك .وعندما تغيب الرؤية يكثر العنف بكل انواعه ولاسيما اللفظى القولى ومنه يأتى الفعلى. ظاهرة إجتماعية ومن جانب آخر أكد الدكتور ممدوح محمد استشارى الطب النفسى قائلا : ظاهرة العنف أصبحت من الظواهر التي تثير قلق المواطن العربى.وأعمال العنف تعتبر متعددة الدوافع قد تسبب التوتر المفرط للشخص القائم بالاعتداء أو غضبه الشديد من سلوكيات صدرت عن الضحية نحوه. أو لاعتقاده بأن الضحية بمثابة عائق يحول دون بلوغه أهدافه أو نظرا لشعور المعتدي بالإحباط أو للرغبة في الانتقام من شخص ما. وقد تكون أعمال العنف مدفوعة بأسباب أخرى منها الدفاع عن النفس والممتلكات أو الآخرين وللعنف أسباب معروفة منها أسباب اقتصادية.مثل الفقر والبطالة وانخفاض مستوى المعيشة .فحالات الإحباط والىأس وفقدان الأمل وتفشي العشوائيات والزحام والضوضاء والاختناقات المرورية مع تدني الوعي تشكل أسبابا اجتماعية ونفسية للعنف.وانسداد أفق الحوار ومسارات التغيير دورا في العديد من ظواهر العنف. والعنف قد تحول بالفعل من ممارسة فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطرة وأن مواجهتها يحتاج إلى جهود هائلة من جانب الدولة والمجتمع. الطرف الثالث وعن أسباب ظاهرةالعنف فى مصر يقول الدكتور عوض سعد عيسى مدرس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر: إن لها ثلاثة أطراف : الأول هو العدو الخارجى الذى دائما مايخطط لإشاعةالفوضى والفرقة بين أبناء الوطن الواحد،حتى يظل الوطن فى حالة تمزق دائم وفى هذانجاح كبير لهم،وهذا ينطبق على الدولة الواحدة وعلى العالم العربى كله بل وعلى مستوى العالم الاسلامى ايضا. الطرف الثانى:أناس لهم أطماع فى داخل الأوطان لم يستطيعوا الوصول إلىها من خلال الانتخابات فلجأوا الى التحريض على العنف علانية وربطوا توقف العنف بوصولهم الى مبتغاهم. الطرف الثالث: وهوالذى وصل للحكم بالفعل ولكنه لم يستطع ان يتأقلم مع المعارضة بل مع الناس ولم يثبت أنه رئيس للجميع ،وبالطبع:فقد فشل فى احتواء المعارضة وتعمد عدم اشراكهم فى الحكم. الطرف الرابع:شباب فقدوا الأمل فى ايجادفرصةعمل تدرعلىه القليل من المال،فيستطيع بعدهاأن يوفر مسكنا ويتزوج مثل بقية الخلق وان كان هذا الوضع موروثا من الانظمةالسابقةموقف الاسلام من هذا قال تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا)،وقال(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)،ولقد شاور النبى-صلى الله عليه وسلم - من حوله فى كل مناحى الحياة طالما أنه لم يكن هناك نص،وأشرك أصحابه فى حكم الدولة ،وكان دائما ما يحتوى المعارضةوالتى بلغت قمتها أثناء توقيع صلح الحديبية. ولابد من التخلص من المتقاعسين فى خدمة الوطن والبحث عن كفاءات جديرة بقيادة هذه المرحلةالحرجة،وفتح أبواب أمل أمام الناس. لغة الحوار وقال أحمد الشناوى خريج كلية الدعوة وأصول الدين من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة :لا شك ان ظاهرة العنف في العالم العربي منتشرة ولا تحتاج إلى كثير ادله لاثباتها , والاهم هنا في رأيي هو ظاهرة العنف في نطاق التعاملات الاجتماعية فنشاهد العنف في الشارع والعنف في البيت والعنف بين زملاء الدراسة في المدارس وخصوصا المرحلة الثانوية , وكل نوع له اسبابه ودوافعة المختلفة ويطول الحديث عنها , ولكن نستطيع القول ان كل الانواع السابق ذكرها تشترك في عامل ودافع مشترك الا وهو افتقاد الحوار كوسيلة وكطريقة حياة في جميع الجوانب . فأكثر الناس يسهل علىها ضيق الصدر والسباب والتعنيف اكثر من محاولة فهم الطرف الاخر ومحاورته واستخراج