(مكةالمكرمة) شارك من خلال تويتر فيسبوك جوجل بلس اكتب رأيك حفظ تُعرف الشعوب وتقاس ثقافتها بما تحتويه من آثار تحكي عن حضارتها وتاريخها الضارب في الجذور والآثار في نظر أصحاب الشأن بمثابة كتاب تاريخ مفتوح يعطي المشاهد وثيقة إثبات للماضي، وكتاب حضاري يقرأه السائح والزائر عن تفاعل الإنسان في الحقب الماضية مع البيئة التي عاش فيها.. وعند بعض الدول تعد الآثار مصدر دخل وموردا اقتصاديا قوميا يدر العملات الصعبة لخزينة الدول، كما تنعش بورصة شركات الرحلات السياحية وتفتح آفاق الخدمات، كما أن الآثار في بعض الدول تعد مصدر رزق للأسر في المواقع الأثرية. تزهو بلادنا، ولله الحمد، بكثرة المواقع الأثرية التي تلعب دورا كبيرا في عوامل الجذب السياحي، حيث تقدر المواقع التاريخية والأثرية التي تحتضنها المملكة بحسب إحصاءات حديثة لهيئة السياحة والآثار بأكثر من 3000 موقع أثري تم كشفه طوال الحقب الماضية، ناهيك عن المواقع التي لم يتم فيها الحفر والتنقيب، لكن منقبين عشوائيين يعمدون إلى تخريب المواقع بجهل دون علم بحثا عن كنوز مزعومة وهو الأمر الذي تنبهت له الأنظمة ووضعت لها معالجات وعقوبات صارمة. وسيلة فريدة للتخاطب «عكاظ» فتحت ملف الآثار في بلادنا واقتربت من الخبراء والأثريين والعلماء للتنقيب عن مكنونات هذا الإرث الكبير وضرورات المحافظة عليه باعتباره مكتسبا وطنيا لا يمكن التفريط فيه.. وفي هذا يقول الخبير والمرشد السياحي خالد خفاجي: علم الآثار هو علم يختص بدراسة ما خلفته المجتمعات القديمة من آثار ونتائج تصور لنا واقع حياتهم، فمن خلاله نستطيع دراسة ثقافاتهم ومعرفة واقعهم، إذ لم تكن الكتابة ووسائل التعبير متاحة وقتذاك لتبقى الآثار هي وسيلة التخاطب الوحيدة فمن خلالها نستطيع معرفة ثقافات وصروح المجتمعات القديمة وبدونها لم نكن نعلم أي شيء عن من سبقونا ولا عن أي شيء يتعلق بحياتهم في الماضي وأنماط معيشتهم وحراكهم المجتمعي. خالد خفاجي يرى أن وجود الآثار يجعلنا نتفكر كيف كان تفكير هذه الشعوب ولماذا اتخذوا تلك الوسائل ولماذا شادوا وبنوا صروحهم بهذا الشكل .. كلها أسئلة مشروعة ومتاحة للجميع لذلك يبقى الحفاظ عليها حفاظا على شواهد تاريخية، فهذه الآثار شاهدة على تلك الشعوب بمختلف أوجهها لو أزيلت أزيل معها كل شيء يربطنا بالماضي وإعجازه. الخبير الخفاجي يرى الآثار إعجازا حين يتدبر المراقب في تأملها والتفكير فيها لم يكن لديهم في ذلك الزمن الغابر أدوات أو أجهزة مثل التي نملكها اليوم فكيف شادوا آثارهم وقلاعهم بمثل تلك الدقة والروعة حتى أصبحت محط فضول لنا ومثار أسئلة كثيرة بل إن كثيرا منها لم يفسر كيف حدث هذا.. وأكد الخفاجي على أهمية تدريب كوادر وطنية للتعامل مع تلك المواقع الأثرية من خلال دراسات مكثفة والاستعانة بكافة وسائل التكنولوجيا الحديثة. رسالة سامية للزوار في نفس الاتجاه يرى المشرف العام على أوقاف عين زبيدة العميد متقاعد توفيق جوهرجي، أنه من خلال الدراسات التي أجراها فريق العمل المختص بمشروع إعادة إعمار العين تركز الاتجاه على إزالة جميع التعديات على أراضي العين الممتدة من عرفات حتى منطقة العزيزية، وبحسب جوهرجي فإن عين زبيدة التي تعد أحد أقدم العيون المائية في الجزيرة العربية حظيت باهتمام بالغ وعناية فائقة من الجهات ذات الشأن وذلك من خلال مشروع إعادة إعمارها، إلى جانب المتابعة المستمرة لكافة أعمال الدراسات الميدانية للمشروع من قبل إمارة المنطقة. ويسلط الضوء عضو فريق العمل لمشروع إعادة إعمار عين زبيدة الدكتور عادل غباشي ويقول إن العين تعد من الآثار الإسلامية المهمة، وربما يكون الأول من حيث الأهمية نظرا لعمره الزمني الذي تجاوز 1200 عام، وأثره