حلول نافعة لكلا الطرفين , وربما كان هذا نتيجة الضغوط المجتمعية في شكلها الواسع كفقر ومرض وغياب امن , فأصبح الفرد مهيأ نفسيا لمواجهة هذه التحديات بنفسه فأصبح اكثر عنفا وغير متسامح , ولحل هذه الظاهرة اجمالا طريقان : اولهما وهو الاصعب هو وجود الدولة الفاعلة بأمنها وتوفيرها للخدمات فإن تم هذا . فلم يتبق الا ( التعليم ) في جميع صوره ونشر لغة الحوار وتوعية الفرد بإستخدامها كوسيلة لحل ازماته او مشكلاته الحياتية , واظهار العنف على انها وسيلة سيئة يستخدمها قليلو الحيلة في حل مشاكلهم لتترسخ في نفوس الافراد احتقارها وعدم اللجوء إلىها , وما أجمل نشر عبارات التسامح بين افراد المجتمع ومدح المسامح وقوة موقفه وشخصيته . لتخف هذه الظاهرة تدريجيا حتى تختفي. ظاهرة إجتماعية ومن جانب آخر أشارت مها مرعى مذيعة التليفزيون قائلة : ظاهرة العنف أصبحت من الظواهر التي تثير قلق المواطن العربى.وأعمال العنف تعتبر متعددة الدوافع قد تسبب التوتر المفرط للشخص القائم بالاعتداء أو غضبه الشديد من سلوكيات صدرت عن الضحية نحوه. أو لاعتقاده بأن الضحية بمثابة عائق يحول دون بلوغه أهدافه أو نظرا لشعور المعتدي بالإحباط أو للرغبة في الانتقام من شخص ما. وقد تكون أعمال العنف مدفوعة بأسباب أخرى منها الدفاع عن النفس والممتلكات أو الآخرين وللعنف أسباب معروفة منها أسباب اقتصادية.مثل الفقر والبطالة وانخفاض مستوى المعيشة .فحالات الإحباط والىأس وفقدان الأمل وتفشي العشوائيات والزحام والضوضاء والاختناقات المرورية مع تدني الوعي تشكل أسبابا اجتماعية ونفسية للعنف.وانسداد أفق الحوار ومسارات التغيير لها دور في العديد من ظواهر العنف. والعنف قد تحول بالفعل من ممارسة فردية إلى ظاهرة اجتماعية خطرة وأن مواجهتها يحتاج إلى جهود هائلة من جانب الدولة والمجتمع.
المملكة تواجه إشكالية الذكورة و«التراث» بالتشريعات والقوانين
الأمان الأسري من جانبه أكد الدكتور خالد الربيع الأكاديمي السعودي، أن الحديث عن جهود المملكة في تعزيز حقوق الطفل والمرأة ونبذ العنف الأسري، يتطلب أن نعرج قليلا عند المعنى المقصود بمفهود العنف الأسري، والذي يشير في دلالته إلى كل عنف يقع في إطار العائلة من قبل أحد أفراد العائلة بما له من سلطة أو ولاية بالمجني عليه وأن هذا يختلف بدوره من مجتمع لآخر , ولكنه في النهاية هو اعتداء على شخص الإنسان إما في جسمه أو نفسيته أو سلب حريته , ويعد أحد أنماط السلوك العدواني، وينتهي إلى ترك آثار سيئة على الإنسان من الناحية النفسية أو الجسدية أو العقلية أو الجنسية كالاعتداء الجنسي أو التحرش أو الإيذاء البدني أو المعنوي أو الإهمال أو الحرمان المتعمد أو الإساءة اللفظية وقد يصل إلى حد القتل . وبالنظر إلى هذه الأشكال من العنف الأسري فإن حكومة خادم الحرمين الشريفين حريصة على إقرار مبادئ حقوق المرأة والطفل، انطلاقا من مبادئها الراسخة في تعزيز حقوق الأسرة وفقا للمنهج الرباني، والتزاما بالتعاليم الإسلامية السامية والمبادئ العربية الأصيلة، وفي سبيل هذا فإنها تتحمل مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة العنف الأسري والحث على نشر ثقافة السلام ونبذ العنف كمؤشر على الرقي الفكري وحضارة التعامل، وهذا هو النهج الذي يدعو إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله- وتبنيه نشر ثقافة التسامح وتقبّل الرأي الآخر ونبذ العنف واتخاذ الحوار وسيلة للتعبير وألا يكون الاختلاف في وجهات النظر سببا لإفساد الأجواء. وقال الربيع: إن اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بالمرأة والطفل لم يقف عند حد القول بل تمت ترجمة ذلك على أرض الواقع، من خلال انضمام المملكة لاتفاق حقوق الطفل عام 1996، إلى اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000 ، ووفقا لهذه الالتزامات الدولية أخذت المملكة على عاتقها تكثيف جهود القطاعات المعنية لتطبيق ما يحقق تدعيم أواصر الأسرة، وتعزيز توازن العلاقات بين أفرادها وضبطها. تشريعات وقوانين وأضاف، إن المملكة تؤمن إيمانا كبيرا بالدور الذي يحققه الأمان الأسري في داخل الأسرة لكونها تمثل نواة المجتمع الكبير، ومن هنا جاء صدور الأمر الملكي رقم 11471م في 15 نوفمبر 2005بإنشاء (برنامج الأمان الأسري الوطني) كبرنامج لحماية الاسرة من العنف، موضحا أنه سمح بتسليط الضوء على ظاهرة العنف الأسري ، وساهم كثيرا في تقديم برامج الوقاية والمساندة ونشر الوعي، فضلا عن المساهمة في بناء شراكات مهنية مع المتخصصين والمؤسسات الحكومية والأهلية والمنظمات الدولية لتوفير بيئة أسرية آمنة في المملكة، فضلا عن المساهمة بفعالية مع الجهات القائمة حاليا من القطاعات المختلفة في القضاء على ظاهرة العنف الأسري والتصدي لها من خلال وقفة جادة ومدروسة ووضع خطط إستراتيجية بعيدة المدى لاحتواء هذه الظاهرة ووأدها في مهدها، وكذلك فمما يحسب لهذا البرنامج أنه عمل على تفعيل البحث العلمي الطبي والاجتماعي وكذلك تدريب المختصين العاملين والمهتمين في مجال العنف الأسري عن طريق توفير الخبرات والموارد اللازمة لهم دور التوعية والإعلام في مكافحة هذه الظاهرة والوقاية منها. اضاف الدكتور الربيع إن جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين مازالت تتواصل في توفير الحماية القانونية ضد العنف الأسري ، وهناك قانون جديد يحد من العنف ضد المرأة والطفل، فضلا عن إنشاء محكمة الأسرة بجانب المحاكم الأخرى التي سيكون دورها الرئيسي الاهتمام بالعديد من القضايا و منها قضية العنف الأسري. إن جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين مازالت تتواصل في توفير الحماية القانونية ضد العنف الأسري ، وهناك قانون جديد يحد من العنف ضد المرأة والطفل، فضلا عن إنشاء محكمة الأسرة بجانب المحاكم الأخرى التي سيكون دورها الرئيسي الاهتمام بالعديد من القضايا و منها قضية العنف الأسري. إيجابيات متعددة وعن الايجابيات التى تحققت فى مجال الحد من العنف الاسري قال إن الموضوع بدأ يأخذ فرصة من الحوار والطرح (اي كسر حاجز الصمت) خاصة العنف الجسدى والتحرش الجنسي اضافة الى مساهمة الاعلام فى الطرح وإلقاء الضوء على التقصير ساهم فى لفت نظر المسؤولين وتأسيس لجان وجمعيات لمناهضة العنف الاسري والبدء فى تأسيس عدد من دور الحماية يساهم فى تشجيع طلب المساعدة مع وجود ارادة سياسية جادة بعد التوجيه من المقام السامى بنظام لحماية الايذاء، وأنه فى الفترة الاخيرة تم التركيز على هذه القضية بعقد العديد من المؤتمرات وورش العمل مع جهات حكومية واهلية ومجتمع مدنى او حتى منظمات دولية تهتم بمكافحة العنف الاسري سواء ضد الطفل او المرأة وقد اوصت النتائج الى ضرورة تفعيل القوانين والانظمة والاتفاقيات للحد من هذه الظاهرة، كما أن أغلب النتائج كانت ترتكز على تعميم تدريس مادة تعنى بحقوق الإنسان وحقوق الطفل في المدارس، وتطالب بضرورة إنشاء مراكز معلومات وأبحاث في كل منطقة لرصد مختلف الظواهر الاجتماعية والسلبية وأسبابها، لوضع الحلول المناسبة وأهمية تأهيل الشباب قبل الزواج في دورات تدريبية تركز على مفهوم أن الزواج مسؤولية ( رحمة، ومودة)، تفعيل المجالس العليا