في إرواء سكان مكة وحجاج بيت الله الحرام بالماء أمر معلوم تحدثت عنه كتب التاريخ.. ويؤكد الدكتور غباشي على أهمية تأهيل الكوادر الوطنية والعمل الدؤوب في المحافظة على مكتسبات الوطن وإيصال رسالة سامية تتضمن توعية زوار المواقع الأثرية عن أهمية هذه المواقع وكيفية المحافظة عليها وكذلك التعرف على آثار الحضارات القديمة لشعوب الجزيرة العربية. مرشدون للصيانة والترميم الخبير في مجال الإرشاد السياحي خالد آل طوق يركز في حديثه على ضرورات تكثيف جوانب التوعية للمواطنين للمحافظة على هذه المواقع والحرص على صيانتها.. وعن العبث الذي يطالب بعض المواقع يرى آل طوق أن وراء ذلك قصص وروايات كذوبة وأخبار يتداولها العامة عن وجود كنوز مدفونة في هذه المواقع ما يدفع البسطاء إلى التنقيب الجائر لهثا وراء وهم الثراء السريع وكثيرا ما نرى الحسرة في عيون بعض السيّاح الأجانب وهم يرون العبث الذي يطال المواقع الأثرية التي نزورها بصحبتهم.. ويرحب آل طوق بفكرة مشاركة بعض المرشدين السياحيين لترميم المواقع تحت إشراف نخبة من علماء الآثار في المملكة.. معبرا عن ارتياحه الكبير عما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس هيئة السياحة والآثار في ملتقى التراث العمراني بالمدينة المنورة في ضرورة الحفاظ على المواقع الأثرية. عبث بالمعالم والعمران المرشد السياحي في محافظة العلا أحمد الإمام أفاد «عكاظ» أن هناك من يجهل قيمة هذه المواقع الأثرية أما جهلا منه أو سوء تقديرا لها، مضيفا أن هيئة السياحة والآثار قد عملت مؤخرا في صنع سياج يحفظ هذا الموروث التاريخي من الأيادي العابثة والمخربة التي تهدف إلى طمس معالمها ورحب بفكر إنشاء الأمن السياحي ليكون درعا واقيا لهذه الكنوز الثمينة على حد وصفه، كما رحب الإمام بفكرة تدريب كوادر وطنية للتعامل مع تلك الآثار والمواقع التاريخية لإعادة بريقها ورونقها للمواطنين والسياح على حدا سواء. من جانبه يرى عبدالله السويهري، مرشد سياحي، ضرورة تدريب كوادر وطنية للتعامل مع الآثار وهي خطوة يسعى إليها كل المهتمين بشأن الآثار والمواقع التاريخية، حيث تعج بلادنا الحبيبة بكثير من المواقع التي يجب أن يحافظ عليها مع فرض عقوبات صارمة بحق كل من يقدم على طمسها أو العبث بها، لافتا إلى أن هناك تجاوبا مع بعض الزوار في كيفية التعامل مع هذه المكتسبات التي لا تقدر بثمن. وأضاف السويهري أن المحافظة على تلك الآثار مطلب وطني وديني كي تبقى كما هي للأجيال القادمة. التنقيب دون ترخيص تجدر الإشارة إلى موافقة مجلس الوزراء في العام الماضي على منح نظام الهيئة العامة للسياحة والآثار اختصاص تقرير أثرية الآثار والتراث العمراني وتحديد ما يجب تسجيله منها.. ويترتب على تسجيل أثر ما إقرار الدولة بأهميته الوطنية أو التاريخية أو الثقافية أو الفنية، والمحافظة عليه وصيانته وعرضه. ويعد النظام جميع الآثار الثابتة والمنقولة الموجودة في المملكة أو في المناطق البحرية الخاضعة لسيادتها أو ولايتها القانونية ملكا من الأملاك العامة للدولة، باستثناء الآثار الثابتة التي يثبت أصحابها ملكيتهم لها، والآثار المنقولة التي سجلت من قبل مالكيها لدى الهيئة العامة للسياحة والآثار، والآثار المنقولة التي لا ترى الهيئة ضرورة لتسجيلها ويلزم النظام كل من يملك أثرا منقولا بعرضه على الهيئة لتسجيله خلال سنتين من تاريخ نفاذ النظام. ويعاقب النظام كل من تعدى على أثر أو موقع أثري أو موقع تراث عمراني أو مسح أو نقب عن الآثار دون ترخيص بالسجن لمدة لا تقل عن (شهر) ولا تزيد على (سنة) وبغرامة لا تقل عن (عشرة آلاف) ريال ولا تزيد على (مئة ألف) ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.