التي أمر بها المقام السامي، كالمجلس الأعلى للمرأة، والمجلس الأعلى للطفولة،تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشى للاسرة بعدما اتضح ان الفقر وتدنى مستوى التعليم يساعد على تفشي ظاهرة العنف. طفولة آمنة من جانبها ثمنت الدكتورة ملحة عبدالله الناقدة والكاتبة السعودية الجهود التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وكذا مؤسسات المجتمع المدني، من أجل التصدي لظاهرة العنف بصفة عامة وضد المرأة والطفل بصفة خاصة. وقالت الدكتورة ملحة إن المملكة تخطو خطوات كبيرة على طريق تعزيز هذه الحقوق الأسرية وأن تبني ورعاية خادم الحرمين الشريفين المؤتمر الدولي الأول عن الطفولة المبكرة الذي عقد بالمملكة تحت عنوان (طفولة آمنة.. مستقبل واعد) ، قد ساهم كثيرا في تشجيع الإبلاغ عن أي حالة من العنف ضد الاطفال ، وأن نظام حماية الطفل الي سبق وتم إعداده من الجهات المعنية، ثم ناقشه مجلس الشورى هو دليل قوي على الاهتمام الذي تحظى به هذه القضية في المملكة. وأوضحت الدكتورة ملحة أن الإشكالية التي قد تواجه واضعي الإستراتيجيات والسياسات العامة في المملكة بشأن هذه القضية ربما تتمثل في نقص المعلومات وعدم وجود البيانات والإحصائيات الكافية التي تمكن من وضع خطط واستراتيجيات وبرامج تسد النقص في الرعاية، وتحقق إنجازات تدعم الطفولة، مشيرة إلى أن هذه المشكلة ليست قاصرة على المملكة فحسب، بل هي تكاد تكون سمة في العالم العربي، فحتى الآن لا توجد أية إحصائيات حول عدد مستخدمي الإنترنت من الأطفال وعدد المتضررين منه، لافتة إلى أن من أهم مسؤوليات الأسرة الحوار مع الأطفال حول مواقع الانترنت وتوعيتهم بإيجابياته وسلبياته. وأشارت الدكتورة ملحة إلى أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تبذل قصارى جهدها لتحسين أوضاع الطفولة من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وإن كان التقييم ربما قد يصعب في ظل عدم وجود إحصاءات للخدمات المقدمة، ودراسات لتقويم فعالية تلك الخدمات، وبيان أهمية معالجة الثغرات في الخدمات الموجهة، وتطبيق برامج التطوير على أرض الواقع. وأضافت إنه من الضروري أن تكون هناك عناية كبيرة بالأطفال حيث انهم يشكلون شريحة كبيرة ومهمة في الهرم السكاني للدول العربية، موضحة أن مرحلة الطفولة خاصة المبكرة منها هي في مرحلة التأسيس في تكوين شخصية الطفل من نواحيها المختلفة الجسدية والوجدانية والاجتماعية والذهنية وما تتطلبه من جهود على مختلف الأصعدة ومستويات المسؤولين للنهوض بها. استراتيجية عربية للأسرة من جانبها أكدت الوزير مفوض منى كامل مدير إدارة الأسرة والطفولة بالأمانة العامة للجامعة العربية، أن لجنة الأسرة والطفولة في الجامعة العربية تولي اهتماما كبيرا لقضية العنف الأسري، موضحة أن اللجنة العربية للأسرة والطفولة بالجامعة تنبثق منها لجنتان فنيتان هما: لجنة الطفولة العربية، ولجنة الأسرة العربية، وأن كل لجنة تعقد اجتماعاتها مرة كل عام بمشاركة خبراء ومهتمين بالطفولة في الدول العربية بهدف وضع برامج ومشاريع وأنشطة تقام خلال العام بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني. قالت منى كامل إنه سبق وقد تم إعداد تقرير عربي عن الطفولة من واقع الخطة العربية للطفولة، يهتم بآليات حماية الأطفال من العنف في الدول العربية، كما يتم التنسيق بشكل دائم مع اليونسيف حول البروتوكولين الملحقين باتفاقية الطفل الأممية للخبراء والمهتمين بالطفولة في الدول العربية، فضلا عن إقامة دورات تدريبية للمسؤولين عن كتابة تقارير الدول العربية عن أحوال حقوق الطفل، أضف إلى ذلك ما تقوم به إدارة الأسرة والطفل في الأمانة العامة للجامعة العربية من تنظيم المسابقات للأطفال في مجال كتابة الشعر والقصة باللغة العربية. وأوضحت أن جهود الإدارة لم تتوقف وكذلك ورش العمل والتي كانت واحدة منها تلك الورشة التي سبق واستضافتها مدينة جدة بالمملكة وناقشت استراتيجية الإعلام العربي الموجه ، موضحة أن هذه كانت تهدف إلى وضع أسس استراتيجية للإعلام العربي الموجه للطفل وقد تم عرضها على وزراء الإعلام العرب، من أجل إقرار مرجعيات عربية ودولية، مشيرة إلى الدعم الذي يقدمه برنامج الخليج العربي للتنمية (اجفند) من أجل إعداد دراسة حول واقع الأداء الإعلامي العربي في مجال حقوق الطفل، التي تهدف في الأساس إلى تقييم تناول الإعلام العربي لقضايا حقوق الطفل من خلال تحليل عينة من المضامين المقدمة للجمهور العام، واستطلاع رأي الأطفال العرب فيما يقدم لهم في وسائل الإعلام إلى جانب تقييم البيئة المهنية التي يعمل في إطارها القائم بالاتصال في مجال إعلام الطفل، لافتة إلى أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها بعد ثورات الربيع العربي تقييما لواقع الإعلام العربي في مجال حقوق الطفل خاصة مع ما تشهده المنطقة من تداعيات سياسية متلاحقة وإدراكا لأهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام واستجابة لتوصيات ومقررات لجنة الطفولة العربية في اجتماعاتها الأخيرة في بيروت في دورتها ال (16) عام 2010 وفي الدوحة في دورتها ال (17) للعام 2011 حيث نصت على إدراج (إعلام الطفل) كبند دائم على جدول أعمال لجنة الطفولة العربية.
الشارع العربي: غياب مناخ الحوار وتبادل الآراء نشر العنف الأسري بقوة
ارتبط العنف الأسري بالكثير من الدول العربية، وأصبح مشكلة تؤرّق جبينها بإعتباره وباءً أفرزته الظروف والمتغيرات الحادة ربما لوصف البعض لمجتمعاتنا ب"الذكورية" ووجود مؤشرات خطيرة تشير إلى إرتفاع حاد في مستوى العنف ضد المرأة والذي يحتل النسبة الأكبر في هذا النوع من العنف..(اليوم) استطلع آراء المواطنين فى الدول العربية..وإليكم الإستطلاع: التسلط والاستبداد في البداية، أوضح محمد أكينو من المغرب، أن العنف الأسري ينتشر في المغرب بنسب كبيرة قائلاً: "أعتقد أن العنف في المجتمع عموما سببه غياب مناخٍ للحوار وتبادل الآراء وامكانية فهم المشاكل الاجتماعية ،ويتم حسمها بسرعة بالعنف والمعالجة المتسلطة". ظاهرة متسربة من جانبها، قالت رشا محمد، مُدرِّسة مصرية، إن العنف الأسري ظاهرة متسرِّبة داخل المجتمع المصري وتؤدي إلى تفكك الأطفال عن أهلهم وتخلّيهم عن العقائد والتقاليد، بالإضافة إلى محاولة هروب الأطفال إلى مكان يشعرون فيه بحريتهم ممّا يؤدي إلى فشلهم وتوجّههم نحو الإنحراف. وأشارت رشا، أن الأجيال القديمة ذوو العقلية المرتبطة بالعادات والتقاليد الرشيدة لا تتماشى مع الأجيال الجديدة ،لذلك تنبع ظاهرة العنف الأسري بشدة فى الآونة الآخيرة. أن العنف الأسري ينتشر في المغرب بنسب كبيرة كباقي الدول العربية والدول التي تعيش أنظمة اجتماعية وسياسية مبنية على التسلط والاستبداد، قائلاً: "أعتقد أن العنف في المجتمع عموما سببه غياب مناخٍ للحوار وتبادل الآراء وامكانية فهم المشاكل الاجتماعية ،ويتم حسمها بسرعة بالعنف والمعالجة المتسلطة". مشكلة عائلية وفي ذات السياق، أبدى محمود شرف، مهندس إذاعي مصري، مخاوفه من تزايد حالات العنف الأسري في مصر، مضيفاً :إنه من الصعب تحديد المشكلة في مصر لأنها ذات كثافة سكانية تتجاوز ال85 مليون نسمة، وهناك العديد من الحالات لا توثّق أو يتم الإبلاغ عنها، لأن التقاليد الأسرية في بعض الأماكن النائية تُحرِّم أن تخرج أسرار البيت خارجه، وبالتالي فهناك الكثير من العنف الذي يمارس ضد المرأة و الأطفال من جانب الرجل ولا نستطيع التوصّل إليه.وأشار محمود إلى أن بلاده بحاجة إلى تطبيق القوانين المدرجة أدراج الرياح، قائلا:ً "كثيراً ما سمعنا عن حالات اغتصاب وعنف أسري يمارَس داخل الأُسر ،ولكن القانون ربما يغيب أو قد ينتهى الحل أن يتزوج الرجل المرأة التي اغتصبها" وهذا يعتبر إجراما. بحد وصفه. مضيفاً: القانون يجب أن يُطبَّق بحزم حتى تستطيع مصر التخلص من العنف الأسري السائد. برامج مطلوبة ومن ناحيتها، قالت سيرين بن يحيى، طالبة الهندسة التونسية: إن بلادها بحاجة إلى وضع برامج خاصة لرصد ومعالجة حالات العنف الأسري، قائلة: "رغم أن المرأة في تونس معروفٌ عنها حريَّتها وإنطلاقها ،إلا إنه في الآونة الأخيرة ظهرت انتهاكات بحقِّها" وأضافت: إن هناك من يسعى لتكبيل رأيها أو إلزامها بآراء إجباريةٍ أو ضربها لتنفيذ مساعيه. وأشارت سيرين، أنه يجب زيادة الوعي لدى من يتعرض للعنف الأسري أن يتجه لمراكز الشرطة للإبلاغ عنها بدلاً من المخاوف والإتجاه إلى العائلة فقط، وأوضحت سيرين، إن العنف الأسري منتشرٌ وبحاجة إلى خطط واضحة المعالم للقضاء عليه بدلاً من إزدياده إلى حدِّ الخطورة. تحرك سريع ومن جانبه، أكّد أحمد مفتاح، طالب الإعلام الليبي، إن ظاهرة العنف الأسري مرتبطة بالمجتمعات العربية منذ القِدم، وفي الغالب داخل الأسرة يقوم الرجل بممارسة الديكتاتورية وفرض آرائه عُنوة على أسرته ويكون الضحية المرأة والأطفال، الذين ربما يتعرضون للعنف والضرب وإهانةٍ بالغة، وأوضح أحمد، إننا بحاجة إلى مقاومة العنف بتحرك سريع من كافة أطراف المجتمع مع وجود جديَّة من جانب الدولة لوقف نمو العنف وإصلاحه بمعالجةٍ ووعيٍ وتعليم.
ماذا عن الجريمة الغائبة وراء الجدران؟
ارجع علماء دين أسباب انتشار العنف بانواعه المختلفة داخل المحيط الاسرى إلى تراجع القيم الدينية ، والفهم الخاطئ لمعنى القوامة عند بعض الرجال ، والتأثر بالنمط الحضاري الغربي المعاصر. «اليوم» طرحت هذا التساؤل على مائدة عدد من علماء الاسلام والمتخصصين فى المشكلات الاجتماعية: لماذا تراجع دور علماء الدين فى مواجهة العنف اللفظى والسلوكى، ولماذا ازدادت القسوة والعنف فى المحيط الاسرى؟ بداية يقول الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الاسبق بالازهر: إن دور العلماء لم يتراجع فى بيان حقائق الاسلام فيما يختص بالدعوة الى استقرار الاسرة باعتبارها النواة الاولى لتكوين المجتمع الصالح، فالشريعة الغراء أمرت الزوج بحسن معاملة الزوجة ، وهذا ما نبينه للناس فى كل وقت وحين ونعمل على رفع الوعي الديني لدى الأفراد للعودة إلى المنهل الصافي، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أزواجه، واقتداء الزوجات بهدي المصطفى في تعاملهن مع أزواجهن، وان ما ينقصنا حقيقة هو العودة إلى تعاليم الإسلام في كل مناحي الحياة الخاصة والعامة، ويلزمنا أن نربي أبناءَنا منذ الصغر على أدبيات الحياة الزوجية المثلى، وأن نضرب لهم القدوة بأنفسنا أولا. دور المكون الثقافى أما الدكتور ابراهيم نجم استاذ الدراسات الاسلامية ومستشار مفتى الديار المصرية فيرى أن دور العلماء لم يتراجع فى مواجهة مشكلة العنف الاسرى، لكن المشكلة تكمن فى انه لا أحد يسمع لهؤلاء العلماء، وذلك لان المكون الثقافى ونمط التربية لكثير ممن يمارسون العنف الاسرى من الرجال لم يتأثر بقيم وتعاليم الاسلام بل اغلبهم كانوا متأثرين بالنمط الحضاري الغربي المعاصر الذى يقوم على المادية. وعن رؤيته لمواجهة مشكلة العنف الاسرى يقول: لقد جاء الإسلام بمنهج حكيم للحفاظ على استمرار الحياة الزوجية قوية وراسخة، لان الإسلام ينظر إلى العلاقة بين الزوجين باعتبارها النواة الأولى التي تنبثق عنها سائر العلاقات البشرية في المجتمع الانسانى، ويرى أنها الأصل الأهم بين أصول الحياة الاجتماعية، ووضع لها من المناهج التنظيمية ما يضمن لها قسطا وفيرا من السعادة والهناء. وبالتالى فلابد أن تعمل الدولة على إدخال مفهوم الأسرة في مناهج التعليم في المراحل المختلفة، كلٌّ حسب مرحلته العمرية، ويشتمل هذا المنهج بوصفه صيغةً مقترحةً على تعريف الأسرة وقيمتها، ومكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الشرعي للعلاقة بين الرجل والمرأة في الأسرة، وحقوق وواجبات كل فرد في الأسرة: الزوج نحو زوجته، والزوجة نحو زوجها، والأب والأم نحو الأولاد، والأولاد نحو الأبوين والأجداد.. مستقاة جميعها من الشريعة الإسلامية الحنيفة. ن دور العلماء لم يتراجع فى بيان حقائق الاسلام فيما يختص بالدعوة الى استقرار الاسرة باعتبارها النواة الاولى لتكوين المجتمع الصالح، فالشريعة الغراء أمرت الزوج بحسن معاملة الزوجة ، وهذا ما نبينه للناس فى كل وقت وحين ونعمل على رفع الوعي الديني لدى الأفراد للعودة إلى المنهل الصافي أسباب ولكن أما الدكتور نبيل السمالوطى أستاذ علم الاجتماع والعميد السابق لكلية الدراسات الاسلامية للبنين بجامعة الازهر، فيرى أن العنف الأسري أو الإساءة الأسرية, أو الإساءة الزوجية ,أو الضرب, أو عنف الشريك الحميم كل هذا يعد شكلا من أشكال التصرفات المسيئة الصادرة من قبل أحد أو كلا الشريكين في العلاقة الزوجية أو الاسرية. ويعرف العنف الأسري بعدد من الأشكال منها الاعتداء الجسدي (كالضرب، والركل, والعض, الصفع. والرمي بالأشياء وغيرها) أو التهديد النفسي كالاعتداء الجنسي أو الاعتداء العاطفي, السيطرة أو الاستبداد أو التخويف, أو الملاحقة والمطاردة أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال, أو الحرمان الاقتصادي. ويتابع الدكتور السمالوطى قائلا: ان للعنف اسبابا كثيرة منها ما هو اقتصادى وما هو اجتماعى وما هو ثقافى وما هو نفسى، لافتا الى ان من أهم وسائل مواجهة العنف الاسرى نشر القيم الدينية ورفع الوعى لدى الشباب المقبل على الزواج وخاصة فيما يتعلق بالحقوق المتبادلة بين الزوجين ، بالاضافة الى التأكيد على حسن اختيار الطرفين على أساس الدين والأخلاق ومراعاة التكافؤ الاجتماعي، مع الرضا التام في الاختيار تبعًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن». برامج للتأهيل أما الشيخ محمد حمودة موجه عام القرآن الكريم وعلومه بالازهر فيرى أن علماء الدين لم تقع عليهم مسئولية التقصير فى تبصير المجتمع باسباب ونتائج مشكلة العنف الاسرى، فهم يقومون بدورهم على أكمل وجه لكن بعد الناس عن تعاليم دينهم أوقعهم فى هذه المشكلة بالاضافة الى الاسباب التى هيأت لبعض الازواج المناخ لممارسة العنف بجميع انواعه مع نسائهم ، وان من ضمن هذه الاسباب تدنى المستوى الاقتصادى والثقافى لهؤلاء وبالتالى فان الحل يكمن فى تبني خطط وبرامج لمواجهة ظاهرة العنف الاسرى التى بدأت تزداد فى السنوات الاخيرة، فلابد من إنشاء مؤسسات ومشاريع وبرامج لتأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج وإعادة تأهيل وتوعية الأسر، مع مساعدة الشباب على الزواج، بتوفير المسكن المناسب، والمساعدة المادية له، والقضاء على البطالة، كما انه يجب على أجهزة الإعلام تقديم برامج تهدف إلى نشر حسن المعاشرة بين الزوجين، وأن تسود المودة والرحمة والترفق بالمرأة ورعايتها وإكرامها. قصور ذهني من جانبها تقول كاميليا حلمي مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة: ان العنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف، ودليل من دلائل النفس غير المطمئنة، وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة، ويعد مؤشرًا لضعف الشخصية ونقصان رباطة الجأش وتوازن السلوك، وأيًّا ما تكون العلة الفيزيولوجية أو البيئية فالعنف مرفوض حضاريًا وأخلاقيًّا وسلوكيًا واجتماعيًا. وتضيف: ان للعنف أسبابا عديدة، منها: ان لتربية الأسرة وسلوكية الأبوين أثرا بالغا على تحديد الشخصية العنيفة العدوانية، والقهر الاجتماعي من أهم مكونات العنف، ليس للفرد فحسب بل في المجتمع أيضا، فمن عدم المساواة الشخصية والنبذ الاجتماعي وانعدام العدالة في بعض المواقف الإدارية والتربوية والقانونية كلها عناصر مولدة للعنف والعدوان، هذا بالاضافة الى سلبية تأثير وسائل الإعلام كافة، واعتبارها أحد أهم وسائل انتشار العنف المكتسب لدى الأطفال والمراهقين، كما ان التأثر بالنمط الحضاري الغربي المعاصر، والذي من أهم سماته تغيير ولاء الأفراد تجاه بعضهم الآخر، له دور كبير فى انتشار العنف الاسرى ، فضلا عن انتشار الأمية والبطالة وصعوبة الحصول على المسكن الملائم. فهم خاطئ للقوامة وتضيف ان من اهم أسباب انتشار العنف خلف الجدران ، الفهم الخاطئ لمعنى القوامة في الإسلام عند بعض الرجال ، وباعتبار أن الأسرة خلية من أخطر خلايا المجتمع، لا بد أن يكون فيها أمير، وإلا سادت الفوضى وغاب النظام، وليس معنى تنصيب الأمير أنه خير أفراد هذه الأسرة، أو خير هذا الركب المسافر، وإنما هو عمل تنظيمي مجرد، لا بد منه لكي تبتعدالأسرة عن عوامل الفساد المتسربة إليها، وتشيع بين أفرادها الأخلاق الإنسانية السامية، فلا بد من أن تستظل بظل النظام الذي يبعدها عن الفوضى، ومن هنا كانت القوامة في الأسرة، والقوامة كما هو معروف في شريعتنا الإسلامية الغراء عبارة عن إدارة المنزل، وليس عبارة عن مظهر لفوقية يتمتع بها صاحب هذه القوامة. غياب الإدراك وأكدت ان غياب إدراك الرؤية الإسلامية للقوامة ادى إلى التباس فى المفاهيم الصحيحة وتحكم بعض الرجال واستبدادهم فى معاملة زوجاتهم ، فى حين أن المعنى الصحيح للقوامة يفرض على المرأة شيئا ويفرض على الرجل أشياء، ومما تفرضه القوامة على الرجل:اولا: التشاور والتراضي كقيم أساسية تحكم العلاقات بين الزوجين، فلا بد من ممارسة مفهوم القوامة على أساس من الرضا بين الطرفين، فتوزيع المسئوليات بين الزوجين أمر ضروريٌ لتستقيم حياة الأسرة وتنتظم شئونها من ناحية، وللحفاظ على مشاعر المودة والرحمة من ناحية أخرى، لقول النبى صلى الله عليه وسلم-: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» وقول الله تعالى: «الرجال قوامون على النساء...» فالحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولا بد لكل اجتماع من مدير، لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم ورغباتهم في بعض الأمور، ولا تقوم مصلحتهم إلا إذا كان لهم مدير يُرجع إلى رأيه في الخلاف لئلا يعمل كل ضد الآخر، فتنفصم عروة الوحدة ويختل النظام، فالقوامة هنا ليست استبدادية، بل هي شورية، لأن الشورى خلق للمسلم في كل شئونه، ومن هنا نرى أن القوامة حق للمرأة على الرجل فقوامة الرجل هي قيامٌ على شئون زوجته وأسرته بالدعم المادي والمعنوي.